وفي لمح البصر، فقد علي كنعان والدته وأخت زوجته وابنة أخيه واثنين من أبناء أخيه عندما قصفت إسرائيل قريته في وادي البقاع الشرقي في لبنان حيث قتل 60 شخصا يوم الاثنين.
وكانت الضربات الإسرائيلية على 12 منطقة في المنطقة الشرقية الفقيرة التي يسيطر عليها حزب الله هي الأعنف هناك منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله أواخر الشهر الماضي.
وفي قرية العلق غرب مدينة بعلبك، قتلت غارات إسرائيلية 16 شخصا، بينهم أقارب كنعان، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
وقال كنعان: “لقد ماتت والدتي، وزوجة أخي، وابن أخي البالغ من العمر ست سنوات، وابنة أخي البالغة من العمر سنة واحدة، وابن أخي البالغ من العمر سبع سنوات، والفتاة التي تساعد أمي في المنزل”.
وقال لوكالة فرانس برس وهو يشير إلى منزل والدته المدمر “لقد حدثت مذبحة هنا”.
وفي يوم الثلاثاء، ظهرت أواني الطبخ تحت الأنقاض. وكانت سجادة مغطاة بالغبار متناثرة على الأرض.
وقال كنعان إن الضربات على العلق بدأت قبيل الساعة السابعة مساء (1700 بتوقيت جرينتش).
وأضاف أن الهدف الأول كان منزلا عند مدخل القرية.
وهرع إخوة كنعان إلى هناك للمساعدة في جهود الإنقاذ. ثم تعرض منزلهم للقصف بعد 30 دقيقة فقط.
وأضاف “كان منزلا مليئا بالمدنيين، كلهم نساء وأطفال”، نافيا أي صلة له بحزب الله.
– “كارثة” –
وبعد ما يقرب من عام من إطلاق النار عبر الحدود مع حزب الله، كثفت إسرائيل الشهر الماضي ضرباتها على معاقل الجماعة ثم أرسلت قوات برية عبر الحدود.
وأودت الحرب بحياة أكثر من 1700 شخص في لبنان منذ 23 أيلول/سبتمبر، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام وزارة الصحة، لكن من المرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى بسبب الثغرات في البيانات.
وكان وادي البقاع المجاور لسوريا من أكثر المناطق تضررا.
ووصف محافظ بعلبك بشير خضر الغارات التي وقعت يوم الاثنين بأنها “الأكثر عنفا” على المنطقة منذ أكثر من شهر من الحرب.
وقال خضر لوكالة فرانس برس إن ما يزيد عن 30 غارة جوية ضربت المنطقة في أقل من 24 ساعة، مضيفا أن النساء والأطفال شكلوا ثلثي الضحايا.
وتعرضت منطقة بعلبك، موطن مدينة قديمة تحمل الاسم نفسه، لأكبر عدد من الغارات.
وضربت إحدى الغارات على مشارف مدينة بعلبك بالقرب من مخيم تديره الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت وزارة الصحة إن ستة أشخاص على الأقل قتلوا في الغارات قرب معسكر غورو الذي يضم ثكنة عسكرية قديمة تعود إلى فترة الانتداب الفرنسي.
لقد سويت العديد من المباني هناك بالأرض. وغطت الأنقاض شوارع بأكملها وقام السكان بمسح الحطام لانتشال ما في وسعهم من ما تبقى من منازلهم.
وقال محمد الرفاعي الذي تضرر منزله “هذه ثكنة فرنسية قديمة يعيش فيها النازحون منذ السبعينيات. لا يوجد فيها أي شيء آخر”.
“ما يحدث في البلاد كارثة. الأشخاص الذين قتلوا أبرياء ولا علاقة لهم بحزب الله”.
– “محو التاريخ” –
قبل ساعات من الغارات على البقاع، هاجمت الطائرات الإسرائيلية صور، المدينة الساحلية في جنوب لبنان والتي تعد موطنا لموقع التراث العالمي لليونسكو.
وقد شوهت مدينة صور، التي تعرضت لقصف إسرائيلي عنيف الأسبوع الماضي، بسبب الجولة الأخيرة من الغارات.
وتقول إسرائيل إنها تستهدف البنية التحتية لحزب الله في المدينة التي تسيطر عليها حركة أمل المتحالفة مع حزب الله.
أصبحت واجهتها البحرية ذات المناظر الخلابة تصطف الآن على جانبيها المباني المسطحة، وتسد قطع من الأنقاض بعض شوارعها الضيقة والمتعرجة.
وكُتب على لافتة وُضعت فوق أحد المباني المنهارة: “رغم المجازر، سننتصر”.
وهناك لافتة أخرى مكتوبة باللغة الإنجليزية تقول: “صنع في الولايات المتحدة”، في إشارة إلى مبيعات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل.
تعرض متجر التحف الذي تملكه عائلة حسن فقيه لأضرار جسيمة في الغارات.
افتتح المتجر منذ أكثر من 50 عاماً في وسط مدينة صور، التي كانت في السابق مركزاً سياحياً.
وقالت فقيه “لم نتوقع أن تقع المداهمات في قلب المدينة السياحية. لا يوجد أي مبرر لذلك”، متهمة إسرائيل بالسعي إلى “محو التاريخ”.
وتعرضت الواجهة البحرية لمدينة صور، بمقاهيها ومطاعمها العديدة، لأضرار بالغة.
ربيع عطوي الذي جاء لتفقد مطعم أحد الأصدقاء، وصف الشارع بأنه “شريان” الحياة الاقتصادية في مدينة صور.
وقال لوكالة فرانس برس “لا توجد أسلحة أو صواريخ هنا، فقط مطاعم”.
وقال “إسرائيل تريد… أن تعيدنا إلى العصر الحجري لكننا صامدون وسنعيد البناء”.
