الرياض، المملكة العربية السعودية
كشفت المملكة العربية السعودية عن ميزانيتها لعام 2026 يوم الثلاثاء، وتوقعت عجزًا قدره 165 مليار ريال (44 مليار دولار) في الوقت الذي تمضي فيه المملكة في حملة إنفاق طموحة لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط.
يشرف أكبر اقتصاد في العالم العربي على حملة كبيرة لتقليص اعتماده على عائدات النفط، حيث يضخ المسؤولون المليارات في مشاريع لجذب الاستثمار والسياحة.
قطعت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أكثر من نصف الطريق في خطة رؤية 2030 للتحول الاقتصادي. وتدعو الاستراتيجية، التي قدمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي في عام 2016، إلى ضخ مئات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الحكومية لإبعاد اقتصاد المملكة عن اعتماده على عائدات النفط والغاز.
وفقًا للموازنة، سيمثل عام 2026 بداية “المرحلة الثالثة” من رؤية 2030، مما يشير إلى تحول في التركيز من إطلاق الإصلاحات الاقتصادية إلى تعظيم تأثيرها.
ووصف ولي العهد المرحلة الجديدة بأنها “تسريع وتيرة التقدم وزيادة فرص النمو لتحقيق تأثير مستدام بعد عام 2030”، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
ويأتي التغيير في اللهجة في الوقت الذي تتحرك فيه الرياض لإعادة تركيز صندوق الثروة السيادية البالغ حجمه 925 مليار دولار بعيدًا عن المشاريع العقارية الضخمة المتأخرة نحو قطاعات تشمل الخدمات اللوجستية والمعادن والذكاء الاصطناعي والسياحة الدينية.
وللمساعدة في تحقيق هذا الهدف في العام المقبل، قالت الوزارة إن الميزانية العامة للدولة لعام 2026 ستبلغ إجمالي النفقات 1.313 تريليون ريال (350.1 مليار دولار) وإجمالي الإيرادات 1.147 تريليون ريال (305.8 مليار دولار).
ويصل العجز المتوقع إلى 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل من العجز البالغ 245 مليار ريال المقدر لعام 2025، أي ما يعادل 5.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب وزارة المالية.
وتوقعت الوزارة أيضًا أن ينمو الاقتصاد بنسبة 4.6 بالمئة في عام 2026.
وفي سبتمبر/أيلول، توقعت المملكة العربية السعودية أن يزيد عجزها في عام 2025 عن ضعف التقديرات السابقة، بسبب انخفاض عائدات النفط والإنفاق الأعلى من المتوقع.
وقبيل الموافقة الرسمية على الميزانية، دافع وزير المالية السعودي محمد الجدعان عن الخطة المالية الأخيرة للحكومة.
وقال الوزير في مؤتمر صحفي قبل نشر الميزانية: “إن المستوى الحالي للعجز هو خيار سياسي”.
“نحن بحاجة إلى الاستثمار في اقتصادنا، وطالما أن العائد من هذه الاستثمارات أعلى من تكلفة الدين، فسوف نستمر في هذا الدافع”.
وقال الجدعان لرويترز قبل إصدار الميزانية: “كان مستوى إنفاقنا في دورات الميزانية الثلاث الأخيرة ثابتا، لكن الأمر الآن يتعلق بما ننفق عليه، وليس بحجم إنفاقنا”.
ومع ذلك، تضمنت الميزانية بعض الأهداف المحددة لهذا التركيز الجديد، بخلاف تحديد هدف لأكثر من 20 مليون زائر من الخارج لأداء العمرة في مكة في عام 2026، وهي زيادة حادة من 15 مليون حاج متوقع هذا العام.
وقال الجدعان في مؤتمر صحفي يوم الاثنين “هذا عجز حسب التصميم”. “نحن، من خلال اختيار السياسة، سيكون لدينا عجز حتى (20) 28.”
وأضاف الجدعان أن الحكومة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة في البلاد الذي تبلغ قيمته حوالي تريليون دولار خضعا لمراجعة أولويات المشروع والإنفاق.
وقال إن بعض المطالب التي بدت مفرطة في الطموح من حيث الإطار الزمني أو الاستثمار تم تقليصها إلى أهداف أكثر منطقية.
وفي خروج عن حزمة الإنفاق لهذا العام، لم تذكر ميزانية 2026 مشاريع عملاقة محددة مثل نيوم أو منتجع جزيرة سندالة.
وقال الجدعان إن صندوق الاستثمارات العامة، مثل وزارة المالية، يتأكد من إعادة معايرة الخطط الأولية للمشروعات لضمان أنها تقدم ما هو من المفترض أن تقدمه.
وسيراقب خبراء صناعة الطاقة أرقام الميزانية عن كثب، على أمل الحصول على رؤى حول الاتجاه الذي تتوقع المملكة العربية السعودية أن تتجه إليه عائدات النفط في المستقبل القريب.
ولا تزال إيرادات المملكة تعتمد بشكل كبير على صادراتها النفطية.
وقد أثر استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي ووفرة المعروض على السوق طوال معظم العام، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط الخام.
وتراوحت أسعار النفط الخام في نطاق 60 إلى 70 دولارًا للبرميل في الولايات المتحدة والأسواق الدولية، بانخفاض حوالي 10 دولارات عن فترة 2024.
وساعدت القضايا الجيوسياسية، بما في ذلك العقوبات الأمريكية التي استهدفت شركات الطاقة الروسية في أكتوبر، على منع الأسعار من الانخفاض بشكل أكبر.
وقال روبرت موجيلنيكي من معهد دول الخليج العربية في واشنطن: “سيرغب السعوديون في تحقيق التوازن بين إرسال إشارات إنفاق قوية ولكن واقعية. وستخيم بيئة أسعار النفط بشكل كبير على هذا التوازن الحاسم”.
يشرف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على خطة رؤية المملكة 2030 التي شهدت إنفاق المليارات على الترفيه والسياحة والرياضة وحتى الذكاء الاصطناعي في محاولة لتوسيع اقتصاد المملكة العربية السعودية.
ومن بين “المشاريع العملاقة” السعودية مدينة نيوم، وهي مدينة مستقبلية جديدة بقيمة 500 مليار دولار، والتي يقال إنها تعاني من مشاكل لا تعد ولا تحصى.