دمشق
أثارت لقطات مسربة لمحادثة خاصة بين الرئيس السوري السابق بشار الأسد ومستشارته الإعلامية لونا شبل، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً X، حيث تجاوز التفاعل مليون مشاهدة خلال ساعات. ونشرت المقاطع لأول مرة على قناة العربية.
وتكشف التسريبات، التي يرجع تاريخها إلى ما بين عامي 2013 و2015، عن محادثة عفوية أثناء ركوب السيارة في ريف دمشق، تتضمن تصريحات الأسد البذيئة عن الغوطة الشرقية، حيث قال: “اللعنة على الغوطة الشرقية”.
وتظهر لقطات أخرى حوارا مع الشبل الذي علق على “تفاخر حزب الله بقدراته”، قبل أن يضيف: “والآن لم نسمع منهم شيئا”.
كما تظهر التسجيلات الأسد والشبل وهما يسخران من جنود سوريين شوهدوا وهم يقبلون يد الأسد خلال مواجهات سابقة. ويسلط المقطع الضوء على ازدراءهم للشرطة السورية ووزير الداخلية، حيث يقول الشبل: “وزير الداخلية غير راضٍ عن قوات الشرطة التابعة له، وبين الحين والآخر تظهر أخبار عنهم على الفيسبوك”.
وفي مناقشة الوضع في سوريا، سُمع الأسد وهو يقول: “لا أشعر بالخجل فحسب، بل بالاشمئزاز أيضًا”. وفي مرحلة ما، سخر من لقبه قائلاً: “أحتاج إلى تغيير اسمي، وليس الأسد (الذي يترجم إلى الأسد)، أي حيوان آخر”.
فيما سخر شبل من اللواء سهيل الحسن، قائلاً: «منشغل بالوقوف على جبل قاسيون والتقاط الصور مع حاشيته الروسية»، فيما يصفه الأسد بـ«رجل النظريات الغريبة».
كما يظهر في المقطع الأسد وهو يسخر من الشعب السوري قائلا: “إنهم ينفقون على المساجد وليس لديهم ما يأكلونه”. شبل تسخر من نداء عسكري للأسد عبر الراديو، وتقول له في فيديو آخر “مقاتلونا نهبوا جوبر ولم يتركوا هناك شيئا”.
وتظهر التسجيلات المسربة، التي عرضت حصريا للمرة الأولى، الشبل وهو يقول للأسد إنه “ليس لديه الطاقة” لمناقشة القضايا الإنسانية. وهي تقدم نظرة نادرة على المناقشات الخاصة داخل الدائرة الداخلية للأسد.
وقبل وفاتها في حادث سيارة، كانت الشبل من أبرز الشخصيات الإعلامية والسياسية في سوريا، حيث عملت مستشارة إعلامية في القصر الرئاسي وعملت سابقاً في عدة قنوات تلفزيونية عربية.
وأصبحت التسريبات محور النقاش العام في سوريا، حيث كشفت بالصوت والصورة، استهزاء الأسد بمعاناة وجراح ومصاعب الشعب السوري، في حين عززت أيضًا الشكوك المحيطة بوفاة الشبل. بعد مرور أكثر من عام على وفاتها، تشير معلومات وتسريبات جديدة إلى أن الحادث الذي أدى إلى مقتلها ربما لم يكن حادث سيارة عاديًا، بل عملاً متعمدًا لإسكات صوت لم يعد مرحبًا به في أروقة السلطة الضيقة.
وتشير الاتهامات إلى نظام الأسد، حيث أفادت التقارير أن الصحفي بدأ يستشعر الخطر من السلطات وهدد النظام السوري السابق.
وبحسب تقارير إعلامية سورية، فإن الحادث الذي وقع في تموز/يوليو 2024 على طريق يعفور قرب دمشق لم يكن نتيجة فقدان السيطرة على السيارة، كما ورد في البداية. وبدلاً من ذلك، يقال إن شبل تعرضت لضربة قوية في مؤخرة رأسها، مما تسبب في كسور قاتلة في الجمجمة أدت إلى وفاتها على الفور.
وكشفت الفحوصات الأولية لجثتها، بحسب التقارير، عن إصابات متعمدة في الرأس والرقبة. وسرعان ما أُغلق التحقيق، ودُفنت شبل دون مراسم رسمية أو إعلانات حكومية، ما زاد من الغموض والتكهنات التي أحاطت بوفاتها المفاجئة.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الملف أعيد فتحه بعد الاطلاع على الشهادات والتحقيقات الداخلية، التي كشفت عن تناقضات في الرواية الرسمية، ما يرجح أن يكون الشبل قد تعرض للاغتيال على يد جهة مجهولة.
وأفاد مراسل العربية أن اللقطات المسربة عثر عليها في القصر الرئاسي في ظرف مكتوب عليه “سري للغاية”، إلى جانب الوثائق الشخصية للشبل. كما ذكرت المصادر أن أمجد عيسى، مساعد الشبل، كان في السيارة مع الأسد أثناء التسريبات.
ويعكس هذا الجدل الجراح المستمرة للحرب السورية، حيث انقسمت الآراء بين من يعتبرها دليلاً على “الوحشية” ومن يرفضها باعتبارها “دعاية إعلامية”.
وتعليقاً على X، كتب أحد المستخدمين (@mjrdzayr337191): “من يشاهد الفيديو المسرب لبشار الأسد مع مستشارته لونا شبل يدرك أن بعض الأنظمة تدار مثل مجموعات الواتساب، وليس الدول.
وأضاف: “لو تنحى الأسد في عام 2011 كما فعل مبارك في مصر، أو فر مثل بن علي في تونس، لكان من الممكن أن يتجنب السوريون حرباً أهلية أحرقت بلادهم وقتلت مئات الآلاف وشردت الملايين. لقد كلفت قبضته على السلطة سوريا شعبها وأرضها وحضارتها”.
في المقابل، تزعم الأصوات المتشككة أن التسريبات “ملفقة” أو مبالغ فيها، خاصة بين الكتاب والمحللين الذين يركزون على السياق السياسي.
وعلق محمد هويدي (@mh_Hawa1): “الصورة التي يقدمها السياسي أو الصحافي أو الكاتب أو الفنان أو الرياضي أو حتى الراقص أمام الكاميرا ليست بالضرورة صورته الحقيقية، فلكل إنسان جانب آخر مخفي عن الأنظار قد يكون فاتحاً أو مظلماً، وبالمثل يمكن اعتبار الحديث بين الأسد ولونا شبل نقاشاً خاصاً عادياً خارج الدبلوماسية واللياقة السياسية.
وأضاف: “أما الجزء المتعلق بالغوطة الشرقية فهو ليس القضية الأساسية التي تستحق التعليق عليها. لقد دمرت الأمم، وتستمر الإهانات التي تستهدف الأديان والطوائف والمدن والقرى يومياً عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. وما حدث بين الأسد وشبل يبقى حديثاً جانبياً، والأدلة كثيرة في مكان آخر، بما في ذلك وثائق تورط توم باراك في فضائح إبستين الجنسية وفساد السياسيين والرياضيين والصحفيين”.