واشنطن
وأكدت الولايات المتحدة، الاثنين، أنها ستستأنف مبيعات الأسلحة الهجومية للسعودية، حيث يبدو أن التطورات في المنطقة قد غيرت أولويات واشنطن وتوقعاتها من الحلفاء والشركاء الإقليميين، بما في ذلك السعودية.
وترى الولايات المتحدة أن الرياض أصبحت مرة أخرى لاعبا محوريا في الوقت الذي تدخل فيه حرب غزة شهرها العاشر وتهدد فيه إيران بشن ضربات انتقامية ضد إسرائيل مما قد يؤدي إلى إشعال حرب إقليمية أوسع نطاقا.
بعد أكثر من ثلاث سنوات من فرض القيود على التحفظات بشأن الضربات السعودية في اليمن، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستعود إلى مبيعات الأسلحة “بشكل منتظم، مع إخطار الكونجرس والتشاور المناسبين”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل للصحفيين: “تظل المملكة العربية السعودية شريكا استراتيجيا وثيقا للولايات المتحدة، ونحن نتطلع إلى تعزيز هذه الشراكة”.
تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه في عام 2021 متعهدا باتباع نهج عدائي تجاه المملكة العربية السعودية وأعلن على الفور أن الإدارة لن ترسل سوى أسلحة “دفاعية” إلى عميل الأسلحة الأمريكي منذ فترة طويلة.
واستشهدت الولايات المتحدة بسقوط ضحايا مدنيين في الضربات الجوية التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين سيطروا على أجزاء كبيرة من اليمن.
لكن الاعتبارات الجيوسياسية تغيرت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين. فقد توسطت الأمم المتحدة، بدعم من الولايات المتحدة، في التوصل إلى هدنة في اليمن في أوائل عام 2022، والتي صمدت إلى حد كبير. وتحاول واشنطن التوسط في اتفاق تطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل مع إصرار الرياض على ضمانات أمنية أمريكية.
وقال باتيل إنه منذ الهدنة “لم تحدث غارة جوية سعودية واحدة على اليمن، كما توقف إطلاق النار عبر الحدود من اليمن إلى المملكة العربية السعودية إلى حد كبير”.
وقال باتيل “لقد التزم السعوديون منذ ذلك الوقت بجانبهم من الاتفاق، ونحن مستعدون للوفاء بجانبنا”.
والآن أصبحت الولايات المتحدة وبريطانيا، ومؤخرا إسرائيل، هي التي تضرب أهدافا للحوثيين في اليمن، في حين اكتفت المملكة العربية السعودية بالمراقبة من على الهامش.
أطلق الحوثيون صواريخ على السفن التجارية في البحر الأحمر الحيوي، تضامنا مع الفلسطينيين، الذين أصبحوا في مرمى نيران إسرائيل منذ الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وفي مسعى لإيجاد حل طويل الأمد، سافر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مراراً إلى المملكة العربية السعودية لمناقشة حزمة من الحوافز الأميركية إذا اعترفت المملكة بإسرائيل.
تسعى المملكة العربية السعودية إلى الحصول على صفقة أمنية مع الولايات المتحدة، واستمرار تدفق الأسلحة، وربما اتفاق نووي مدني إذا قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التطبيع مع الدول العربية هدفا رئيسيا ولن تكون هناك جائزة أكبر من المملكة العربية السعودية، حارسة أقدس موقعين في الإسلام.
لكن السعودية تقول إنها لا تستطيع التصرف دون إحراز تقدم بشأن إقامة دولة فلسطينية، وهي الفكرة التي دفعت بها إدارة بايدن في سعيها إلى إيجاد طريقة دبلوماسية للخروج من الصراع في غزة، لكن نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرف يعارضونها بشدة.
وقال النائب خواكين كاسترو، العضو التقدمي في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن، إنه متحفظ بشأن رفع تجميد إمدادات الأسلحة.
وقال “لقد دعمت القرار الأولي لإدارة بايدن بوقف مبيعات الأسلحة الهجومية إلى المملكة العربية السعودية، وآمل أن أرى أدلة دامغة على أن المملكة العربية السعودية قد غيرت سلوكها”.
قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت دول الخليج العربية تتجه نحو التقارب مع إسرائيل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى العداء المشترك لإيران.
ويأتي قرار واشنطن بتسليم أسلحة هجومية للسعودية وسط توقعات أميركية بقيام إيران بخطوات انتقامية “كبيرة” ضد إسرائيل ردا على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران. وكانت دول الخليج العربي والأردن قد أبدت تفهمها للدور الأميركي في صد هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية على إسرائيل في أبريل/نيسان ردا على ضربة إسرائيلية على مبنى دبلوماسي إيراني في سوريا.
تأمل الولايات المتحدة مرة أخرى في الحصول على الدعم من شركائها العرب في ظل إمكانية إشعال إيران حريقا كبيرا في الشرق الأوسط.