عمت الفوضى عملية تسليم مساعدات في قطاع غزة يوم السبت مع إطلاق أعيرة نارية وأفاد مسعف في الهلال الأحمر بمقتل خمسة أشخاص، في الوقت الذي خلف فيه القصف الإسرائيلي المستمر منذ ستة أشهر مئات الآلاف في الأراضي الفلسطينية في حاجة ماسة.
ويتسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل، والذي نجم عن هجوم مسلح مميت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، في شن غارات جوية ليلية وعمليات واسعة النطاق في الأيام الأخيرة حول عدة مستشفيات تقول إنها تستخدمها الجماعات الفلسطينية المسلحة، وهي مزاعم نفتها حماس.
وحذرت منظمة الصحة العالمية يوم السبت من أن غزة لديها 10 مستشفيات فقط “تعمل بشكل محدود” لأكثر من مليوني شخص، وقال رئيسها تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن حوالي 9000 مريض بحاجة ماسة للعلاج في الخارج.
وحذرت وكالات الأمم المتحدة مرارا وتكرارا من أن الجزء الشمالي من غزة على وشك المجاعة ووصفتها بأنها أزمة من صنع الإنسان لأن شاحنات المساعدات متوقفة على الحدود بين مصر وغزة في انتظار عمليات تفتيش طويلة من قبل المسؤولين الإسرائيليين. ونفت إسرائيل مسؤوليتها.
وأمرت المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات، وتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا يطالب “بوقف فوري لإطلاق النار” لكن أيا منهما لم يؤثر على الوضع على الأرض.
ولم تتمكن إسرائيل وحماس من الاتفاق على هدنة في محادثات غير مباشرة في قطر، حيث ألقى كل طرف باللوم على الآخر في الفشل في التوصل إلى اتفاق.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على جولة جديدة من المحادثات يوم الجمعة مع توقع أن يستأنف المفاوضون عملهم يوم الاثنين.
– “مساعدات غير كافية” –
وقال مسعف تابع للهلال الأحمر في مستشفى قريب إن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب العشرات بإطلاق نار وتدافع خلال عملية توزيع نادرة للمساعدات في شمال غزة التي تلقت أقل قدر من المساعدة.
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس إن أعيرة نارية أطلقها سكان غزة الذين يشرفون على تسليم المساعدات والقوات الإسرائيلية القريبة، مما دفع سائقي الشاحنات المذعورين إلى الفرار بسرعة، وضربوا الأشخاص الذين كانوا يحاولون الحصول على الطعام. وقال الجيش الإسرائيلي لوكالة فرانس برس إنه “ليس لديه سجل بالحادث الموصوف”.
لقد أصبحت عمليات تسليم المساعدات محفوفة بالمخاطر على نحو متزايد مع تزايد احتياجات سكان غزة.
وكثفت القوى الأجنبية عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات، لكن العديد من الأشخاص لقوا حتفهم بسبب سقوط الصناديق أو التدافع أو غرقوا أثناء محاولتهم استعادة الطرود من البحر الأبيض المتوسط.
نظمت جمعيتان خيريتان عمليات توصيل المساعدات عن طريق البحر، حيث أبحرت مهمتهما الثانية خلال ما يزيد قليلاً عن أسبوعين من قبرص يوم السبت.
ويحمل أسطولهم حوالي 400 طن من الإمدادات.
وقال خوان كاميلو من مؤسسة وورلد سنترال كيتشنز، وهي إحدى المؤسسات الخيرية، في مقطع فيديو تم تصويره من القافلة ونشر على وسائل التواصل الاجتماعي: “لا توجد مساعدات كافية تصل إلى غزة ونحن بحاجة إلى فتح أكبر عدد ممكن من الطرق”.
وقالت وكالات الأمم المتحدة مرارا وتكرارا إن عمليات التسليم البرية هي الطريقة الوحيدة لتقديم المساعدات بالحجم المطلوب.
قامت الفلسطينية داليا العفيفي، التي نزحت إلى دير البلح وسط قطاع غزة، ببناء منزل من العلب التي تلقتها ضمن حزم المساعدات “لتوضيح نقطة للعالم” بشأن محنة القطاع.
وقالت لوكالة فرانس برس “هذا يجب أن يتوقف. حياتنا ليست مجرد علب”.
واستمر القصف الإسرائيلي على قدم وساق حتى يوم السبت، حيث أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس أن 82 شخصا على الأقل قتلوا خلال الليل.
وقال المكتب الصحفي لحماس إن “منازل المدنيين” تعرضت لعشرات الضربات الإسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب عشرات الأهداف بما في ذلك نشطاء ومجمعاتهم.
وبدأت الحرب بهجوم نفذته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل نحو 1160 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأدت الحملة الانتقامية الإسرائيلية ضد حماس إلى مقتل ما لا يقل عن 32705 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة.
– نتنياهو تحت الضغط –
ومع تدهور الوضع الصحي بشكل متزايد، قال تيدروس إن ما يقرب من 9000 مريض بحاجة إلى مغادرة غزة للحصول على “الخدمات الصحية المنقذة للحياة، بما في ذلك علاج السرطان والإصابات الناجمة عن القصف وغسيل الكلى وغيرها من الحالات المزمنة”.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن غزة كان بها 36 مستشفى قبل الحرب لكن الآن لم يعد بها سوى عشرة.
ويتهم الجيش الإسرائيلي حماس وحركة الجهاد الإسلامي بالاختباء داخل المنشآت الطبية واستخدام المرضى والموظفين والنازحين للاحتماء، وهي الاتهامات التي ينفيها المسلحون.
وقال الجيش السبت إنه “يواصل القضاء” على المسلحين المحيطين بمستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، حيث قُتل نحو 200 شخص بعد 13 يوما من عمليته.
وقالت حماس اليوم السبت إن القوات الإسرائيلية تواصل أيضا “عدوانها” على مستشفى ناصر وتحاصر مستشفى الأمل الواقعين في مدينة خان يونس جنوب القطاع.
وفي هجوم أكتوبر/تشرين الأول، احتجز المسلحون الفلسطينيون حوالي 250 رهينة. وتعتقد إسرائيل أن نحو 130 لا يزالون في غزة، من بينهم 34 يفترض أنهم ماتوا.
ويتعرض نتنياهو لضغوط داخلية ويواجه مظاهرات منتظمة بسبب فشله في إعادة جميع الأسرى إلى وطنهم.
وقال الرهينة السابق راز بن عامي خلال تجمع حاشد في تل أبيب: “رئيس الوزراء، نيابة عن الرهائن والنساء، ونيابة عن شعب إسرائيل، أعطي الأمر للمفاوضين في قطر. لا تعودوا دون اتفاق”.
وكان التفاوض على إطلاق سراح الرهائن إلى جانب الهدنة ووصول المساعدات الإنسانية أحد الركائز الأساسية في محادثات الهدنة في قطر.
وبدا أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود على الرغم من مساعي الولايات المتحدة وقطر ومصر للتوصل إلى هدنة خلال شهر رمضان، والتي تجاوزت الآن أكثر من منتصفها.
والولايات المتحدة هي الداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل، لكن التوترات تصاعدت مع حث الولايات المتحدة نتنياهو على عدم شن غزو بري كامل لمدينة رفح جنوب قطاع غزة حيث فر معظم السكان.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم أن واشنطن وافقت مع ذلك على شراء قنابل وطائرات مقاتلة لإسرائيل بمليارات الدولارات في الأيام الأخيرة.
بور-jxb/كير
