أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن بعضًا من أشد انتقاداته حتى الآن للحرب الإسرائيلية على حماس، واصفًا نهجها بأنه “خطأ” بينما تواجه البلاد موعدًا نهائيًا للمحكمة يوم الأربعاء لإثبات أنها لا تخفض المساعدات لغزة التي تعاني من الجوع.
ومع تزايد الغضب العالمي من الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب المستمرة منذ ستة أشهر، انتقد بايدن طريقة تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الصراع وأكد مجددا على الحاجة إلى وقف إطلاق النار.
وقال بايدن لشبكة Univision التلفزيونية الناطقة بالإسبانية في مقابلة بثت مساء الثلاثاء: “أعتقد أن ما يفعله خطأ. أنا لا أتفق مع نهجه”.
وحث نتنياهو على “الدعوة فقط إلى وقف إطلاق النار والسماح خلال الأسابيع الستة أو الثمانية المقبلة بوصول جميع المواد الغذائية والأدوية التي تدخل البلاد” في تصريحات أبرزت التحول الكبير في لهجة حليف إسرائيل الرئيسي وداعمها العسكري.
وتأتي تعليقات بايدن في الوقت الذي يسعى فيه الوسطاء الأمريكيون والقطريون والمصريون إلى إحراز تقدم بشأن اتفاق الهدنة وإطلاق سراح الرهائن الذي يقترح أيضًا زيادة تسليم المساعدات لمعالجة أزمة الجوع المتفاقمة في قطاع غزة.
وتصر إسرائيل على أنها لا تحد من المساعدات وامتثلت لمطالب الولايات المتحدة والأمم المتحدة بزيادة حجم المساعدات.
وتواجه الحكومة مهلة نهائية يوم الأربعاء من المحكمة العليا في البلاد لإثبات أنها اتخذت خطوات لزيادة تدفق السلع الإنسانية.
وقد رفعت القضية خمس منظمات غير حكومية تتهم إسرائيل بتقييد دخول مواد الإغاثة والفشل في توفير الضروريات الأساسية لسكان غزة.
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يوم الثلاثاء إنه في أعقاب تقارير عن مجاعة وشيكة، تم رفض أكثر من 40 بالمائة من بعثات توصيل الغذاء في شهري فبراير ومارس. وأضافت أنه لم تتم الموافقة على أي من قوافل الغذاء التابعة للأونروا منذ مارس/آذار.
واتهم العاملون في المجال الإنساني إسرائيل باستخدام التجويع كوسيلة للحرب في غزة، حيث يقول خبراء الأمم المتحدة إن 1.1 مليون شخص، أي نصف السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي “الكارثي”.
وقالت الوكالة الإسرائيلية التي تشرف على الإمدادات إلى القطاع، إن 741 شاحنة مساعدات عبرت إلى غزة يومي الأحد والاثنين، مع دخول 468 أخرى يوم الثلاثاء.
وقبل بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت حوالي 500 شاحنة تزود غزة بالإمدادات يوميا.
وقالت سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، إن الأيام الأخيرة شهدت “تغيراً هائلاً” في تسليم المساعدات إلى غزة، لكنها أضافت أن إسرائيل بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد.
وقالت للمشرعين الأميركيين خلال جلسة استماع يوم الثلاثاء: “لدينا ظروف شبيهة بالمجاعة في غزة ومحلات السوبر ماركت مليئة بالأغذية على بعد بضعة كيلومترات”.
– “أقل من مشجعة” –
وقال البيت الأبيض إن إسرائيل اتخذت “بعض الخطوات للأمام” لتأمين الهدنة، في حين كان رد فعل حماس “أقل من مشجع”.
وبموجب الاقتراح الأخير، سيتوقف القتال لمدة ستة أسابيع، وسيتم تبادل حوالي 40 امرأة وطفل رهائن في غزة بمئات الأسرى الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، وستدخل ما يصل إلى 500 شاحنة مساعدات إلى غزة يوميًا، وفقًا لمصدر في حماس.
واتهم زعيم حماس إسماعيل هنية إسرائيل بالفشل في الاستجابة لمطالب إنهاء الحرب، في حين أكد نتنياهو أن إسرائيل يجب أن تحقق الهدفين المتمثلين في إعادة “جميع الرهائن لدينا” والقضاء على المسلحين في القطاع.
بعد أن وجد نفسه معزولا دوليا بشكل متزايد بسبب الحرب الأكثر دموية في غزة، قال نتنياهو يوم الثلاثاء للمجندين العسكريين إنه “لا توجد قوة في العالم” يمكن أن تمنع القوات الإسرائيلية من دخول مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال “سنكمل القضاء على كتائب حماس بما في ذلك في رفح” وذلك بعد أن أعلن في وقت سابق عن تحديد موعد للعملية.
وفي حديثه للصحفيين يوم الثلاثاء، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنه ليس لديه أي مؤشر على هجوم “وشيك” على المدينة، وهي آخر مدينة في غزة تكون هدفا لغزو بري والتي يعيش فيها حوالي 1.5 مليون فلسطيني.
وأضاف بلينكن أنه يشك في أن إسرائيل ستهاجم رفح قبل الأسبوع المقبل، عندما من المقرر أن يزور وفد واشنطن.
وأعرب المسؤولون الأمريكيون مرارا وتكرارا عن اعتراضاتهم على مثل هذا الهجوم، بما في ذلك خلال مكالمة بايدن الأسبوع الماضي مع نتنياهو.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن “غزوا عسكريا واسع النطاق لرفح سيكون له تأثير ضار للغاية” على المدنيين المحاصرين هناك و”سيضر في نهاية المطاف بأمن إسرائيل”.
وطرحت إسرائيل عطاءات لشراء 40 ألف خيمة كبيرة، بحسب وثيقة نشرت على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع، في إطار استعداداتها لإخلاء رفح قبل الهجوم، بحسب ما أفاد مصدر حكومي لوكالة فرانس برس شريطة عدم الكشف عن هويته.
– “فشل أخلاقي” –
واندلعت الحرب مع هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي أسفر عن مقتل 1170 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا للأرقام الإسرائيلية.
واحتجز مسلحون فلسطينيون أيضا أكثر من 250 رهينة، لا يزال 129 منهم في غزة، من بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.
وأدى الهجوم الانتقامي الإسرائيلي إلى مقتل ما لا يقل عن 33360 شخصًا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
وكانت المذبحة التي أحدثتها الحرب واضحة للعيان في مستشفى الشفاء المدمر في مدينة غزة، حيث كانت فرق الإغاثة والأقارب يبحثون عن بقايا بشرية بين أكوام الخرسانة وحديد التسليح الملتوي.
وتجول العاملون الصحيون الذين يرتدون بدلات خطرة بيضاء بين المباني المدمرة بينما كان الحفارون يجمعون أكوامًا من الركام.
وقال معتصم صلاح مدير مركز عمليات الطوارئ في غزة “رائحة الموت في كل مكان.”
وقالت منظمة الصحة العالمية إن الغارة الإسرائيلية التي استمرت أسبوعين حولت أكبر مجمع طبي في غزة إلى خراب.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء: “عندما يتم دفن الموتى بشكل صحيح، يمكن التعرف عليهم لاحقًا من خلال فحوصات الطب الشرعي، مما يمنح أحبائهم بعض العزاء”. “هذه الحرب هي فشل أخلاقي للإنسانية.”
