شنت السلطات السورية الجديدة عملية في معقل الرئيس المخلوع بشار الأسد، اليوم الخميس، حيث قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ثلاثة مسلحين تابعين للحكومة السابقة قتلوا.
وفر الأسد من سوريا بعد هجوم قاده الإسلاميون وانتزع السيطرة عليه مدينة تلو الأخرى حتى سقوط دمشق في الثامن من ديسمبر كانون الأول منهيا حكم عشيرته الذي استمر خمسة عقود وأكثر من 13 عاما من الحرب الأهلية.
يواجه قادة سوريا الجدد من جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية مهمة ضخمة تتمثل في حماية الدولة المتعددة الطوائف والأعراق من المزيد من الانهيار.
وقد خففت هيئة تحرير الشام، المتجذرة في فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وهي جماعة جهادية إسلامية سنية، من خطابها وتعهدت بضمان حماية الأقليات، بما في ذلك الطائفة العلوية التي ينحدر منها الأسد.
ومع مقتل 500 ألف شخص في الحرب – التي أشعلتها حملة القمع التي شنها الأسد على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية – وأكثر من 100 ألف مفقود، تعهدت السلطات الجديدة أيضًا بتحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات في عهد الحاكم المخلوع.
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) يوم الخميس إن قوات الأمن شنت عملية ضد الميليشيات الموالية للأسد في محافظة طرطوس الغربية “لتحييد عدد معين” من المسلحين.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل ثلاثة مسلحين مرتبطين بحكومة الأسد في العملية.
ويأتي ذلك بعد يوم من مقتل 14 عنصرا أمنيا من السلطات الجديدة وثلاثة مسلحين في اشتباكات في نفس المحافظة عندما حاولت القوات اعتقال ضابط من عهد الأسد، بحسب المرصد.
وقال المرصد ومقره بريطانيا إن المطلوب محمد كنجو حسن “كان يشغل منصب مدير دائرة القضاء العسكري ورئيس المحكمة الميدانية” في مجمع سجون صيدنايا سيء السمعة.
وقالت إنه “أصدر أحكاما بالإعدام وأحكاما تعسفية بحق آلاف السجناء”.
– كراهية أم انتقام –
كان مجمع صيدنايا، موقع الإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب والاختفاء القسري، يجسد الفظائع المرتكبة ضد معارضي الأسد.
ولا يزال مصير عشرات الآلاف من السجناء والمفقودين أحد أكثر تركات حكمه ترويعاً.
خلال الهجوم الذي أدى إلى الإطاحة بالأسد، فتح المتمردون أبواب السجون ومراكز الاعتقال في جميع أنحاء البلاد، مما سمح لآلاف الأشخاص بالخروج.
وفي وسط دمشق، علق أقارب بعض المفقودين ملصقات لأحبائهم، على أمل أن يعرفوا ذات يوم ما حدث لهم بعد الإطاحة بالأسد.
ودعت القوى العالمية والمنظمات الدولية إلى الإسراع بإنشاء آليات للمحاسبة.
لكن بعض أفراد الطائفة العلوية يخشون أنه مع رحيل الأسد، قد يتعرضون لخطر مواجهة هجمات من مجموعات متعطشة للانتقام، أو مدفوعة بالكراهية الطائفية.
واندلعت احتجاجات غاضبة يوم الأربعاء في عدة مناطق في أنحاء سوريا، بما في ذلك مدينة القرداحة، مسقط رأس الأسد، بسبب مقطع فيديو يظهر هجومًا على مزار علوي انتشر على الإنترنت.
وقال المرصد إن متظاهرا قتل وأصيب خمسة آخرون “بعد أن فتحت قوات الأمن النار لتفريق” الحشد في مدينة حمص وسط البلاد.
– “نريد السلام” –
وقالت السلطات الانتقالية المعينة من قبل هيئة تحرير الشام، في بيان، إن الهجوم على المقام ليس حديثاً، ويعود تاريخه إلى “زمن تحرير” مدينة حلب شمالي سوريا أوائل الشهر الجاري.
وقالت وزارة الداخلية إن الهجوم نفذته “مجموعات مجهولة” وأن “إعادة نشر” الفيديو يؤدي إلى “إثارة الفتنة بين الشعب السوري في هذه المرحلة الحساسة”.
وأظهرت صور من مدينة جبلة الساحلية شمال طرطوس حشودا كبيرة في الشوارع وبعضها يردد شعارات من بينها “علويون سنيون نريد السلام”.
وقال المتظاهر علي داود: “نطالب بمحاسبة من هاجموا الضريح”.
وقال المرصد إن الاحتجاجات اندلعت بعد أن بدأ تداول مقطع فيديو يوم الأربعاء يظهر “هجوما شنه مقاتلون” على مزار علوي مهم في منطقة ميسلون في مدينة حلب الثانية في سوريا.
وأضافت أن خمسة عمال قتلوا وأن الضريح اشتعلت فيه النيران.
لقد قدم الأسد نفسه منذ فترة طويلة على أنه حامي الأقليات في سوريا ذات الأغلبية السنية.
وفي مدينة اللاذقية، استنكرت المتظاهرة غدك مية (30 عاما) “الانتهاكات” بحق الطائفة العلوية.
وأضاف “في الوقت الحالي… نستمع إلى دعوات الهدوء”، محذرا من أن الضغط الزائد على المجتمع “يهدد بالانفجار”.
ويقدر فابريس بالانش، خبير شؤون الشرق الأوسط من جامعة لوميير ليون 2 الفرنسية، أعداد الطائفة العلوية بحوالي 1.7 مليون، أو حوالي تسعة بالمائة من السكان السوريين.
وقال “العلويون كانوا قريبين جدا من نظام بشار”. “إن ارتباطهم بالنظام يهدد بإثارة انتقام جماعي ضدهم – بل وأكثر من ذلك لأن الإسلاميين يعتبرونهم زنادقة”.
