بغداد
أثارت مشاركة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في قمة شرم الشيخ للسلام جدلاً داخلياً حاداً ومزاجية حزبية، وهي سمة متكررة في الحياة السياسية في العراق، حيث كثيراً ما تستغل الأحزاب القضايا المشحونة عاطفياً مثل القضية الفلسطينية لإثارة المشاعر العامة ومخاطبة المشاعر القومية والدينية.
وتركز الخلاف حول ما إذا كان حضور القمة يعني ضمناً “تطبيعاً” محتملاً مع إسرائيل، حيث كان من المتوقع في البداية أن يشارك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أن يعلن لاحقاً أنه لن يحضر. وجاء هذا القرار بمثابة ارتياح للسوداني، الذي سعى إلى تحقيق التوازن بين ضرورتين متعارضتين: الحفاظ على المشاركة الإقليمية المتنامية للعراق والانفتاح الدبلوماسي في ظل حكومته، مع تجنب أن يصبح هدفاً للمنافسين السياسيين قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الشهر المقبل بشأن قضية حساسة مثل فلسطين وموقف العراق تجاه إسرائيل.
وبدأت المزايدة السياسية فور الإعلان عن زيارة السوداني المزمعة لمصر. وأصدر رجل الدين الشيعي المؤثر والزعيم الشعبوي مقتدى الصدر بيانا شديد اللهجة يندد فيه بقرار رئيس الوزراء حضور القمة. وعلى النقيض من ذلك، احتشدت فصائل أخرى خلف الحكومة، جزئياً لمواجهة الصدر، وجزئياً لإبراز صورة الاعتدال والانفتاح ودعم السلام للمجتمع الدولي. وكان من بينها الائتلاف الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وقد اختار السوداني، العالق بين هذين المعسكرين المتنافسين، التوافق مع المشاعر العامة السائدة واستباق المزيد من الهجمات السياسية من خلال التحذير من أن العراق سينسحب من القمة إذا حضر نتنياهو. وتم إبلاغ الحكومتين الأمريكية والمصرية رسميًا بموقف بغداد.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مصدر حكومي قوله إنه “لم يتم توجيه أي دعوة رسمية من مصر لنتنياهو لحضور قمة شرم الشيخ”، وأن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حاول إحضار الزعيم الإسرائيلي إلى اللقاء عبر القنوات الدبلوماسية.
وأضاف المصدر أن السوداني «أبلغ الجانبين المصري والأميركي بأن العراق سينسحب من القمة في حال مشاركة نتنياهو»، واصفاً ذلك بـ«الموقف العراقي الحازم».
وبحسب المصدر نفسه، فإن «مواقف المشاركين الآخرين كانت مشابهة لمواقف العراق، ولهذا لم تنجح محاولة ترامب جلب نتنياهو إلى القمة»، مضيفاً أن «رسالة العراق تجاوزت القضية المباشرة، بما يعكس استقلالية صنع قراره وقدرته على ممارسة النفوذ».
وعلى الرغم من توضيح الحكومة، واصل الصدر مهاجمة مشاركة السوداني، ووصفها بأنها “وصمة عار”.
وقال في منشور له على منصة “إكس” إنه “من العار على الأحزاب الشيعية الحاكمة وحلفائها، الذين يدعون الدفاع عن الدين، أن يحضر رئيس وزرائهم اجتماعا قد يضم رئيس الوزراء الإسرائيلي”.
وأضاف: “إنه أمر عار وقد يكون مؤشرا على بداية التطبيع أو تأييد ضمني لحل الدولتين”، مختتما: “اللهم إني أتنصل من هذا الفعل مقدما فاشهد”.
وفي المقابل دافع النائب عمار الشبلي عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي عن حضور السوداني. وقال لوكالة شفق نيوز، إن “مؤتمر شرم الشيخ عقد بمبادرة من مصر والولايات المتحدة للمساعدة في استقرار الشرق الأوسط، انسجاما مع مبادرة الرئيس الأمريكي لوقف الحرب في غزة”، مؤكدا أن “هذه قمة دولية، والعراق جزء من المنطقة، وأمنه مرتبط بأمن جيرانه، وأغلبهم سيكون حاضرا، وحضور رئيس الكيان (الإسرائيلي) لا يعني ذلك”. تغيير موقف العراق.”
وأضاف أن العراق شارك في العديد من المحافل الدولية التي حضرها ممثلون إسرائيليون.
وأضاف أن “العراق ليس لديه أي سيطرة على الوفود التي ستدعى إلى مؤتمرات القمة العالمية”، وحث رئيس الوزراء على ضمان أن مشاركة العراق “تدعم سيادة البلاد وأمنها”.