Connect with us

Hi, what are you looking for?

اخر الاخبار

سوريا ولبنان يسعيان إلى فصل جديد في العلاقات وسط التحديات الإقليمية

الدوحة

في خطوة دبلوماسية تعكس تحولات سياسية وإقليمية كبيرة، عقد الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، السبت، اجتماعا ثانيا على هامش منتدى الدوحة في العاصمة القطرية، في استمرار للحوار بين دمشق وبيروت بعد سنوات من التوتر والركود السياسي.

وقد أشار اللقاء، الذي جاء في أعقاب أول لقاء بينهما في إبريل/نيسان خلال زيارة سلام الرسمية إلى دمشق، إلى التصميم المشترك على إعادة بناء العلاقات الثنائية على أسس جديدة، تقوم على الحوار المباشر والتنسيق المؤسسي، بعيداً عن الإرث الثقيل المتمثل في التدخل السياسي ونفوذ الميليشيات الذي ميز النظام السوري السابق في عهد بشار الأسد.

وأشار سلام على موقع X (تويتر سابقاً) إلى أن المناقشات تركزت حول تعزيز العلاقات الثنائية وفتح آفاق التعاون في مجموعة من القضايا العالقة، ما يعكس اعتراف بيروت بأهمية سوريا كدولة جارة تؤثر بشكل مباشر على أمن لبنان وسياسته واقتصاده.

وبالنسبة لسوريا في ظل الشرع، فإن اللقاء يظهر محاولة لإعادة ترسيخ وجودها الإقليمي وتحسين صورتها الدولية بعد سنوات من العزلة التي فرضتها الحرب والتحالفات السابقة، وخاصة تورط حزب الله المباشر في الصراع السوري، الأمر الذي أثر بشكل عميق على العلاقات الثنائية.

ويحمل اللقاء أهمية رمزية واضحة. إنه أكثر من مجرد بروتوكول رسمي؛ فهو يمثل محاولة لرسم مسار جديد يوازن بين المصالح السورية واللبنانية في لحظة حساسة تتسم بالتحديات الاقتصادية والأمنية والإنسانية.

وتسعى دمشق إلى إعادة تشكيل سياستها الخارجية وتعزيز شرعيتها وتوسيع شبكتها الإقليمية، في حين يهدف لبنان إلى تخفيف الضغوط الداخلية والخارجية، وخاصة فيما يتعلق بالأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين، وضمان الأمن والاستقرار الاقتصادي المفضي إلى التنمية والحد من التوترات الداخلية.

ويواصل لقاء الشرع والسلام الثاني المسار الذي بدأه في نيسان/أبريل الماضي، والذي شكل نقطة تحول في العلاقات الثنائية وأعاد التركيز على تصحيح المسار بعد سنوات من التدهور والتوتر. وزادت التدخلات العسكرية والسياسية لحزب الله في الحرب السورية من تعقيد العلاقات، إلى جانب تأثير الصراع على لبنان من خلال موجات اللاجئين والضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة، مما استلزم اتباع نهج مؤسسي جديد لإدارة الشؤون الثنائية.

وتركزت المناقشات على عدة قضايا أساسية. واتفق الجانبان على الأهمية الاستراتيجية للسيطرة على الحدود، وهو تحدي أمني طويل الأمد. إن التخطيط الجغرافي وانتشار المعابر غير الشرعية وحركة الجماعات المسلحة خلال الحرب جعل التنسيق الأمني ​​ضروريًا للحفاظ على الاستقرار وحماية السكان في المناطق الحدودية. والتزم الطرفان بتعزيز المراقبة وتطوير الآليات المشتركة للحد من التهريب ومنع المعابر غير الشرعية، بما يعكس نهجا جديا واستباقيا.

وكانت قضية اللاجئين السوريين في لبنان موضوعا رئيسيا آخر، وطرحت تحديات إنسانية وسياسية واقتصادية. لقد استضاف لبنان أعداداً كبيرة من اللاجئين على مر السنين، مما فرض ضغطاً كبيراً على بنيته التحتية الاقتصادية والاجتماعية، مما جعل العودة الآمنة والمنظمة ضرورة ملحة. وشدد الجانبان على التنسيق مع الأمم المتحدة لإنشاء آليات تضمن العودة الكريمة والآمنة إلى الوطن مع توفير الظروف المناسبة داخل سوريا، حيث تجري عملية إعادة الإعمار الجزئي للبنية التحتية والخدمات الأساسية.

كما تم التطرق إلى وضع السوريين المعتقلين في السجون اللبنانية، وهو من أكثر الأمور حساسية. ويتطلب الأمر تنسيقاً قضائياً دقيقاً بين البلدين. وأظهرت اللجان الوزارية المشتركة التزاماً واضحاً بإدارة القضية بمهنية، دون تدخلات سياسية أو ضغوط خارجية، مع احترام الحقوق القانونية والإنسانية للمعتقلين.

