استأنفت إسرائيل قصفها الدموي على قطاع غزة يوم الجمعة على الرغم من الدعوات الدولية لتجديد الهدنة، ما أسفر عن مقتل 178 شخصا على الأقل وفقا لسلطات حماس، كما تأكد مقتل خمسة رهائن كانت الحركة تحتجزهم.
وتصاعدت سحب الدخان الرمادي الناجمة عن الغارات في أفق غزة، وتدفقت الصواريخ التي أطلقت من القطاع على إسرائيل مع استئناف إسرائيل هجومها، الذي أثارته هجمات حماس القاتلة وعمليات الاختطاف في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت وزارة الصحة في غزة التي تديرها الحركة الفلسطينية إن 178 شخصا على الأقل قتلوا هناك منذ انتهاء الهدنة في وقت مبكر من يوم الجمعة.
وحذرت وكالات الأمم المتحدة من وضع إنساني كارثي في غزة حيث تكافح المستشفيات مرة أخرى للتعامل مع الجرحى بعد فترة راحة استمرت أسبوعا.
وزعمت إسرائيل أن حماس حاولت انتهاك الهدنة قبل انتهائها في الساعة 0500 بتوقيت جرينتش بإطلاق صاروخ، وأنها فشلت في تقديم قائمة بأسماء المزيد من الرهائن لإطلاق سراحهم يوم الجمعة بعد سبع عمليات تبادل سابقة.
ومع استئناف الأعمال العدائية، تلقى الجناح المسلح لحماس “الأمر باستئناف القتال” و”الدفاع عن قطاع غزة”، بحسب مصدر مقرب من الحركة طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش والبيت الأبيض إلى استئناف وقف القتال.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: “نواصل العمل مع إسرائيل ومصر وقطر في الجهود المبذولة لتمديد الهدنة الإنسانية في غزة”.
– “أم الضربات” –
أسفرت سبعة أيام من عمليات تبادل الرهائن والأسرى عن لم شمل عائلات إسرائيلية مع أقاربهم المفرج عنهم بالدموع والابتهاج في شوارع الضفة الغربية المحتلة مع إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصحفيين في دبي إن الولايات المتحدة لا تزال “تركز بشكل مكثف على إعادة الجميع إلى منازلهم وإعادة الرهائن” و”مواصلة العملية التي نجحت لمدة سبعة أيام” خلال الهدنة.
لكن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي قال للصحافيين: “بعد أن اختارت حماس التمسك بنسائنا، فإنها ستتلقى الآن أم الضربات”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن “القوات البرية والجوية والبحرية ضربت أهدافا إرهابية في شمال وجنوب قطاع غزة، بما في ذلك في خان يونس ورفح”.
وأظهرت لقطات تلفزيونية لوكالة فرانس برس خارج المستشفى الأهلي في مدينة غزة رجلا يرتدي سترة زرقاء يصرخ حزنا ويرفع وجهه ويديه إلى السماء بعد أن شاهد صبيا ميتا في كيس الجثث.
“ما الخطأ الذي ارتكبه؟ يا إلهي، ماذا فعلنا لنستحق هذا؟” صرخ.
– “فيلم رعب” –
خلال الهجوم غير المسبوق الذي وقع في 7 أكتوبر/تشرين الأول، اخترق مقاتلو حماس حدود غزة العسكرية إلى إسرائيل، وقتلوا حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واختطفوا حوالي 240، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وردا على ذلك، تعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس وأطلقت العنان لحملة جوية وبرية تقول سلطات حماس التي تدير غزة إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 15 ألف شخص، معظمهم من المدنيين أيضا.
وحذر غوتيريس من “كارثة إنسانية” في غزة حيث تقول الأمم المتحدة إن 1.7 مليون شخص نزحوا ويعانون من نقص الغذاء والماء وغيرهما من الضروريات.
وقال روب هولدن، مسؤول الطوارئ الكبير بمنظمة الصحة العالمية، للصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من غزة، بينما سُمع دوي انفجارات في الخلفية: “خدمة الرعاية الصحية تجثو على ركبتيها”.
