عمان
تحولت الجامعة الأردنية إلى ساحة معركة مفتوحة بعد أن شهدت أكبر شجار جماعي في تاريخها بين طلبة من قبيلتي بني صخر والعجارمة، في حادثة هزت الحرم الجامعي ومنصات التواصل الاجتماعي.
وهيمنت الحادثة على موقع X خلال الأسبوع الماضي، حيث حصدت مقاطع الفيديو الخاصة بالمواجهة ملايين المشاهدات، والتي أظهرت مشاهد من الذعر الجماعي والاعتداءات العنيفة. وأثارت اللقطات جدلا واسعا حول ظاهرة العنف داخل الحرم الجامعي المتكررة ودور القبلية في الجامعات.
كما سلط معلقون الضوء على ما أسموه “الأيادي الخفية التي تحرك الخيوط”، بينما أرجع آخرون الاشتباكات إلى انسحاب الطلاب وتهميش النقابات. وانتشرت الوسوم مثل #UniversityofJordan و#TribalFight و#BaniSakher و#Ajarmeh على نطاق واسع.
ولم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها في الجامعة الأردنية، التي لها تاريخ من الاشتباكات الطلابية، لكن حجم الشجار الأخير جعله تريندًا كبيرًا على X ومنصات أخرى. لقد عكس ذلك مخاوف اجتماعية أعمق بشأن الهويات الفرعية والتوترات القبلية في المجتمع الأردني، في حين أعرب البعض عن أمله في أن يؤدي ذلك إلى تحفيز الإصلاحات التعليمية والاجتماعية لمنع وقوع حوادث مماثلة.
كما لفت المعلقون الانتباه إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيم الصراع، مما خلق حالة من الذعر على نطاق واسع في عمان مع انتشار شائعات عن “حرب قبلية شاملة” وشيكة و”الاستعدادات لمواجهات أكبر”.
وحرضت حسابات مجهولة على العنف وتداولت معلومات كاذبة عن “أعداد الضحايا” و”الانتشار العسكري”. ووصلت مقاطع الفيديو التي تظهر الطلاب وهم يفرون مذعورين إلى عشرة ملايين مشاهدة في يوم واحد، مع تحذيرات من “التواجد بالقرب من الجامعة”. وأدى الخوف إلى إغلاق المتاجر وتعطيل حركة المرور حول الحرم الجامعي.
حولت وسائل التواصل الاجتماعي الجامعة الأردنية إلى “اتجاه عالمي”، مع مشاركة منشورات من الخليج وأوروبا، مما زاد الضغط على السلطات للاستجابة بسرعة. وأمر النائب العام بالقبض على 55 شخصا خلال ساعات في محاولة لاحتواء الأزمة قبل أن تتفاقم أكثر.
وبعيدًا عن إثارة الذعر، انتهك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا الخصوصية من خلال نشر صور وأسماء المتورطين، مما يعرضهم للتشهير والانتقام المحتمل. واستغل بعض المؤثرين الحادثة لتعزيز متابعيهم من خلال “التغطية المباشرة”، مما أدى إلى زيادة التوترات بدلاً من تهدئتهم.
أثارت هذه الممارسات جدلا قانونيا حول “مسؤولية الناشرين الرقميين”، حيث تعهدت السلطات بملاحقة الحسابات التي تحرض على العنف.
وبحسب معلقين، فإن وسائل التواصل الاجتماعي حولت الصدامات القبلية من قضايا محلية إلى ظاهرة وطنية. لقد أصبح “الصراع القبلي” اتجاها يوميا، مما يفرض نقاشا عاما حول الهوية والنزعة الإقليمية داخل الجامعات.
وظهرت حملات يقودها الشباب تدعو إلى “إنهاء القبلية في التعليم” و”تقوية اتحادات الطلاب”. وفي الوقت نفسه، استخدمت السلطات وسائل التواصل الاجتماعي لإصدار بيانات تحث على الهدوء وتوضيح الإجراءات، مما يساعد على الحد من انتشار الشائعات. ومع ذلك، كان الجانب السلبي هو تطبيع العنف حيث يتم التعامل مع الاشتباكات بشكل متزايد على أنها “محتوى ترفيهي”.
