القاهرة/القدس
قال الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء إنه سيلتزم باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث قال مسؤولو الصحة في القطاع إن الغارات الجوية أدت إلى مقتل 104 أشخاص، مع تبادل كل من إسرائيل وحماس اللوم في انتهاكات الاتفاق، في حين أعرب السكان الفلسطينيون عن قلقهم من احتمال انهيار الهدنة مما قد يؤدي بهم إلى مواجهة جولة جديدة من العنف والتهجير.
وحتى في الوقت الذي أكد فيه الجيش أنه لا يزال يعتزم الالتزام بوقف إطلاق النار في القطاع، فقد أعلن أنه نفذ غارة جوية أخرى في شمال غزة حيث قال إنه تم تخزين الأسلحة. وقال مسعفون إن شخصين قتلا في هذا الهجوم.
أثار مقتل جندي إسرائيلي في غزة يوم الثلاثاء أسوأ تصعيد هناك منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ في 10 أكتوبر بعد عامين من الحرب الناجمة عن هجمات دامية قادتها حماس على إسرائيل.
وتقول إسرائيل إن الجندي قتل في هجوم شنه مسلحون على منطقة تقع ضمن “الخط الأصفر” حيث انسحبت قواتها بموجب الهدنة. وقد رفضت حماس هذا الاتهام.
ووصفت إسرائيل هجوم الأربعاء بأنه “ضربة موجهة” بالقرب من بيت لاهيا شمال القطاع، حيث قالت إنه تم تخزين أسلحة. وقالت إنها ستواصل الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار مع الرد بحزم على أي انتهاك.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق يوم الأربعاء خلال زيارة لمنشأة عسكرية في جنوب إسرائيل حيث تراقب القوات الأمريكية الهدنة: “نريد أن نضمن تحقيق الهدف الذي اتفقنا عليه والرئيس ترامب وهو نزع سلاح حماس ونزع سلاح غزة في نهاية المطاف”.
وقال نتنياهو، بحسب بيان أصدره مكتبه: “هناك جهد حقيقي هنا للتعاون، مع الحفاظ على الأمن في أيدينا”.
وردا على مقتل الجندي، شن الجيش ما وصفه بضربات استهدفت العشرات من نشطاء حماس في أنحاء القطاع، فضلا عن مستودعات أسلحة وأنفاق تابعة للحركة.
وذكرت 24 هدفا للمسلحين، بما في ذلك هدف وصفته بأنه قائد في حماس شارك في هجوم على كيبوتز خلال الهجوم في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل والذي أشعل فتيل الحرب.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 46 طفلا و20 امرأة كانوا من بين 104 أشخاص قتلوا في الغارات الجوية.
وأصدر المكتب الإعلامي لحكومة حماس في غزة بيانا قال فيه إن قائمة الأهداف الإسرائيلية هي نتاج “حملة ممنهجة من المعلومات المضللة والتزوير والأكاذيب تهدف إلى تشويه الحقيقة والتغطية على جرائمها المستمرة ضد المدنيين”.
وفي النصيرات بوسط قطاع غزة، قال الجيران إن عائلة أبو دلال بأكملها قُتلت في غارة جوية دمرت منزلهم بالأرض خلال الليل.
وبكى صبي على كرسي متحرك بينما تم تحميل جثث العائلة في أكياس بلاستيكية بيضاء في الجزء الخلفي من شاحنة مسطحة. وتبعتها الحشود أثناء نقل الجثث في الشوارع إلى المقبرة.
ورغم القصف قال ترامب إن وقف إطلاق النار ليس في خطر.
وقال ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة: “كما أفهم، فقد قتلوا جنديًا إسرائيليًا”. وأضاف “لذا فإن الإسرائيليين يردون وعليهم أن يردوا. وعندما يحدث ذلك، عليهم أن يردوا”.
وقال ترامب: “لن يعرض أي شيء للخطر” وقف إطلاق النار. “عليك أن تفهم أن حماس جزء صغير جدًا من السلام في الشرق الأوسط، وعليهم أن يتصرفوا بشكل جيد”.
وقد روج للهدنة واتفاق تبادل الرهائن باعتباره أحد أهم إنجازات السياسة الخارجية في ولايته الثانية، وسعى هو وكبار مساعديه إلى منع وقف إطلاق النار من الانهيار.
وقد سلطت أعمال العنف الأخيرة الضوء على العقبات التي تحول دون التوصل إلى سلام دائم. وتظل المسائل الرئيسية المتعلقة بنزع سلاح حماس، وسحب المزيد من القوات الإسرائيلية، والحكم المستقبلي في غزة دون حل.
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي قام بدور الوسيط، يوم الأربعاء إن الهجوم على الجندي الإسرائيلي والضربات الجوية الإسرائيلية اللاحقة كان “مخيبا للآمال ومحبطا للغاية بالنسبة لنا”.
ويخشى النازحون الفلسطينيون أن تنهار الهدنة ولم يطمئنهم التصريحات الأمريكية والإسرائيلية عن الالتزام بوقف إطلاق النار. إن عدم رغبة حماس في نزع سلاحها وإحجامها عن فك الارتباط من غزة أضاف طبقة أخرى من عدم اليقين في أذهان الكثيرين بشأن المرحلة المقبلة.
أفاد مستشفى العودة في النصيرات أن 31 شخصاً على الأقل قتلوا في الغارات التي كسرت السلام النسبي الذي جلبه وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال الدفاع المدني في غزة إن 101 شخصا، بينهم 35 طفلا، قتلوا منذ بدء الغارات، وهو رقم أكده مسؤولون طبيون في خمسة مستشفيات لوكالة فرانس برس.
وقال جلال عباس، وهو نازح يبلغ من العمر 40 عاماً ويعيش في خيمة بمدينة دير البلح وسط البلاد، إنه يخشى عودة الحرب إلى الأبد.
وقال: “عودة الحرب هي أكثر ما كنا نخشاه. كنت أتوقع استئناف التصعيد والقصف لأن إسرائيل تخلق الذرائع دائما”.
وأضاف: “كل يوم يهددون بإعادة الحرب متخذين قضية الجثث ذريعة، كلها أكاذيب”.
وكان عباس يشير إلى إعلان إسرائيل أن حماس انتهكت شروط اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بعدم إعادة جثث الرهائن المتوفين بالسرعة الكافية.
وفي الوقت الحاضر، فإن استمرار الضربات الإسرائيلية يثير القلق. وقال إسماعيل زيادة (40 عاما) الذي يعيش في خيام بغرب مدينة غزة مع أسرته المكونة من 25 فردا لرويترز عبر تطبيق للدردشة “أصوات الانفجارات والطائرات جعلتنا نشعر وكأن الحرب بدأت من جديد”.
وبموجب الاتفاق، أطلقت حماس سراح جميع الرهائن الأحياء مقابل ما يقرب من 2000 أسير فلسطيني ومعتقل في زمن الحرب، بينما سحبت إسرائيل قواتها وأوقفت هجومها.
ووافقت حماس أيضًا على تسليم رفات جميع الرهائن القتلى الذين لم يتم استردادهم بعد، لكنها قالت إن تحديد مكانهم واستعادتهم سيستغرق بعض الوقت. واتهمت إسرائيل حماس بانتهاك وقف إطلاق النار من خلال المماطلة في تسليم الجثث.
