في قرية صغيرة في جبال كردستان العراق، تزين الألواح الشمسية معظم المنازل، كجزء من جهد صغير ولكن متزايد لتسخير طاقة الشمس في العراق، حيث تندر الكهرباء.
وقال دانيار عبد الله، 33 عاماً، أحد سكان هزار ميرد، الذي تحول إلى استخدام الطاقة الشمسية ولم ينظر إلى الوراء: “تغطي الطاقة الشمسية جميع احتياجاتنا: الثلاجة والتلفزيون ومبرد الهواء والغسالة والمكنسة الكهربائية”.
وقال والد لطفلين، الذي أنفق 2800 دولار في عام 2018 لتركيب الألواح الكهروضوئية لمنزل عائلته: “لقد ساعدنا ذلك كثيراً”.
وعلى الرغم من ثروته النفطية الهائلة، يكافح العراق لتوفير ما يكفي من الكهرباء لسكانه البالغ عددهم 43 مليون نسمة بعد عقود من الصراع والعقوبات، فضلا عن الفساد المستشري والبنية التحتية المتداعية.
وعلى الرغم من أن العراق ينعم بأشعة الشمس أكثر من معظم البلدان الأخرى، فقد ثبت أنه من الصعب فصل اقتصاد العراق عن الوقود الأحفوري – وهو أحد موضوعات محادثات المناخ المقبلة COP28 في دبي.
وعلى الرغم من أنها تتلقى ثلث احتياجاتها من الطاقة من إيران المجاورة، إلا أنها لا تزال تعاني من انقطاع التيار الكهربائي يوميًا، وهو ما يتفاقم في أشهر الصيف الحارة عندما تقترب درجات الحرارة من 50 درجة مئوية (120 فهرنهايت).
يبدو الصمت الهادئ الذي يسود منطقة هزار ميرد مذهلاً في بلد يتواجد فيه دائمًا هدير المولدات الكبيرة المستخدمة لتوفير الطاقة الاحتياطية.
وقال عبد الله الذي يعمل جنديا في القوات الكردية المحلية “في السابق، كان لدينا مولد يتعطل طوال الوقت” للتغلب على انقطاع التيار الكهربائي الذي يمكن أن يستمر أحيانا 12 أو 13 ساعة يوميا.
وسرعان ما حذا العديد من الأصدقاء حذوه، والآن أصبح 17 منزلاً من أصل 25 في قريته يفتخر بألواح الطاقة الشمسية.
– الوقود الأحفوري يهيمن –
ومع ذلك، على الصعيد الوطني، لا يزال استخدام الطاقة الشمسية نادرا.
وقال سيروان محمود، المتحدث باسم دائرة الكهرباء في المحافظة، إن 500 أسرة فقط من أصل 600 ألف أسرة في السليمانية المجاورة، ثاني أكبر مدينة في المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال العراق، مجهزة بألواح شمسية.
وأشار إلى أن الطاقة الشمسية شهدت “تقدما سريعا”، بعد أن اعتمد برلمان المنطقة حوافز في عام 2021 لتعويض الأسر عن أي فائض في الكهرباء يولدونه.
وأضاف أن المنطقة تستهدف بناء ثلاث محطات تجارية للطاقة الشمسية بقدرة إجمالية تبلغ 75 ميجاوات.
لكن ذلك لن يمثل سوى دفعة صغيرة للـ 24 ألف ميجاوات التي تنتجها محطات الطاقة العراقية.
ولإنهاء انقطاع التيار الكهربائي، ستحتاج البلاد إلى إنتاج ما لا يقل عن 32 ألف ميجاوات.
على الرغم من إمكاناتها الهائلة، لا تزال الطاقة المتجددة غير مستخدمة بالقدر الكافي في العراق، على الرغم من تعرضها لأكثر من 3000 ساعة من ضوء الشمس خلال 8760 ساعة في السنة.
وقال علي الصفار، مدير المناخ في مؤسسة روكفلر ومقرها نيويورك، إن “أسوأ موقع للطاقة الشمسية في العراق لديه موارد تزيد بنحو الثلثين عن أفضل موقع في ألمانيا”.
وأبرز تقرير حديث للبنك الدولي أن أكثر من 98 بالمائة من الكهرباء في العراق لا تزال يتم توليدها من الوقود الأحفوري.
وتقول السلطات إنها تهدف إلى تسخير الطاقة الخضراء لتلبية ثلث احتياجات البلاد بحلول عام 2030. ولكن على الرغم من الإعلان عن العديد من المشاريع الكبرى وسط ضجة كبيرة، إلا أن ذلك لم يتحقق بعد.
تقول شركة TotalEnergies إنها تأمل في تسليم “المرحلة الأولى” من محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1000 ميجاوات في غضون عامين.
وفي عام 2021، وقعت بغداد اتفاقية مع شركة مصدر الإماراتية لبناء خمس محطات للطاقة الشمسية بقدرة إجمالية تبلغ 1000 ميجاوات.
– “غياب الثقافة الشمسية” –
ولتشجيع الطاقة المتجددة، أعلن البنك المركزي العراقي في عام 2022 عن تخصيص 750 مليون دولار في شكل قروض بدون فوائد تقريبًا للأفراد والشركات الخاصة التي تعتمد الطاقة الشمسية.
لكن المبادرة “متعثرة بسبب عدم تعاون البنوك”، بحسب محمد الدليمي، الخبير في مجال الطاقات المتجددة.
وقال علي العامري، المدير التنفيذي لشركة سولار إنيرجي يونيفيرس، التي تقوم بتركيب البنية التحتية للطاقة الشمسية، إن العراق يفتقر إلى “ثقافة الطاقة الشمسية”.
ومع ذلك، قال إن المزيد من الناس يتجهون هذا العام إلى الطاقة الشمسية، حيث قامت شركته بتركيب الألواح الكهروضوئية في حوالي عشرة مواقع.
وقال “الأسعار تبدأ من 4500 دولار ويمكن أن تصل إلى 6000 دولار”.
ومن بين عملائه أكاديميون وأطباء، وأيضًا وكالات إنسانية ومزارعون.
ومنذ عام 2020، قام بتركيب الألواح على 70 مبنى، معظمها منازل، في بغداد ومحافظة الأنبار المجاورة والجنوب.
وأضاف أنه على الرغم من التقدم البطيء، فإن إمكانات العراق من الطاقة الشمسية يمكن أن تكون “فرصة لحل مشكلة النقص المزمن في الكهرباء بشكل نهائي”.
