الجزائر العاصمة
ذكر بيان صادر عن مكتب الرئيس أن الجزائر ستجري انتخابات رئاسية مبكرة في سبتمبر المقبل، قبل ثلاثة أشهر من الموعد المحدد لها، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وجاء في البيان الصادر عقب اجتماع ترأسه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وحضره النواب ورئيس أركان الجيش: “تقرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 7 سبتمبر 2024”.
ولم يتضح سبب اختيار تبون تقديم موعد الاقتراع. وأثار قراره تساؤلات حول نيته خاصة أنه لم يوضح ما إذا كان سيسعى لولاية ثانية في منصبه.
وأثار الإعلان تكهنات حول رغبة محتملة من جانبه في ترك منصبه قبل الموعد المحدد لأسباب صحية.
تم انتخاب تبون، الذي سيبلغ من العمر 79 عامًا في نوفمبر، في ديسمبر 2019، بعد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت في فبراير من ذلك العام والتي أجبرت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على التنحي.
وكان الرئيس الحالي، الذي كان من المقرر أن تنتهي فترة ولايته البالغة خمس سنوات في ديسمبر، قد حصل على 58% من نسبة المشاركة المنخفضة في التصويت في عام 2019.
وكان رئيسًا للوزراء سابقًا في عهد بوتفليقة، وتوفي في سبتمبر 2021.
وبعد تنحي بوتفليقة، استمرت المظاهرات التي قادتها حركة الحراك الاحتجاجية في الدفع باتجاه إصلاحات عميقة في الجزائر الغنية بالمواد الهيدروكربونية.
لكن الحركة تضاءلت عندما ضرب جائحة الفيروس التاجي.
وحظرت حكومة تبون في وقت لاحق مظاهرات الحراك وكثفت الإجراءات القانونية ضد المعارضين والناشطين والصحفيين والأكاديميين.
ولم تتقدم سوى زبيدة عسول من حزب الاتحاد من أجل التغيير والتقدم لتحدي تبون كمرشح للرئاسة.
وعسول، وهي محامية تبلغ من العمر 67 عاماً، اشتهرت بالدفاع عن السجناء السياسيين، قالت قبل ثلاثة أسابيع في إعلانها ترشحها لأنها شعرت “بالثقة في إمكانية تغيير مسار الأمور”.
وتواجه البلاد التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة تحديات سياسية واقتصادية متزايدة. ولا يزال الإنفاق الحكومي والاقتصاد الأوسع يعتمدان بشكل كبير على النفط والغاز، في حين لا يزال التضخم والبطالة ونقص الغذاء يبتلي اقتصادها، على الرغم من الزيادة الكبيرة في عائدات الغاز الطبيعي التي تمتعت بها في بداية الحرب في أوكرانيا.
وتواجه البلاد أيضًا ضغوطًا إقليمية بعد توتر العلاقات مع جيرانها الجنوبيين. وواجهت الجزائر أزمات متتالية مع مالي والنيجر وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما تآكلت علاقات الجزائر مع مالي بشكل خطير بعد أن أخذت باماكو زمام المبادرة في إلغاء اتفاق السلام والمصالحة الذي رعته الجزائر في عام 2015، بينما اتهمت الجزائر بـ “التدخل في شؤونها الداخلية ورعاية المنظمات الإرهابية”.
وقبل ذلك، واجهت الجزائر أزمة مع النيجر بعد أن رفض نيامي محاولة وساطة جزائرية بين المجلس العسكري الحاكم في النيجر والرئيس السابق محمد بازوم.
كما تشعر الجزائر بالقلق من المبادرة الأطلسية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس والتي تتيح لدول غرب إفريقيا الوصول بسهولة إلى المحيط الأطلسي.
وقال الخبير السياسي محمد العربي العياري إن “الجزائر تريد كسر عزلتها الجيوسياسية من خلال الشراكة مع تونس وليبيا”.
لا يزال يتعين على النظام في الجزائر العاصمة أن يأخذ في الاعتبار الانتقادات الخارجية لسياسات حقوق الإنسان.
وفي فبراير/شباط، قالت منظمة العفو الدولية، وهي منظمة مراقبة حقوق الإنسان، إنه بعد مرور خمس سنوات على اندلاع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، لا تزال السلطات الجزائرية تقمع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وفي تقرير يستند إلى شهادات المعتقلين وعائلاتهم والمحامين، قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات الجزائرية “صعدت قمعها للمعارضة السلمية” منذ انتهاء الحراك أوائل عام 2020 بسبب جائحة كوفيد وحظر الاحتجاجات.
وقالت هبة مرايف، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إنها لمأساة أنه بعد مرور خمس سنوات على نزول الجزائريين الشجعان إلى الشوارع بأعداد كبيرة للمطالبة بالتغيير السياسي والإصلاحات، تواصل السلطات شن حملة قمع مروعة”.
وقالت المنظمة الحقوقية، ومقرها لندن، إن مئات الأشخاص اعتقلوا واحتجزوا بشكل تعسفي، وأن العشرات من المتظاهرين السلميين والصحفيين والناشطين ما زالوا يقبعون خلف القضبان.
ودعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين.
تحتل الجزائر المرتبة 136 من أصل 180 دولة ومنطقة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود.
