دمشق
تهدد الاشتباكات المستمرة بين قوى الأمن الداخلي السوري التابعة لوزارة الداخلية والحرس الوطني الموالي للزعيم الروحي للطائفة الدرزية حكمت الهجري، بإشعال مواجهة جديدة في محافظة السويداء.
وشهدت السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، وقفاً هشاً لإطلاق النار منذ 19 يوليو/تموز الماضي، بعد اشتباكات مسلحة استمرت أسبوعاً بين مجموعات درزية وقبائل بدوية شاركت فيها القوات السورية، وأسفرت عن مقتل المئات.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، قامت الولايات المتحدة والأردن برعاية الجهود الرامية إلى تعزيز وقف إطلاق النار، مما أدى إلى وضع خارطة طريق لخفض التوتر وتحقيق الاستقرار. لكن التطورات الأمنية الأخيرة أثارت مخاوف جدية بين سكان السويداء من تجدد التصعيد.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا عن مصدر أمني قوله: إن المجموعات الخارجة عن القانون في السويداء تخرق اتفاق وقف إطلاق النار وتستهدف نقاط الأمن الداخلي على محور بلدة الولجة بريف المحافظة.
وأضاف مصدر أمني آخر لقناة الأخبار السورية: أن مجموعات خارجة عن القانون في السويداء خرقت وقف إطلاق النار واستهدفت النقاط الأمنية في قرية المجدل غربي المحافظة.
وقال سليمان عبد الباقي، رئيس مديرية الأمن الداخلي في السويداء، لقناة الأخبار السورية، الجمعة الماضي، إنه لم يسجل أي إصابات في صفوف عناصر الأمن العام خلال الخروقات الأمنية الأخيرة في المحافظة.
وأوضح عبد الباقي أن هناك توصيات لامتصاص أي توتر وفتح قنوات للحوار، مشيراً إلى أن المحافظة شهدت سابقاً حالة من الاضطرابات، فيما تواصل أعداد كبيرة من السكان التنسيق مع الجهات الأمنية اليوم، مطالبين بإنهاء الفوضى دون إراقة دماء.
وأضاف عبد الباقي، بحسب القناة، أن هجري أحد وجهاء المجلس الدرزي في سوريا “يتحمل مسؤولية جر السويداء نحو سفك الدماء”.
ويشير مراقبون إلى أن التأثيرات الإقليمية تلعب دوراً أساسياً في التوترات الحالية في السويداء، ولا يستبعد أن يكون لإسرائيل يد في التطورات.
وكثفت إسرائيل في الآونة الأخيرة توغلاتها في الجنوب السوري، لاسيما استهداف محافظة القنيطرة المحاذية للسويداء.
وتأتي هذه التحركات الإسرائيلية بعد أن رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، في ختام زيارة تاريخية لواشنطن، طلب تل أبيب جعل جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح.
ويقول مراقبون إن إسرائيل تستغل قضية السويداء لزيادة الضغط على دمشق، إلى جانب إجراءات التصعيد الإقليمية الأخرى.
وبحسب ما ورد دعمت إسرائيل الجماعات الدرزية خلال مواجهات يوليو/تموز وقصفت مناطق قريبة من القصر الرئاسي في دمشق.
وبينما تدعي إسرائيل أنها تريد حماية الطائفة الدرزية، تتهمها السلطة الانتقالية السورية برعاية خطة انفصالية في المحافظة.
ودعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش، الخميس، إلى إنشاء ممر فوري بين إسرائيل والسويداء، مدعيا أنه سيسمح بوصول المساعدات إلى الدروز والاستعداد عسكريا للدفاع عنهم.
وقال سموتريش على حسابه X إن الوضع في السويداء صعب للغاية، معتبراً وقف إطلاق النار الحالي مجرد تهدئة خادعة لاحتواء الدروز.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون سار أنه “في ضوء الهجمات الأخيرة على الدروز في السويداء بسوريا والوضع الإنساني الخطير في المنطقة، أصدرت تعليمات لموظفي وزارة الخارجية اليوم بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة”.
وأضاف: “إن حزمة المساعدات هذه، التي تبلغ قيمتها مليوني شيكل، تشمل طروداً غذائية ومعدات طبية ومستلزمات إسعافات أولية وأدوية، وهي مخصصة للمناطق المتضررة بشكل مباشر من الهجمات العنيفة”.
وتابع سار: “هذه هي حزمة المساعدات الثانية التي ترسلها وزارة الخارجية بقيادتي إلى الدروز في سوريا، بعد الحزمة التي أرسلت في آذار الماضي”.
يبدو أن الحكومة السورية في موقف صعب: فمن ناحية، لا تريد المخاطرة بعملية عسكرية في المحافظة، الأمر الذي قد يضعها على خلاف مع المجتمع الدولي؛ ومن ناحية أخرى، لا يمكنها أن تتجاهل «استفزازات» ما يسمى بالحرس الوطني.
وقال مصدر أمني لقناة الأخبار السورية، السبت، إن “عصابات الثوار في السويداء استهدفت المرافق الخدمية في منطقة المزرعة بريف المحافظة”.
استهدفت المجموعات الخارجة عن القانون، الخميس، بلدات الولجة وتل الأقرع وتل حديد والمزرعة بريف السويداء، بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة.
وتبذل الإدارة السورية الجديدة جهودا مكثفة لاستعادة الأمن في البلاد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، بعد 24 عاما في السلطة.