حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة يوم السبت من أن العملية العسكرية الإسرائيلية المزمعة في رفح المكتظة بالسكان قد تتسبب في سقوط “عشرات الآلاف” من الضحايا في المدينة التي أصبحت الملاذ الأخير للفلسطينيين النازحين.
وحتى قبل هذه العملية، قصفت إسرائيل مدينة رفح بضربات بعد أن أمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجيش بوضع أنظاره على المدينة الجنوبية.
وطلب نتنياهو يوم الجمعة من المسؤولين “أن يقدموا إلى الحكومة خطة مشتركة لإجلاء السكان وتدمير كتائب” حماس في رفح، بعد ساعات فقط من توجيه الرئيس الأمريكي جو بايدن أقوى انتقاداته لرد إسرائيل على هجوم 7 أكتوبر.
وأثارت الخطة إدانة من مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقالت في بيان إن “تحرك الاحتلال الإسرائيلي يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم. وهذا انتهاك صارخ لكل الخطوط الحمراء”.
وحذرت السعودية يوم السبت من وقوع “كارثة إنسانية” إذا مضت الخطة قدما. ورفضت وزارة الخارجية السعودية بشدة “الترحيل القسري”، ودعت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى التدخل.
واندلعت الحرب في غزة بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في 7 تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل نحو 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس، وشنت هجوما عسكريا واسع النطاق في غزة تقول وزارة الصحة في القطاع إنه أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 27947 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال.
وقالت إسرائيل إن المسلحين اختطفوا 250 رهينة، لا يزال 132 منهم في غزة، على الرغم من أن 29 منهم يفترض أنهم لقوا حتفهم.
– إحباط بايدن –
والولايات المتحدة هي الداعم الدولي الرئيسي لإسرائيل، حيث تقدم لها مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها لا تؤيد أي هجوم بري في رفح، محذرة من أن مثل هذه العملية إذا لم يتم التخطيط لها بشكل صحيح فإنها قد تؤدي إلى “كارثة”.
وفي علامة على الإحباط المتزايد، أصدر بايدن أقوى انتقاداته لإسرائيل حتى الآن يوم الخميس، واصفا الرد على هجوم حماس في 7 أكتوبر بأنه “مبالغ فيه”.
وقال بايدن إن هناك “الكثير من الأبرياء الذين يتضورون جوعا… ويواجهون مشاكل ويموتون، ويجب أن يتوقف ذلك”.
لكن مكتب نتنياهو قال إنه سيكون “من المستحيل” تحقيق هدف الحرب المتمثل في القضاء على حماس مع ترك أربع كتائب للنشطاء في رفح.
ويواجه الزعيم الإسرائيلي، الذي تضم حكومته الائتلافية وزراء من اليمين المتطرف، دعوات لإجراء انتخابات مبكرة واحتجاجات متزايدة بسبب فشله في إعادة الرهائن الذين تم احتجازهم في الهجوم إلى وطنهم.
– ‘الى اين اذهب’ –
تتزايد المخاوف بشأن مصير أكثر من مليون فلسطيني نازح لجأوا إلى رفح، والعديد منهم في خيام بلاستيكية نصبت على الحدود مع مصر والبحر.
وقال عادل الحاج وهو من مدينة غزة شمال القطاع لوكالة فرانس برس “إذا انتقلوا إلى رفح، كما قال نتنياهو، فستكون هناك إبادة جماعية. ولن تبقى هناك إنسانية”.
وأفاد شهود عيان بغارات جديدة على رفح صباح السبت.
وقال محمد الجراح، وهو فلسطيني نزح إلى رفح من منزله إلى الشمال: “لا نعرف إلى أين نذهب”. “هذا الوضع يخيفني.”
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس إن القصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل 110 أشخاص على الأقل خلال الليل، بينهم 25 في رفح.
وفي مستشفى النجار بالمدينة، أظهرت صور تلفزيون وكالة فرانس برس عائلة تتجمع حول جثث أقاربها المكفنة.
وتعد المدينة آخر مركز سكاني رئيسي في قطاع غزة لم تدخله القوات الإسرائيلية بعد، وهي أيضًا نقطة الوصول الرئيسية لإمدادات الإغاثة التي تشتد الحاجة إليها.
ودقت المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر بشأن احتمال التوغل البري.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) هذا الأسبوع من التصعيد العسكري في رفح، قائلة إن “آلافًا آخرين قد يموتون في أعمال العنف أو نقص الخدمات الأساسية”.
وأضافت اليونيسف أن “تصاعد القتال في رفح، والذي يتوتر بالفعل في ظل العدد غير العادي من الأشخاص الذين نزحوا من أجزاء أخرى من غزة، سيمثل تحولاً مدمراً آخر” في الصراع المستمر منذ أربعة أشهر.
– جهود دبلوماسية –
وأعلن نتنياهو عن خطة لعملية برية في رفح بعد أيام فقط من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإسرائيل سعيا لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وغادر مفاوضو حماس القاهرة يوم الجمعة بعد ما وصفه مصدر في حماس بأنها “مناقشات إيجابية وجيدة” مع وسطاء مصريين وقطريين.
وقال مسؤول في حماس لوكالة فرانس برس إن الوفد “ينتظر رد إسرائيل”.
نقلاً عن مسؤولين أمريكيين ومصريين، ذكرت وكالة الأنباء الأمريكية أكسيوس في وقت متأخر من يوم الجمعة أن بايدن سيرسل مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز إلى القاهرة الأسبوع المقبل للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
وكان تأثير الحرب محسوسًا على نطاق واسع، مع تصاعد أعمال العنف التي شارك فيها حلفاء حماس المدعومين من إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجذب القوات الأمريكية، من بين قوات أخرى.
أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، اليوم الجمعة، أنها أطلقت عشرات الصواريخ على موقع للجيش في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، بعد ساعات من إطلاق صاروخ على شمال إسرائيل.
وفي الساعات الأولى من صباح السبت، أدت غارات جوية إسرائيلية على منطقة راقية بالقرب من العاصمة السورية إلى مقتل ثلاثة أشخاص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقالت إن الحي المستهدف يضم “فيلات لكبار العسكريين والمسؤولين”.
بور-DV/it
