أزال رجال أنقاض الملاجئ المتفحمة وأنقذ الأطفال الطعام في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة يوم الاثنين بعد أن أحرقت غارة إسرائيلية مخيما للنازحين الفلسطينيين.
وقال محمد حمد (24 عاما) لوكالة فرانس برس في أعقاب الغارة التي أودت بحياة 45 شخصا على الأقل، إن “الناس لم يصابوا أو يقتلوا فحسب، بل تفحموا”.
وجاءت حصيلة القتلى من وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، والتي قالت أيضًا إن 249 شخصًا أصيبوا في الغارة.
وقال حمد: “كانت من بين الشهداء ابنة عمي، وهي طفلة لا يتجاوز عمرها 13 عاماً. لم يكن لها أي ملامح على الإطلاق لأن الشظايا مزقت وجهها”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته “قصفت مجمعا لحماس في رفح” مساء الأحد، مما أدى إلى مقتل اثنين من كبار مسؤولي الحركة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
وتسببت الغارة في نشوب حريق في المخيم الواقع في منطقة تل السلطان بمحافظة رفح، مما أدى إلى تحويل الخيام والملاجئ إلى رماد.
وأظهرت لقطات نشرتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مشاهد ليلية فوضوية لسيارات الإسعاف وهي تتجه إلى موقع الهجوم وتقوم بإجلاء الجرحى، ومن بينهم أطفال.
وبينما قام الفلسطينيون بإخلاء الموقع يوم الاثنين، لم يتبق سوى صفائح معدنية سوداء وألواح متفحمة، بعد أن تم طمس الملاجئ التي كانت تحتوي على الخيام.
“عندما تسقط هذه الصواريخ على برج هناك عشرات الشهداء، فكيف وهم خيام؟” رثى رجلاً يقال له حمد.
وقال شاهد عيان فلسطيني مهند لوكالة فرانس برس “عندما سمعنا صوت (الانفجار) أضاءت السماء فجأة”.
وقال مدير الدفاع المدني في غزة محمد المغير: “شاهدنا جثثا متفحمة وأطرافا ممزقة نتيجة استخدام الصواريخ (…) التي تسببت في حريق هائل”.
– “اهتزت الأرض بعنف” –
وقال المغير، الذي أشرف على مكافحة الحريق، اليوم الاثنين، إن “عمليات الإنقاذ والانتشال انتهت الليلة الماضية، فيما استمرت جهود إخماد الحريق لمدة 45 دقيقة”.
وقال إن مكافحة هذا الجحيم أصبحت أكثر صعوبة بسبب نقص الوقود والمياه.
وأضاف “كما رأينا حالات مبتوري الأطراف وجرحى من الأطفال والنساء وكبار السن بين القتلى”.
وأصيب الفلسطينيون النازحون الذين لجأوا إلى المنطقة بعد أن طلب منهم الإسرائيليون إخلاء منازلهم، بالصدمة عندما تم استهداف المخيم.
وقال أبو محمد الذي نزح من شمال غزة قبل خمسة أشهر لوكالة فرانس برس “لقد ألقوا منشورات تطالبنا بالذهاب إلى المنطقة الإنسانية في تل السلطان فامتثلنا وجئنا إلى هنا”.
وأضاف: “لكن بالأمس، عندما كنت أتناول العشاء عند غروب الشمس، شعرت فجأة وكأن زلزالا وقع، واهتزت الأرض بعنف”.
وقال محمد أبو قمر (27 عاما) إنه شعر بالحيرة أيضا من الغارات بعد أن انتقل هو الآخر من شمال غزة إلى المخيم الذي وصفته السلطات الإسرائيلية بأنه “منطقة آمنة”.
وقال لوكالة فرانس برس الاثنين: “مساء أمس، ولدهشتنا، تعرض المعسكر للقصف بالصواريخ في هذا المكان الذي يفترض أنه آمن”.
“اندلع حريق واحترق الأطفال والنساء والشيوخ”.
وفي عيادة تل السلطان، كانت أكياس الجثث ذات الأغطية البيضاء ملقاة على أرضية إحدى الغرف قبل نقل الموتى لدفنهم في شاحنات صغيرة.
وقال رجل لم يكشف عن اسمه في عيادة امرأة قتلت في الحادث “كانت حاملا في شهرها السابع… قصفت غرفتها”.
“كانت تستعد لاستقبال مولودها الجديد. ماذا فعلت هذه الطفلة البريئة لتستحق هذا؟” سأل.
قالت الحكومة الإسرائيلية يوم الاثنين إنها تبحث في التأثير “الخطير والمروع” على المدنيين الفلسطينيين جراء غارة الليلة السابقة.
وقال الجيش إنه بدأ تحقيقا.
وبدأت حرب غزة بعد هجوم نفذته حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأدى الهجوم الانتقامي الإسرائيلي إلى مقتل ما لا يقل عن 36050 شخصًا في غزة، معظمهم من المدنيين، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.
