قالت المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة إنها ستصدر حكمها التاريخي يوم الجمعة في القضية المرفوعة ضد إسرائيل بشأن الإبادة الجماعية المزعومة في غزة، وهو حكم من المرجح أن تتم مراقبته عن كثب في جميع أنحاء العالم.
من الممكن أن تأمر محكمة العدل الدولية في لاهاي إسرائيل بوقف حملتها العسكرية في غزة، والتي أثارها الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأحالت جنوب أفريقيا إسرائيل إلى المحكمة، زاعمة أنها تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالإبادة الجماعية، الموقعة في عام 1948 كرد عالمي على المحرقة.
وتريد بريتوريا من محكمة العدل الدولية أن تصدر ما يسمى بـ “التدابير المؤقتة”، وهي أوامر طارئة لحماية الفلسطينيين في غزة من الانتهاكات المحتملة للاتفاقية.
والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية، التي تبت في النزاعات بين الدول، ملزمة قانونا ولا يمكن الطعن فيها.
ومع ذلك، فإن المحكمة لا تملك سوى القليل من السلطة لتنفيذ أحكامها – على سبيل المثال، أمرت روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا بعد شهر من بدايته، ولكن دون جدوى.
وقد ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفعل إلى أنه لن يشعر بأنه ملزم بأي أمر من محكمة العدل الدولية.
وقال في 14 كانون الثاني/يناير: “لن يوقفنا أحد – لا لاهاي، ولا محور الشر ولا أحد آخر”، في إشارة إلى جماعات “محور المقاومة” المتحالفة مع إيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
فالمحكمة تحكم فقط في طلب جنوب أفريقيا باتخاذ إجراءات طارئة، وليس في القضية الأساسية المتمثلة في ما إذا كانت إسرائيل قد ترتكب جريمة إبادة جماعية – الأمر الذي سيستغرق سنوات.
ومن شأن حكم محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل أن يزيد الضغط السياسي على البلاد، حيث يتوقع الكثيرون أنه يمكن أن يكون بمثابة ذريعة لفرض العقوبات.
واندلعت الحرب في غزة عندما شنت حماس هجومها غير المسبوق في 7 تشرين الأول/أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل نحو 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وقتل أكثر من 25700 فلسطيني، حوالي 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال الصغار والمراهقين، في قطاع غزة في القصف الإسرائيلي والهجوم البري منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لوزارة الصحة في حكومة حماس.
– “أعمال إبادة جماعية” –
يمكن لجنوب إفريقيا أن تقاضي إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية لأن كلا البلدين وقعا على اتفاقية الإبادة الجماعية ويجب تسوية الخلافات حول النص في المحكمة.
وفي شهادتها في القاعات الكبرى بقصر السلام، وهو عالم بعيد عن المعاناة في غزة وإسرائيل، أقرت بريتوريا “بثقل المسؤولية” في اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
لكن محامي جنوب أفريقيا زعموا أن حملة القصف الإسرائيلية تهدف إلى “تدمير الحياة الفلسطينية” ودفعت الشعب “إلى حافة المجاعة”.
وقالت المحامية عادلة هاشم: “لا يتم الإعلان عن عمليات الإبادة الجماعية مسبقًا أبدًا، لكن هذه المحكمة تستفيد من الأدلة التي تم الحصول عليها على مدى 13 أسبوعًا الماضية والتي تظهر بشكل لا يقبل الجدل نمطًا من السلوك والنوايا ذات الصلة التي تبرر ادعاء معقول بارتكاب أعمال إبادة جماعية”.
وردت إسرائيل بأنها لا تسعى إلى تدمير الشعب الفلسطيني ورفضت قضية جنوب أفريقيا ووصفتها بأنها “صورة واقعية وقانونية مشوهة بشدة”.
وقال المحامي تال بيكر إن “إسرائيل تخوض حرب دفاع ضد حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني”.
واختتم بيكر كلامه قائلاً: “في هذه الظروف، لا يمكن أن تكون هناك تهمة أكثر كذباً وحقداً من الادعاء ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية”.
ويُنظر إلى الحكم على أنه اختبار رئيسي للعدالة الدولية، وسيتم التدقيق فيه بشدة في جميع أنحاء العالم، حيث يصطف الحلفاء بالفعل على كلا الجانبين.
وقد رفضت الولايات المتحدة بالفعل قضية جنوب أفريقيا، وقالت ألمانيا إنها ستتدخل كطرف ثالث إلى جانب إسرائيل عندما تنظر المحكمة في قضية الإبادة الجماعية الأوسع.
وأثار بيان برلين توبيخا لاذعا من مستعمرة ناميبيا السابقة التي وصفت قضية بريتوريا بأنها “لائحة اتهام أخلاقية مستقيمة”.
وهاجم الرئيس الناميبي هيج جينجوب “عجز ألمانيا عن استخلاص الدروس من تاريخها المروع”.