وبحسب ما ورد بدأت المواجهة بمشاجرة كلامية بين طالبين في الحرم الجامعي، لكنها سرعان ما تصاعدت إلى قتال قبلي واسع النطاق، حيث انضمت مجموعات من الطلاب لدعم كل جانب. وتحولت الجامعة إلى ساحة معركة، حيث تم إلقاء الحجارة والعصي، وتضررت السيارات والنوافذ وممتلكات الجامعة.
تم إخلاء الحرم الجامعي على الفور في عملية طارئة مع امتداد الاشتباكات إلى الشوارع المجاورة، مما أثار ذعرًا جماعيًا وفرار مئات الطلاب وسط أصوات الزجاج المتحطم والصراخ.
وأصيب سبعة أشخاص، نقل ثلاثة منهم إلى المستشفى بدرجات متفاوتة. وتعرضت الجامعة لأضرار مادية كبيرة، بما في ذلك تدمير المركبات وتحطيم النوافذ في المباني الأكاديمية. كما هوجمت المتاجر القريبة مما أدى إلى نشر الخوف في المنطقة المحيطة.
وفي تطور إيجابي، التقى ممثلون عن القبيلتين في 18 تشرين الأول/أكتوبر، تحت رعاية النائب ابراهيم فنخير سالم الجبور والشيخ يوسف الشهوان، مع المحامي عبد الكريم الغانم الذي يتولى الإجراءات القانونية، ما يشير إلى حل سريع من خلال الوساطة العشائرية التقليدية، المعروفة بتسوياتها السريعة والفعالة.
وقالت الجامعة الأردنية إنها ملتزمة بعقوبات إدارية صارمة، بما في ذلك احتمال طرد بعض الطلاب، وأعلنت عن تشكيل لجنة تأديبية طلابية للتحقيق في الحادثة. وشددت على أنها “لن تتسامح” مع أي خرق يهدد سلامة البيئة الأكاديمية، حيث رفض المدعي العام في عمان إطلاق سراح الموقوفين بكفالة.
دعا وزير التعليم الأسبق إلى إيجاد حلول شاملة لمعالجة ظاهرة العنف داخل الحرم الجامعي، التي قال إنها تهدد سمعة الجامعات الأردنية.
كما تداول المعلقون منشوراً للأكاديمي الدكتور يوسف رباع بعنوان “القبائل الملعونة”، رفض فيه فكرة تحميل العشائر الأردنية مسؤولية أي سلوك خاطئ يرتكب باسمها.
وقال الربابعة، وهو باحث بارز، إن الجامعات لا تدار من قبل القبائل بل من قبل الدولة، التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن جميع “الأخطاء والإخفاقات”، مشيراً إلى أنه لا أحد يتشاور مع أفراد القبائل بشأن التعيينات أو السياسات.
وكتب على فيسبوك: “القبائل الملعونة، كلما اندلع قتال في إحدى الجامعات، يسارع المتعصبون إلى تبرئة سياسات الدولة والأجهزة الأمنية من أي مسؤولية، ويلقون اللوم على القبائل والعشائرية باعتبارهما الشر الأكبر وراء مشاكلنا.
“إن هذه القبائل المزعومة الملعونة تصبح فجأة المنقذ كلما احتاج إليها النظام. حتى أبناء الدولة يحصلون على مناصب وامتيازات باسمهم، ثم ينتقصون منها عندما تنتهي فائدتها. تصبح القبائل خزانا للأصوات والترقيات والمحسوبيات لكل انتهازي باحث عن السلطة أو الربح، حتى أولئك الذين يلجأون إليها عندما ينكشف فسادهم.
“في الواقع، القبائل لا علاقة لها بالتعيينات والقرارات. لقد تفككت بنيتها الاجتماعية، وتم تنصيب بعض الأفراد كـ “مشايخ” دون أن يمتلكوا القيم أو الأخلاق التي يتطلبها اللقب. أصبحت القبيلة اسما بلا جوهر، لكنها تظل حصان طروادة كلما أرادت الدولة التبرأ من أفعالها وسياساتها.
الجامعات لا تديرها القبائل بل تديرها الدولة ومؤسساتها، الدولة هي التي تتحمل المسؤولية عن كل الأخطاء والأخطاء”.