زنيبار، اليمن
شن المجلس الانتقالي الجنوبي، الحركة الانفصالية الداعية لانفصال جنوب اليمن عن شماله، عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة أبين الساحلية شرق العاصمة المؤقتة عدن.
وتهدف الحملة، التي أطلق عليها اسم عملية الحزم، رسميًا إلى استهداف خلايا تنظيم القاعدة، على عكس الهجمات الأخيرة التي شنها المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، والتي ركزت على الاستيلاء على الأراضي من القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
ومع ذلك، يرى المحللون والنقاد أنه لا يمكن النظر إلى عملية أبين بمعزل عن غيرها. ويرون أن ذلك جزء من نمط أوسع من المناورات العسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي التي أججت التوترات المحلية والإقليمية، وأثارت اتهامات بارتكاب انتهاكات مدنية وحكومية واسعة النطاق وشكلت تهديدًا كبيرًا لتماسك الحكومة اليمنية وشرعية سلطتها.
ويشير المراقبون إلى أن العملية الحاسمة تخدم أغراضا مزدوجة. الأول هو تعزيز صورة المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة لمكافحة الإرهاب، لا سيما في أبين، حيث تم تنفيذ حملته السابقة ضد تنظيم القاعدة تحت راية سهام الشرقية. والثاني هو جهود العلاقات العامة لتلميع سمعة المجلس الانتقالي الجنوبي، التي شوهتها مزاعم الانتهاكات ضد المواطنين اليمنيين.
منذ تشكيله، استغل المجلس الانتقالي الجنوبي القتال ضد الحوثيين والمنظمات الإرهابية لتبرير بناء ما يشبه قوة عسكرية منظمة، وجذب التمويل والأسلحة التي سمحت له بتوسيع سيطرته بسرعة على حضرموت والمهرة ومحافظات أخرى. كما قدمت الحملة ضد تنظيم القاعدة ذريعة للمجلس الانتقالي الجنوبي للاستيلاء على مناطق استراتيجية مثل لحج والضالع وأبين وشبوة الغنية بالنفط، وتحويل الهدف الأمني إلى محاولة لتأمين قاعدة إقليمية لدولة مستقلة محتملة، والتي يتصورها المجلس باسم “الجنوب العربي المستقل”.
وفي بيان له، وصف المجلس الانتقالي الجنوبي عملية الحزم بأنها استمرار لحملته السابقة، مؤكدا أن الهجوم يستجيب لتهديدات كل من الحوثيين وتنظيم القاعدة. ودعا البيان السكان المحليين، وخاصة القبائل والمجتمعات المحلية في أبين، إلى دعم العملية ووحداتها العسكرية، واصفا إياها بأنها “جهد تحرير شامل وحاسم” يهدف إلى القضاء على الإرهاب في جميع أنحاء جنوب اليمن.
وقد أثارت هذه الخطوة انتقادات حادة من الجهات الفاعلة الإقليمية والسلطات اليمنية المعترف بها دولياً. وقد دفع التقدم السابق الذي حققه المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة إلى التدخل العاجل من قبل المملكة العربية السعودية، الداعم الرئيسي للحكومة اليمنية، لدفع المجلس إلى سحب قواته. وأكد المسؤولون السعوديون، بمن فيهم المبعوث محمد القحطاني، موقف المملكة بأن هذه المحافظات يجب أن تظل خالية من الصراع المسلح وشددوا على دعم قوات الأمن المحلية مثل الحرس الوطني للحفاظ على النظام.
في غضون ذلك، ندد رئيس المجلس القيادي الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بالتصرفات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي، واتهمه بانتهاك القانون وتقويض الاتفاقيات وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وأصدر تعليماته للسلطات المحلية بإعادة تأكيد سيطرتها على الأمن والإدارة العامة، وحذر من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية. وشدد العليمي أيضًا على أن صندوق النقد الدولي قد علق بالفعل أنشطته الرئيسية استجابةً لعدم الاستقرار.
ومن جانبه، ينفي المجلس الانتقالي الجنوبي أي سوء سلوك. ونفى المتحدث باسمها محمد النقيب هذه المزاعم ووصفها بأنها “ادعاءات كاذبة” واتهم الحكومة وشبكات الدعاية الإرهابية، بما في ذلك قوات الحوثيين والإخوان المسلمين، بالسعي لتقويض الإنجازات العسكرية الجنوبية.
وينسب المجلس الانتقالي الفضل إلى حملاته، بما في ذلك عملية المستقبل الواعد في حضرموت، في عرقلة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، وتطهير العناصر الإرهابية من المناطق الاستراتيجية وتحييد التهديدات لجنوب اليمن.
ويسلط هذا التصعيد الجديد الضوء على هشاشة المشهد الأمني والسياسي في جنوب اليمن، حيث تتقاطع الطموحات الانفصالية وعمليات مكافحة الإرهاب والتدخلات الإقليمية. وفي حين يقدم المجلس الانتقالي الجنوبي أفعاله على أنها تدابير لتحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب، فإن السياق الأوسع يكشف عن صراع عالي المخاطر على السيطرة على الأراضي والشرعية والنفوذ، مع ما يترتب على ذلك من آثار على الجهات الفاعلة الإقليمية مثل المملكة العربية السعودية والبيئة الأمنية الخليجية الأوسع.