بغداد
احتفلت بغداد بانتصار كبير للتراث الثقافي يوم الاثنين حيث صادرت السلطات البريطانية 185 قطعة أثرية من أصل عراقي، مما يمثل علامة فارقة في جهود العراق المستمرة منذ فترة طويلة لاستعادة الكنوز المنهوبة من مواقعه القديمة.
وقال وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني، أثناء إعلانه عن مصادرة القطع الأثرية خلال المؤتمر العلمي الثامن في بغداد، إن الخبراء العراقيين أكدوا مصدر القطع الأثرية بعد أن نبههم الملحق الثقافي العراقي في لندن. وقال: “إن الحضارة العظيمة التي بناها أجدادنا لا تزال شامخة أمامنا اليوم. نحن نفخر بتراثنا وإنجازات أجدادنا، لذلك لن نسمح للصوص بسرقة آثارنا أو التعدي عليها”.
منذ عمليات النهب واسعة النطاق التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، تناثرت كنوز العراق الثقافية في جميع أنحاء العالم. أدى نهب المتحف الوطني العراقي وعدد لا يحصى من المواقع الأثرية إلى إطلاق حملة بحث دولية عن القطع الأثرية المسروقة من بلاد ما بين النهرين.
على مدى العقدين الماضيين، نجح العراق في استعادة أكثر من 40 ألف قطعة مهربة، بما في ذلك 17 ألف قطعة من الولايات المتحدة، وذلك بفضل الجهود الدبلوماسية والتدقيق المشدد لسوق الفن الدولي. ومع ذلك، لا يزال المتاجرون بعيدين المنال، ولا تزال العديد من القطع الأثرية متداولة في مجموعات خاصة.
وتؤكد عملية الضبط الأخيرة في المملكة المتحدة أهمية التعاون بين العراق والسلطات الخارجية. وشدد البدراني على أن وزارة الثقافة تواصل إعادة بناء مخزون المتاحف وحماية مواقع التنقيب التي لا تزال عرضة للسرقة. وقال: “نشكر كل من يساهم في حماية آثار وتراث العراق، ومن يعمل على منع إساءة استخدامها”.
وأشار نائب وزير الثقافة قاسم طاهر السوداني إلى الأهمية الأوسع للمؤتمر، الذي عقد في سياق اختيار بغداد عاصمة السياحة العربية لعام 2025. وقال إن الحدث سيخرج بتوصيات قابلة للتنفيذ للحفاظ على الطابع المعماري للمدينة وإعادة تأهيل المباني التاريخية، وربط جهود الحفاظ على التراث الثقافي في العراق بطموحاته السياحية.
وتكبدت آثار العراق المزيد من الخسائر خلال احتلال داعش عام 2014، عندما نهب المسلحون المتاحف والمواقع الأثرية في شمال وغرب البلاد. وفي السنوات الأخيرة، تكثفت الجهود لاستعادة القطع الأثرية المسروقة. أعيد افتتاح المتحف الوطني في مارس 2022، ليعرض قطعًا تم استردادها من إيطاليا واليابان ولبنان وهولندا.
وقد جاءت معظم المبالغ المستردة من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، مما يعكس الالتزام الدولي المتزايد بحماية التراث العراقي. وتسلط مصادرة القطع الأثرية البالغ عددها 185 قطعة الضوء على الجهود العالمية المستمرة لإعادة كنوز العراق إلى وطنه، وحماية تراث إحدى أقدم الحضارات في العالم.