الرباط
قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، إن العام الجاري يمثل لحظة مفصلية في الجهود المبذولة لتوسيع الشراكة بين الرباط ونواكشوط، معلنا أن الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية ستنعقد في العاصمة الموريتانية قبل نهاية العام. وقال إن هذه الخطوة تعكس التزاما مشتركا ببناء تعاون استراتيجي طويل الأجل يستجيب للديناميكيات الإقليمية المتغيرة بسرعة.
ويقول مراقبون إن العلاقات بين المغرب وموريتانيا تدخل مرحلة جديدة تحددها إعادة التموضع الإقليمي وتعميق التنسيق الأمني والاقتصادي والمشاركة المشتركة في مشاريع استراتيجية كبرى مثل المبادرة الأطلسية وخط أنابيب الغاز. وتشير هذه التطورات مجتمعة إلى إرادة سياسية مشتركة لتشكيل مجال مغاربي أفريقي أكثر استقرارا وترابطا.
وتؤكد الحكومة المغربية والمسؤولون الدبلوماسيون أن الرباط تنظر إلى نواكشوط كشريك جدير بالثقة، مشيرين إلى أن التكامل بين اقتصاداتهم يحمل القدرة على توليد قيمة مضافة ومنفعة متبادلة. ويدعوا إلى الاستفادة من القرب الجغرافي والثقة القائمة بالفعل بين الجهات الاقتصادية الفاعلة في كلا البلدين لتعزيز التعاون المستدام القائم على التضامن، والتأكيد على الحاجة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية نحو شراكات إنتاجية من خلال المشاريع المشتركة في القطاعات الاستراتيجية.
وقال لحسن عقارتيت، الباحث في العلاقات الدولية: “إننا نشهد لحظة حاسمة في العلاقات بين المغرب وموريتانيا”. وفي حديثه لصحيفة هسبريس المحلية، أضاف أنه على الرغم من أن الجغرافيا والتاريخ يقترحان تقليديا وجود جسور قوية بين البلدين، إلا أن العلاقة تشكلت منذ فترة طويلة من خلال الحقائق الجيوسياسية الأوسع في المنطقة والنزاع التاريخي حول الصحراء الغربية.
وقال إن السياسة التي سعت ذات يوم إلى الحفاظ على موقف متوازن بين المغرب والجزائر “تشهد الآن تغييرا أو تحولا جديدا”. وأضاف: “يمكننا أن نتحدث بوضوح عن تحول استراتيجي في مقاربة موريتانيا تجاه النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وفي إعادة تموضعها تجاه هذا النزاع من جهة، وتجاه الفاعلين الإقليميين من جهة أخرى، وبطبيعة الحال، تجاه المملكة المغربية من حيث تعزيز وترسيخ الشراكة الاستراتيجية معها، والتي طالما دافع عنها المغرب”.
كما أشاد عقارتيت بالنهج الدبلوماسي الذي اتبعه المغرب، والذي وصفه بأنه نهج “الصبر الاستراتيجي” مع جارته موريتانيا، والذي يرتكز على فهم عقيدة السياسة الخارجية السابقة لنواكشوط والتي تعتمد على الحفاظ على التوازن بين المغرب والجزائر.
وقال إنه نتيجة لذلك، عمل المغرب على الحفاظ قدر الإمكان على علاقات متقدمة وودية مع موريتانيا وراهن باستمرار على فكرة أن أي إعادة تشكيل للسياسة الإقليمية ستتوقف على موقف نواكشوط.
شارك مؤخرا وفد مغربي رفيع المستوى في المنتدى الاقتصادي البرلماني المغربي الموريتاني، وهو الأول من نوعه من حيث الحجم والتنسيق المؤسسي. واستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، خلال المنتدى، رئيس البرلمان المغربي رشيد الطالبي العلمي والوفد المرافق له. واختتم المنتدى بإعلان نواكشوط، الذي أكد فيه المشاركون أن ترسيخ المغرب وموريتانيا بشكل أكثر رسوخا في عمقهما الساحلي يمثل “رافعة واعدة للتبادلات القارية والدولية”.
وقد قامت الرباط ببناء شبكة قوية من العلاقات مع نواكشوط، عززتها مشاريع استثمارية وبرامج تدريب في مجالات متعددة. أصبحت روابط الطرق عنصرا أساسيا في تعزيز التعاون العسكري والأمني، حيث من المتوقع أن يؤدي الافتتاح المرتقب لمعبر بير مغرين-أمغالا الجديد إلى تعزيز الحركة التجارية والبشرية بين البلدين وتخفيف الضغط على طريق الكركرات-نواذيبو.