“إنه مثل فيلم رعب.”
وعلى سرير في مستشفى ناصر في خان يونس، بكت أمل أبو دقة، وحجابها البيج مغطى بالدماء.
وقالت: “لا أعرف حتى ما حدث لأطفالي”. وقال أحد أقاربه جميل أبو دقة لوكالة فرانس برس إن العائلة كانت في المنزل عندما بدأت القنابل في التساقط.
وفي إسرائيل، انطلقت صفارات الإنذار تحذر من صواريخ محتملة في عدة بلدات قريبة من غزة، وقالت السلطات إنها استأنفت الإجراءات الأمنية في المنطقة، بما في ذلك إغلاق المدارس.
أدى هجوم صاروخي إلى تدمير شاحنة صغيرة في أحد التجمعات السكنية الإسرائيلية بالقرب من غزة.
– “مناطق الإخلاء” –
وقال مصدر مطلع على المحادثات طلب عدم ذكر اسمه إن جهود الوساطة التي تبذلها قطر ومصر “مستمرة”.
خلال الهدنة التي استمرت سبعة أيام، أطلقت حماس سراح 80 رهينة إسرائيلية مقابل 240 سجينًا فلسطينيًا، ودخلت المزيد من المساعدات إلى غزة.
كما تم إطلاق سراح 25 رهينة أخرى، معظمهم من التايلانديين، في ترتيبات منفصلة.
ودعا بلينكن، خلال اجتماعه بمسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، يوم الخميس، إلى تمديد الهدنة، وحذر من أن أي استئناف للقتال يجب أن يحمي المدنيين الفلسطينيين.
ونشر الجيش الإسرائيلي خريطة “لمناطق الإخلاء” في قطاع غزة قال إنها ستمكن السكان من “الإخلاء من أماكن محددة حفاظا على سلامتهم إذا لزم الأمر”.
وتم إرسال تحذيرات عبر الرسائل النصية القصيرة إلى السكان في مناطق مختلفة من غزة يوم الجمعة.
وجاء في التحذيرات أن القوات الإسرائيلية “ستبدأ هجوما عسكريا كاسحا على منطقة سكنك بهدف القضاء على منظمة حماس الإرهابية”.
“ابتعدوا عن كافة الأنشطة العسكرية بكافة أنواعها”.
– أطفال رهائن –
تم يوم الخميس إطلاق سراح ثمانية رهائن إسرائيليين، بعضهم يحمل جنسية مزدوجة، في الجولة السابعة من عمليات التبادل بموجب الهدنة.
وقالت مصلحة السجون في البلاد في وقت لاحق إنه تم إطلاق سراح 30 سجينًا فلسطينيًا آخرين – 23 قاصرًا وسبع نساء.
وأكد الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة أن خمسة من الرهائن الذين احتجزتهم حماس في الهجمات قد لقوا حتفهم. وأضافت أن الجماعة الإسلامية لا تزال تحتجز “136 رهينة، من بينهم 17 امرأة وطفلا”.
وقالت حماس إنها عرضت تسليم جثتي أم وابنيها – أحدهما طفل – في محادثات لتمديد الهدنة التي انتهت الآن.
ورفض مسؤولون إسرائيليون التعليق على ما وصفوه بـ “دعاية” حماس.
أصبحت شيري بيباس وابنها كفير البالغ من العمر 10 أشهر وشقيقه أرييل البالغ من العمر أربع سنوات، إلى جانب والدهم ياردن، رمزا لهجمات 7 أكتوبر.
وبعد ساعات من انهيار الهدنة، أدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل ثلاثة أشخاص في جنوب لبنان، أحدهم عضو في حزب الله، بحسب الجماعة المسلحة المدعومة من إيران.
في غضون ذلك، أعلن حزب الله مسؤوليته عن أولى هجماته على إسرائيل منذ انتهاء الهدنة.
بورس-rlp/كير
