بذل الوسطاء الدوليون محاولة جديدة الخميس لدفع إسرائيل وحماس نحو وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بينهما والتي قالت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إنها أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.
انطلقت المحادثات في العاصمة القطرية وسط مسعى دبلوماسي دولي أوسع نطاقا لتخفيف التوترات التي تصاعدت منذ اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
وحضر وفد إسرائيلي محادثات الدوحة، التي شارك فيها أيضا مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز.
لكن النشطاء الفلسطينيين لم يشاركوا بشكل مباشر. وقال مسؤول حماس أسامة حمدان إن الحركة ستنضم إلى المفاوضات غير المباشرة إذا قدمت إسرائيل التزامات جديدة.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين في واشنطن إن “اليوم هو بداية واعدة”، لكنه أقر بأن “هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به”.
وطالبت الحركة بتنفيذ خطة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى التي وضعها الرئيس الأمريكي جو بايدن في 31 مايو/أيار الماضي.
وقال مسؤول حركة حماس حسام بدران في بيان صدر بعد اليوم الأول من المحادثات إن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يؤدي إلى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع المدمر.
وقال بدران إن “أي اتفاق يجب أن يحقق وقف إطلاق النار الشامل والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة وعودة النازحين”.
وقال حمدان لوكالة فرانس برس إنه “حتى الآن لا يوجد شيء جديد” من إسرائيل.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القوات الإسرائيلية يجب أن تحتفظ بالسيطرة على حدود غزة مع مصر لإحباط تحركات الأسلحة إلى داخل القطاع.
ومنذ أن أدى هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى اندلاع الحرب، لم يتم التوصل إلى هدنة إلا لمدة أسبوع في نوفمبر/تشرين الثاني، عندما تم إطلاق سراح 105 رهائن اختطفوا في الهجوم مقابل إطلاق سراح 240 سجيناً فلسطينياً محتجزين في السجون الإسرائيلية.
وجرت المحادثات في الوقت الذي قالت فيه وزارة الصحة في غزة إن حصيلة القتلى في الأراضي الفلسطينية المحاصرة وصلت إلى 40 ألفاً و5 قتلى.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “نظرا للعدد المقلق من الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين، والذين قد يكونون محاصرين أو ميتين تحت الأنقاض، فإن هذا العدد قد يكون أقل من العدد الحقيقي”.
“وهذا سبب آخر يجعلنا بحاجة إلى وقف إطلاق النار الآن، فضلاً عن إطلاق سراح جميع الرهائن وتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق”.
وقالت وزارة الصحة في غزة، التي لا تفرق بين الضحايا المدنيين والمسلحين، إن الحصيلة شملت 40 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قتل “أكثر من 17 ألف” مسلح فلسطيني في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
– “منع الحرب الأوسع” –
ومن المقرر أن يناقش وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي ووزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورن محادثات الهدنة مع كبير الدبلوماسيين الإسرائيليين يسرائيل كاتس يوم الجمعة.
كما زار المنطقة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين. وقال في بيروت يوم الأربعاء إن التوصل إلى اتفاق بشأن غزة “سيساعد أيضاً في تمكين التوصل إلى حل دبلوماسي هنا في لبنان، وسيمنع اندلاع حرب أوسع نطاقاً”.
أدى الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل إلى مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما احتجز المسلحون 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بما في ذلك 39 يقول الجيش إنهم قتلوا.
وقد تعثرت جهود الوساطة منذ الهدنة في نوفمبر/تشرين الثاني مرارا وتكرارا. ويقول مسؤولون من حماس وبعض المنتقدين في إسرائيل إن نتنياهو سعى عمدا إلى إطالة أمد الحرب.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية هذا الأسبوع عن وزير الدفاع يوآف جالانت قوله في تصريح خاص للجنة برلمانية إن صفقة إطلاق سراح الرهائن “متوقفة… جزئيا بسبب إسرائيل”.
واتهم مكتب نتنياهو جالانت بتبني “رواية معادية لإسرائيل”.
– أطفال ملطخين بالدماء –
وتأتي هذه الجهود الأخيرة للوساطة في أعقاب مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في الحادي والثلاثين من يوليو/تموز أثناء زيارة إلى طهران. وقد ألقت إيران وحلفاؤها باللوم على إسرائيل وتعهدوا بالرد. ولم تعلق إسرائيل على هذه المزاعم.
وحث زعماء غربيون طهران على تجنب ضرب إسرائيل بسبب اغتيال هنية، الذي جاء بعد ساعات من غارة إسرائيلية في بيروت أسفرت عن مقتل القائد العسكري الأعلى لحركة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.
وقد أدت تداعيات الصراع إلى تدخل جماعات متحالفة مع إيران من لبنان واليمن والعراق وسوريا.
قُتل أكثر من 370 عضواً من حزب الله خلال عشرة أشهر من إطلاق النار عبر الحدود مع القوات الإسرائيلية بشكل يومي تقريباً، وفقاً لإحصاء لوكالة فرانس برس، وهو عدد أكبر من الخسائر التي خسرتها الحركة في حربها مع إسرائيل عام 2006.
وعلى الجانب الإسرائيلي، قُتل 22 جندياً و26 مدنياً، بما في ذلك في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل، وفقاً لأرقام عسكرية.
وفي غزة، حيث دمرت الحرب معظم المساكن والبنية الأساسية الأخرى في القطاع، أدى القصف الأكثر دموية الذي وقع يوم الخميس إلى مقتل خمسة أشخاص في مدينة غزة، حسبما ذكرت خدمات الطوارئ.
قال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت نحو 20 مسلحا في رفح جنوب قطاع غزة.
وصل، اليوم الأربعاء، قتلى وجرحى بينهم أطفال غارقون في الدماء إلى مستشفى ناصر في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، جراء قصف إسرائيلي.
“لم أكن مؤيدا لحماس ولكن الآن أنا أؤيدهم وأريد القتال”، هكذا صرخ أحد الرجال الحزينين.
بورز-دي في/تي دبليو/إي إم