وبرز التعاون الاقتصادي باعتباره ركيزة حيوية أخرى. ويسعى لبنان، الذي يواجه أزمة مالية حادة، إلى إيجاد منافذ تجارية مستقرة، في حين تعمل سوريا كبوابة حاسمة. ومن المنتظر أن يستفيد الجانبان من تنشيط التبادل الاقتصادي، مما يجعل تجديد خطوط التجارة أمراً ضرورياً. ويشكل هذا التركيز على الاقتصاد جزءا من رؤية استراتيجية أوسع لإعادة بناء الثقة وتحويل العلاقة الثنائية إلى شراكة عملية وقابلة للتنفيذ، تتجاوز الخلافات السياسية السابقة.

كما عكس الاجتماع ديناميكيات إقليمية أوسع، حيث تتم إعادة تشكيل التحالفات والتوازنات بعد سنوات من الصراعات المعقدة. وتهدف دمشق إلى الخروج من عزلتها السياسية والدبلوماسية، بينما يسعى لبنان إلى استعادة العلاقات الإقليمية وتأمين الدعم الدولي لتخفيف الضغوط الاقتصادية واللاجئين. ويشير الحوار إلى الرغبة في الحد من تأثير الجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل حزب الله، وإضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات حول المصالح الوطنية المشتركة.

والمكاسب المحتملة كبيرة: تعزيز استقرار الحدود، وتنشيط التجارة والاقتصاد، وتقليل التوترات السياسية في لبنان فيما يتعلق بالشؤون السورية، وآليات واضحة لإدارة ملفات اللاجئين والمعتقلين، واستعادة الثقة بين المؤسسات الرسمية، وتسهيل التعاون المستمر. ولا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك نفوذ حزب الله المستمر في عملية صنع القرار، ونقاط الضعف الاقتصادية في سوريا، والمواقف الدولية المتباينة بشأن اللاجئين، والتوترات التاريخية والاجتماعية، والقضايا الإقليمية المتداخلة التي تؤثر على الاستقرار الثنائي.

وفي عموم الأمر، يعكس اجتماع الدوحة استراتيجية واقعية ومؤسسية، تركز على القضايا العملية التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاقتصاد والمجتمع، في حين تعمل على تفكيك العقبات التاريخية التي أعاقت التعاون في السابق. والهدف الشامل هو إعادة بناء علاقة مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، بغض النظر عن الاستقطاب السياسي أو النفوذ الحزبي غير الرسمي.

وبينما تسعى سوريا إلى تعزيز موقفها الإقليمي وتحسين صورتها الدولية، ويسعى لبنان إلى إيجاد حلول عملية للضغوط الداخلية والاقتصادية، فإن هذا التقارب يمثل خطوة استراتيجية قادرة على إعادة تعريف العلاقات الثنائية. ومن المرجح أن يؤدي التنسيق المستمر من خلال اللجان الوزارية إلى تقدم ملموس في إدارة الحدود وشؤون اللاجئين والمعتقلين والتعاون الاقتصادي، مما يمثل تحولاً كبيراً في العلاقات السورية اللبنانية بعد سنوات من الركود والتوتر.

ويشكل اجتماع الدوحة مؤشراً واضحاً على أن سوريا المتجددة ولبنان الحذر، على الرغم من التحديات المعقدة، تحركهما الضرورة العملية للتعاون، وأن التقاطعات السياسية والاقتصادية والإنسانية تتطلب مسارات واضحة للتقارب، وهو ما قد يؤدي إلى عصر جديد من الاستقرار والتفاهم المتبادل في المنطقة، شريطة أن يظل الجانبان ملتزمين بالحوار والعمل المؤسسي.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

اخر الاخبار

القاهرة وقد قدم عرض المنتجات الدفاعية المصنعة بشكل مشترك مع الخبرة المصرية التركية مثالا حيا على التحول العميق في العلاقات بين القاهرة وأنقرة، والتحول...

اخر الاخبار

الدوحة حذر الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم السبت، من أن مطالبة إسرائيل بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا ستعرض بلاده للخطر، مع استمرار...

اخر الاخبار

تونس أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، على العلاقات التاريخية المتميزة التي تربط تونس وسلطنة عمان، مشيرا إلى أن العلاقات عميقة الجذور وطويلة الأمد. ومن...

اخر الاخبار

اسطنبول قال أحد كبار مسؤوليها يوم السبت إن جهود التوسط في السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني المتشدد كان لها “تأثير إيجابي” على أكراد...

منوعات

إذا كنت تبحث عن أفضل شركة مقاولات عامة في الكويت تقدم خبرة حقيقية وتنفيذ هندسي دقيق، فأنت في المكان الصحيح. نحن نقدم خدمات مقاول...

اخر الاخبار

قالت مصادر لوكالة فرانس برس إنه مع سقوط مدينة تلو الأخرى في هجوم خاطف للمتمردين في سوريا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، رأت القوات...

اخر الاخبار

طهران أعلنت إيران الأحد أن أكثر من 50 من مواطنيها سيعودون من الولايات المتحدة، في وقت يواصل الرئيس دونالد ترامب حملة على الهجرة. وقال...

اخر الاخبار

القدس (رويترز) – قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد إنه لن يعتزل السياسة إذا حصل على عفو من الرئيس الإسرائيلي في محاكمته...