كانت بتول وعائلتها تكافح لتأمين مسكن خارج الضاحية الجنوبية لبيروت حيث أدت غارة إسرائيلية إلى مقتل قائد كبير في حزب الله الأسبوع الماضي، لكن الطلب المتزايد أدى إلى ارتفاع الأسعار.
ويحاول كثيرون في الضاحية الجنوبية ـ وهي منطقة سكنية مكتظة تعرف باسم الضاحية وهي أيضا معقل لحزب الله ـ المغادرة خوفا من اندلاع حرب شاملة بين الجماعة المدعومة من إيران وإسرائيل في أعقاب مقتل القائد.
وقالت بتول، وهي صحافية تبلغ من العمر 29 عاما، ورفضت الكشف عن اسم عائلتها نظرا لحساسية الأمر، “نحن مع المقاومة (حزب الله) حتى الموت”.
وأضافت لوكالة فرانس برس “لكن من الطبيعي أن نشعر بالخوف… وأن نبحث عن ملاذ آمن”.
تعهدت إيران وحلفاؤها الإقليميون بالانتقام لمقتل الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران الأسبوع الماضي، والذي ألقي باللوم فيه على إسرائيل، بعد ساعات فقط من الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت والتي قتلت القائد العسكري الأعلى لحزب الله فؤاد شكر.
تبادل حزب الله إطلاق النار بشكل شبه يومي مع القوات الإسرائيلية دعما لحليفته حماس منذ أن أدى الهجوم الذي شنته الجماعة الفلسطينية المسلحة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل إلى اندلاع حرب في غزة.
بعد مقتل الرجلين، تصاعدت المخاوف من اندلاع حرب شاملة، حيث علقت شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى بيروت، وحثت الدول رعاياها على المغادرة.
وأدت غارة بيروت الأسبوع الماضي إلى مقتل مستشار إيراني وخمسة مدنيين – ثلاث نساء وطفلين.
وقالت بتول “من يقول إنه يريد البقاء في الضاحية أثناء قصفها فهو يكذب على نفسه”.
– 'لا خيار' –
قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الثلاثاء، إن حركته الشيعية وإيران “ملزمتان بالرد” على إسرائيل “مهما كانت العواقب”.
وقالت بتول إنها حاولت دون جدوى استئجار مسكن في “مناطق آمنة” – غير تابعة لحزب الله – خارج بيروت، لكن أصحاب العقارات كانوا يفرضون “أسعارًا باهظة”.
وقالت إن أحد مالكي العقارات ألغى إيجارها فجأة حتى بعد أن وافقت على دفع إيجار ستة أشهر مقدما لشقة في بلدة صوفر الجبلية.
وقالت معلمة تبلغ من العمر 55 عاما ومؤيدة لحزب الله، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأن الأمر حساس، إنها شعرت بالحظ لأنها وجدت شقة على بعد حوالي 15 كيلومترا (تسعة أميال) خارج بيروت.
لكن ذلك جاء بتكلفة قدرها 1500 دولار شهرياً، في بلد يعاني من أزمة اقتصادية منذ أكثر من أربع سنوات.
وقال المعلم، وهو أيضا من سكان الضاحية، إن التلاعب بالأسعار كان متفشيا، مشيرا إلى أن شقة أخرى مدرجة على الإنترنت مقابل 1500 دولار شهريا “ولكن عندما وصلنا، طلبوا 2000 دولار”.
وأضافت “إنهم يعلمون أنه ليس لدينا خيار آخر. فعندما تكون هناك حرب، فإن الناس مستعدون لدفع أي مبلغ من المال من أجل البقاء في أمان”.
وأضافت أن “العديد من الناس سيبقون (في الضاحية) لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الإيجار”.
وقال رياض بو فخر الدين، وهو وسيط يؤجر المنازل في منطقة جبل لبنان القريبة من بيروت، إن الشقق أصبحت تباع بسرعة “في غضون نصف ساعة إلى ساعة من عرضها للبيع”.
وقال إن بعض أصحاب العقارات طلبوا منه رفع أسعار الشقق التي تبلغ عادة نحو 500 دولار شهريا إلى ما يصل إلى 2000 دولار.
قال أنه رفض.
وقال “أقول لهم إنني لا أستغل الأزمات. ولا أريد استغلال مخاوف الناس”.
– “الاستقطاب” –
أدت عشرة أشهر تقريبا من العنف عبر الحدود إلى مقتل نحو 558 شخصا في لبنان، معظمهم من المقاتلين ولكن بينهم أيضا 116 مدنيا على الأقل، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس.
وعلى الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل، قُتل 22 جندياً و25 مدنياً، بحسب أرقام الجيش.
وقال علي، الذي يستأجر شققا فندقية في وسط بيروت، إن هاتفه “لم يتوقف عن الرنين” قبيل خطاب نصرالله.
وقال “لقد قمت بحجز 10 شقق خلال يومين”.
وقال الرجل البالغ من العمر 32 عاما، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه الأول فقط: “لقد دخل العديد من الأشخاص وحجزوا على الفور… أو اتصلوا بي وكانوا هنا خلال ساعة”.
في عام 2006، خاض حزب الله حرباً مدمرة مع إسرائيل، التي قصفت قواتها الجوية الضاحية الجنوبية لبيروت كل ليلة لمدة شهر، مما أدى إلى تدمير مئات المباني السكنية.
في ذلك الوقت، أعرب العديد من الناس من مختلف الطوائف اللبنانية عن دعمهم لحزب الله وتضامنهم مع المجتمع الشيعي المسلم، الذي فقد العديد منهم منازلهم وسبل عيشهم.
لكن هذه المرة، قالت بتول، إحدى سكان الضاحية، إن التضامن كان مفقوداً، حيث انقسم السياسيون بعد أن قرر حزب الله من جانب واحد البدء في مهاجمة المواقع الإسرائيلية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول.
وأضافت أنه في عام 2006 “لم يكن هناك مثل هذا الاستقطاب”.
وقالت بتول إن أصحاب العقارات وغيرهم من المستفيدين من الطلب المرتفع على السكن الآن مدفوعون بالجشع بكل بساطة.
