Connect with us

Hi, what are you looking for?

اخر الاخبار

زيارة الشرع إلى موسكو

لا يمكن اعتبار زيارة أحمد الشرع إلى موسكو حدثاً استراتيجياً في سياق الوضع السوري الراهن، كما أنها لا تعكس تحولاً أو تحولاً محورياً في المنطقة.

ذلك أن الوضع في سوريا يخضع لديناميكية داخلية معقدة، حيث لا يزال الحكام الجدد في دمشق، ممثلين بالشرع، يواجهون تحدياً كبيراً يفرض شرعيتهم الداخلية.

ونتيجة لذلك، تعتبر زيارة الشرع رمزية أكثر منها عملية. وهو جزء من محاولات الحكومة الجديدة لتسليط الضوء على حضورها الدبلوماسي وتأمين شكل من أشكال الاعتراف الدولي، وخاصة من روسيا، التي كانت حليفاً محورياً لنظام الأسد السابق.

ومع ذلك، فإن الزيارة بالكاد تعكس تحولات حقيقية في السياسة أو الاستراتيجية، كما أنها لا تتجاوز نطاق العلاقات الثنائية التقليدية في سياق الوضع غير المستقر في سوريا.

في الواقع، تحظى القضايا السورية الداخلية اليوم بأولوية مطلقة، حيث ستحدد الصراعات والتحديات الداخلية المستمرة الشرعية الداخلية وإمكانية إنشاء نظام متين يعيد تشكيل الدولة السورية بعد سنوات من الحرب والانقسام.

علاوة على ذلك، تشير الظروف المحيطة بالزيارة إلى أنها تأتي في وقت تراجع الدور الروسي السابق، حيث تعيد موسكو نفسها تقييم وسائل تدخلها ونفوذها في سوريا. وهذا يعني أن لقاءات الشرع مع بوتين لم توفر مكاناً لإعادة صياغة الاستراتيجيات الأساسية، بل كانت مجرد مناسبة للتوصل إلى اتفاقات حول قضايا محددة من دون تجاوز حدود المصالح المتبادلة المباشرة.

صحيح أن زيارة موسكو كان لها بعض الثقل الرمزي، إلا أنه لا يمكن اعتبارها نقطة تحول مهمة حقاً يمكن أن تعيد تشكيل المشهد السوري، داخلياً أو خارجياً.

ومن وجهة نظر السلطات الانتقالية الجديدة، تعتبر الزيارة خطوة مهمة نحو السعي للحصول على الشرعية الدولية. ويتطلب التعاون مع موسكو إعادة ضبط العلاقات على أسس جديدة. لكن هذا التعاون سيبقى محدود التأثير ما لم يسفر عن نتائج ملموسة على المستوى الداخلي السوري لها انعكاسات على الاقتصاد والأمن وتعزيز المؤسسات الوطنية.

وهنا تكمن معضلة أخرى يواجهها النظام: فإذا تم قياس نجاح الزيارة بمدى تأثيرها على الشرعية الداخلية وقدرتها على معالجة القضايا الوطنية الملحة، فإن الشرعية الحقيقية للحكومة الجديدة لا يمكن أن تبنى على علاقات خارجية قوية.

بل يجب أن تنبع من بناء ثقة داخلية عميقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري وقدرته على حل الأزمة الوطنية من جذورها، على أسس وطنية واضحة. إن غياب هذه الشرعية الداخلية يعني أن أي دعم خارجي، مهما كان كبيرا أو نوعيا، لن يكون كافيا.

إن التحدي الأساسي الذي يواجه القيادة السورية الجديدة، التي يرأسها حالياً أحمد الشرع، لا يتمثل ببساطة في تحقيق الانسجام أو إعادة ضبط العلاقات مع موسكو باعتبارها لاعباً دولياً مؤثراً وحاسماً في سوريا. بل إنها تضع على المسار الصحيح عملية بناء وطنية شاملة لإعادة بناء الدولة السورية من الداخل على أسس جديدة. وهذا يتطلب ترسيخ نظام متين في الداخل قادر على التغلب على الانقسامات العميقة التي خلفتها سنوات طويلة من الصراع ذي الأبعاد الطائفية والعرقية والسياسية والأمنية.

وبهذا المعنى، فمن الضروري أن يكون الهدف الأساسي لهذه الحكومة الانتقالية هو خلق إطار سياسي شامل يضمن المشاركة الحقيقية لجميع مكونات المجتمع السوري في العملية السياسية، مع تعزيز الشرعية الوطنية الداخلية القائمة على العدالة والمصالحة والتوافق على مبادئ قيادة الدولة الجديدة وإدارتها.

بمعنى آخر، عندما يفتقر النظام السوري إلى التماسك السياسي والشعبي في الداخل، فإن أي دعم خارجي، مهما كان كبيرا، لن يكون له تأثير كبير في إعادة بناء سوريا كدولة ذات سيادة ذات مؤسسات قوية وقابلة للحياة.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

اخر الاخبار

5 ديسمبر (رويترز) – ذكرت وسائل إعلام رسمية أن البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني أطلقت صواريخ باليستية وصواريخ كروز على أهداف محاكاة في الخليج...

اخر الاخبار

بقلم أوليفيا لو بوديفين وجوني كوتون وسيسيل مانتوفاني جنيف (رويترز) – تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) ضغطا محتملا على الميزانية بعد أن قالت إسبانيا...

اخر الاخبار

قالت وزارة الصحة الفلسطينية، ومقرها رام الله، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت، اليوم الجمعة، شابا شمال الضفة الغربية المحتلة. وقالت وزارة الصحة في بيان...

اخر الاخبار

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون يوم الجمعة لوفد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن بلاده لا تريد الحرب مع إسرائيل، بعد أيام من...

اخر الاخبار

بيروت، لبنان على الرغم من الجهود المبذولة للتحرك “الإيجابي” من قبل الجانبين بعد أول محادثات مباشرة منذ عقود بين لبنان وإسرائيل، إلا أن الشكوك...

اخر الاخبار

تم اكتشاف كنز مكون من 225 تمثالًا جنائزيًا داخل مقبرة في العاصمة المصرية القديمة تانيس في دلتا النيل، وهو اكتشاف نادر يحل أيضًا لغزًا...

اخر الاخبار

في يونيو 1939، عشية الحرب العالمية الثانية، كتب ألبير كامو، وهو مثقف يساري شاب ناشئ ولد لعائلة من المستوطنين الفقراء في الجزائر، ما يلي:...

اخر الاخبار

بيروت (5 ديسمبر كانون الأول) (رويترز) – انتقد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم اليوم الجمعة قرار الحكومة اللبنانية إرسال مندوب مدني إلى لجنة...