المرج، ليبيا
دعا القائد العسكري في شرق ليبيا خليفة حفتر، الأحد، إلى حركة شعبية سلمية لإنهاء سنوات من الجمود السياسي، وحث الليبيين على “تقرير مصيرهم” بعد فشل المبادرات المحلية والدولية في التوصل إلى تسوية دائمة.
وفي حديثه في مقره العسكري في المرج أمام تجمع لشيوخ القبائل من مدينة ترهونة، قال حفتر إن الوقت قد حان “لتعبئة سلمية منظمة” وحدد مصير البلاد بعبارات صارخة.
وأضاف: “الأمر الآن إما دولة أو فوضى، أو سيادة أو تبعية، أو تقدم أو تخلف”.
يمثل الخطاب تحولًا كبيرًا في استراتيجية قائد الجيش الوطني الليبي، مما يشير إلى محاولة لتحويل الإحباط واسع النطاق بسبب الشلل السياسي إلى شرعية شعبية متجددة لقواته.
وقال حفتر، الذي تقع قاعدة قوته في شرق ليبيا، إن الجيش ليس الكيان الذي يقرر مستقبل البلاد. وأضاف: “الأمر متروك للشعب الليبي نفسه لممارسة حقه في تقرير المصير سلميا وبطريقة منظمة، دون عنف أو اضطراب”.
وحذر من أن ليبيا لم يعد من الممكن أن تظل “ساحة صراع على السلطة والثروة” أو “مساحة مفتوحة للفساد ونهب الأموال العامة”، داعيا إلى وضع حد للفوضى التي شلت الدولة.
وعكس خطاب القائد حركة متنامية في شرق ليبيا تسعى إلى إعادة بناء الشرعية من الداخل، واستعادة الدور التقليدي للقبائل كمرتكزات للاستقرار السياسي والاجتماعي بعد سنوات من التهميش من قبل الفصائل الحزبية والمسلحة.
كما أكد تأكيده على “الإرادة الشعبية” رفض ما وصفه بـ”التدخل الأجنبي المفرط” في الشؤون الليبية، وسط تصاعد الشكوك تجاه مهمة الأمم المتحدة وآليات الوساطة التابعة لها.
وجاء بيان حفتر وسط تصاعد التوترات بين السلطات السياسية والعسكرية الشرقية وبعثة الأمم المتحدة، بعد أن قدمت الحكومة المعينة من قبل البرلمان شكوى رسمية الأسبوع الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ضد المبعوث حنا تيتيه.
واتهمت الشكوى تيتيه بارتكاب “تحريفات خطيرة وتدخل سافر في شؤون ليبيا الداخلية”، خاصة فيما يتعلق بمقترحات إعادة تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات.
يقول المحللون إن هذه الخطوة تعكس الإحباط المتزايد في الشرق بشأن ما يعتبره الزعماء المحليون نهجًا إقصائيًا للأمم المتحدة، مما يؤجج الدعوات إلى عملية بديلة محلية الصنع يقودها ممثلون ليبيون وترتكز على الهياكل القبلية والاجتماعية بدلاً من الأطر الدبلوماسية الخارجية.
ظلت العملية السياسية في ليبيا مجمدة منذ تأجيل الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر 2021 إلى أجل غير مسمى، مع استمرار الخلافات العميقة حول القواعد الدستورية وتقاسم السلطة وإدارة عائدات النفط. وعلى الرغم من المؤتمرات الدولية والإقليمية المتعددة في جنيف والقاهرة وبوزنيقة وطرابلس، لم يتم التوصل إلى إجماع حول تشكيل سلطة تنفيذية موحدة أو توزيع السلطات.
يبدو أن دعوة حفتر للتعبئة السلمية تهدف إلى وضع الجيش الوطني الليبي كقوة استقرار وطنية وتقديم ما وصفه بـ “بديل محلي” للعملية المشلولة التي تقودها الأمم المتحدة.
وبدلاً من انتظار اتفاق آخر مفروض من الخارج، يلجأ حفتر إلى “الإرادة الليبية” كأساس لشرعية جديدة، وهي الشرعية التي يرى أنها قادرة على توحيد مؤسسات الدولة المجزأة.
وأضاف: “لقد حان الوقت لوقف الفوضى”. وأضاف أن “كل من يحاول تحدي إرادة الشعب أو فرض الوصاية عليه سيجد نفسه أمام إرادة الشعب الليبي ممثلا بالقوات المسلحة”.
وحضر هذا الحدث كبار المسؤولين الشرقيين، بما في ذلك رئيس الوزراء المعين من قبل البرلمان أسامة حمد ورئيس الأركان اللواء خالد حفتر ومستشار الأمن الوطني عبد الرازق الناظوري، مما يؤكد التوافق بين القيادة العسكرية والسياسية في المنطقة حول الحاجة إلى استعادة النظام.
واختتم حفتر كلمته بدعوة إلى الوحدة: “أبواب القيادة العامة وقلوب رجالها مفتوحة للجميع”. “الليبيون إخوة في السراء والضراء. ماضينا واحد وحاضرنا واحد ومستقبلنا واحد ودولتنا واحدة، ليبيا الموحدة”.