الرباط –
تشهد العلاقات الفرنسية المغربية زخما على مختلف المستويات والجوانب، بعد أن طوى البلدان صفحة الخلافات التي لطخت العلاقات الثنائية خلال العامين الماضيين.
جدد المغرب وفرنسا، يوم الاثنين، التأكيد على شراكتهما الدفاعية القوية خلال الدورة 22 للجنة العسكرية المشتركة المنعقدة بالرباط، مما يعكس التزام الطرفين المشترك بمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية.
وحضر هذا الاجتماع الرفيع المستوى المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية وقائد المنطقة الجنوبية الجنرال محمد بريد ورئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية الجنرال تييري بوركارد.
وذكرت وسائل إعلام محلية مغربية أن المناقشات بين الجنرالين تركزت على تعزيز التعاون العسكري الثنائي وتقييم القضايا الأمنية الملحة.
وفي بيان لها، أعربت القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية عن رضا القادة عن الشراكة المتنامية بين القوات المسلحة للبلدين، والتي وصفتها بأنها “شهادة على العلاقات القوية والمتطورة بين المغرب وفرنسا”.
واتفق الجانبان أيضًا على الاستفادة من إطار التعاون المعزز الذي وضعه الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بهدف تعزيز تعاونهما في مختلف قطاعات الدفاع.
وتأتي الشراكة الأخيرة في أعقاب زيارة الدولة التي قام بها ماكرون مؤخرا إلى المغرب، حيث أكد مجددا دعم فرنسا الكامل لسلامة أراضي المغرب.
وخلال تلك الزيارة، وقع ماكرون والعاهل المغربي على إعلان مشترك يعبر عن الالتزام القوي بالعمل معا لمواجهة التحديات المشتركة في إطار “شراكة استثنائية معززة”.
وتنص الوثيقة على تعاون أوثق في المجالات الحيوية مثل الأمن الغذائي والبنية التحتية وإدارة المياه والأمن والدفاع واللقاحات وانتقال الطاقة والتعليم والثقافة وكذلك التعاون في تنظيم الأحداث الرياضية العالمية.
يقول الخبراء إن تأكيد الرئيس الفرنسي على أن سيادة المغرب تمثل الإطار الوحيد القابل للتطبيق لمعالجة نزاع الصحراء الغربية بشكل حقيقي، قد ضخ زخما جديدا في العلاقات الثنائية، مما عزز الثقة وعزز التعاون عبر المجالات الاستراتيجية.
وتضمنت النقاط الرئيسية على جدول أعمال اجتماع يوم الاثنين مراجعة إنجازات عام 2024 والتخطيط للأنشطة المشتركة القادمة لعام 2025. وشددت اللجنة على أهمية الحفاظ على الاستعداد التشغيلي ومعالجة التهديدات الناشئة في مشهد أمني متزايد التعقيد.
وفي اجتماع منفصل، استضاف عبد اللطيف لوديي، الوزير المغربي المكلف بإدارة الدفاع الوطني، الجنرال بوركهارد لاستكشاف فرص توسيع التعاون في المجالات المتطورة.
وتناولت المناقشات استكشاف الفضاء، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي للاستخدام العسكري، والأمن السيبراني، وتطوير صناعة الدفاع.
ويعكس تنويع الشراكة العسكرية رغبة المغرب الاستراتيجية في تحديث قدراته الدفاعية والاستفادة من التكنولوجيات الناشئة، في حين تظل فرنسا شريكا رئيسيا في تبادل الخبرات والموارد.
وعلى خلفية تزايد عدم الاستقرار في أجزاء من إفريقيا وتصاعد التوترات الأمنية العالمية، تعمل الشراكة الدفاعية المغربية الفرنسية كقوة استقرار حيث يسعى البلدان إلى تعزيز التنسيق في مجالات مثل مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية وعمليات حفظ السلام، مما يضمن تعاونهما. وقال المراقبون إن القوات المسلحة تظل قادرة على التكيف وفعالة.
وقال هشام معتضد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الاستراتيجية، لـ”العرب ويكلي” إن مثل هذه اللقاءات تحظى بأهمية قصوى وتعكس وعيا متزايدا بالحاجة إلى إضافة زخم جديد للشراكة الثنائية، من أجل مواكبة التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة. وخاصة في منطقتي الساحل والصحراء.
واعتبر أن “هناك تحولات عميقة في المفهوم التقليدي للتعاون الأمني والعسكري”، مشيرا إلى أن “هناك تحولا من مجرد الاستجابة الظرفية إلى بناء نظام أمني شامل، حيث يسعى المغرب إلى وضع نفسه كقوة إقليمية قادرة على خلق التوازن الاستراتيجي بين شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط”.
وعلى الأرض، أجرت البحرية الملكية المغربية والبحرية الفرنسية في الفترة من 7 إلى 13 أكتوبر مناورات بحرية الشباك، وهو حدث سنوي بدأ في عام 1994.
كما تم إجراء مناورة عسكرية مشتركة بين المغرب وفرنسا في الفترة من 20 أكتوبر إلى 14 نوفمبر، بمشاركة الفوج 13 من مطاردات جبال الألب الفرنسي والفوج الأول من صيادي الأطلس للقوات المسلحة الملكية المغربية. وجرى التمرين في جبال الأطلس الكبير لمحاكاة تكتيكات قتالية جديدة ومعقدة في المناطق الوعرة.
وبحسب وزارة الدفاع الفرنسية، فإن التمرين عزز أواصر الصداقة والتعاون بين القوات الفرنسية والمغربية.
وأضاف أن “المناورات التي تجريها القوات المغربية بحرا وبرًا وجوًا مع نظيرتها الفرنسية، توفر تعاونًا مغربيًا فرنسيًا بقدرات متجددة لتكوين رؤية مستقبلية مشتركة، تتماشى مع التطورات الأمنية الإقليمية والدولية، مما يعزز قدرة المملكة”. لتقدم نفسها كضامن للأمن في المنطقة، سواء من خلال قدراتها الذاتية أو من خلال شراكاتها الدولية المتوازنة”.