باري، إيطاليا
وفي كلمتها الترحيبية في بداية قمة مجموعة السبع يوم الخميس، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إن مجموعة الدول الصناعية الكبرى “ليست قلعة مغلقة في حد ذاتها” بل “عرض للقيم التي نفتحها على العالم”.
لكن كلماتها كانت جوفاء بشكل خاص عندما جاءت في أعقاب انتخابات البرلمان الأوروبي قبل بضعة أيام.
وأظهرت نتائج التصويت التي أُعلنت في 9 يونيو/حزيران فوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا بأكثر من 31 بالمئة من الأصوات، في حين حصل حزب النهضة الوسطي بزعامة ماكرون على أقل من 15 بالمئة، مما دفع الرئيس الفرنسي إلى الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة.
وفي ألمانيا، احتل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، الذي يتعرض للوصم في كثير من الأحيان، المركز الثاني بنسبة 15.9 في المائة من الأصوات، متقدما على الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه المستشار أولاف شولتس.
كما عزز التصويت أيضًا زعيمة اليمين المتطرف ورئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، التي جاءت في المركز الأول بحوالي 28.7 بالمائة من الأصوات.
وفي معظم البلدان التي حقق فيها اليمين المتطرف مكاسب، كانت الهجرة قضية رئيسية. ووفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة إبسوس، قال حوالي نصف الناخبين الفرنسيين (43%) إن الهجرة كانت من الاعتبارات الرئيسية في اختيارهم في صناديق الاقتراع. وكانت هذه القضية على رأس الأولويات بالنسبة لـ 79% من مؤيدي جوردان بارديلا، زعيم حزب الجبهة الوطنية الفرنسي.
وعلى نحو مماثل، صنف المشاركون الألمان في الاستطلاع “الهجرة وطالبي اللجوء” على أنها مصدر قلقهم الأول.
ويعكس التحول نحو اليمين التركيبة السكانية السياسية الجديدة في أوروبا. ومن ألمانيا وفرنسا إلى بولندا وأسبانيا، نجح اليمين المتطرف في شق طريقه نحو أصوات الشباب.
حول العديد من الناخبين الشباب دعمهم هذا العام نحو الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة التي استغلت مخاوفهم، حيث أتقن قادة الحركات القومية العرقية المناهضة للمؤسسة في أوروبا وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة بشكل أفضل من نظيراتهم السائدة لإعادة تصنيف أنفسهم كمدافعين عن الثقافة المضادة.
وفي السنوات الأخيرة، اكتسب الخطاب المناهض للمهاجرين مصداقية أيضا خارج هامش اليمين المتطرف، حيث دعت أحزاب الوسط في أوروبا إلى سياسات أكثر صرامة لوقف الهجرة غير الشرعية. وقد دفع هذا الخطاب نحو ما أسماه تشاتام هاوس في لندن “إضفاء طابع أمني على الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي” فضلاً عن “تأطير الهجرة كتهديد أمني” وساعد في ذلك وقوع أعمال إرهابية مرتبطة بالمهاجرين الأجانب.
لقد اقتربت أوروبا بالفعل من أن تصبح القلعة التي حلم بها اليمين المتطرف. وفقًا لأرقام الاتحاد الأوروبي، بين عامي 2014 و2022، ارتفع إجمالي طول السياج الحدودي حول الاتحاد الأوروبي وداخله من 315 إلى 2048 كيلومترًا.
وجاءت القيود الجديدة على الهجرة على حساب المزيد من الضغوط التي مورست على دول شمال أفريقيا، حيث أبرم الاتحاد الأوروبي، بقيادة ميلوني في كثير من الأحيان، صفقات معها.
وعندما ألغى القادة العسكريون في النيجر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قانوناً مدعوماً من الاتحاد الأوروبي يقضي بتجريم الأشخاص الذين يساعدون المهاجرين، شعر الاتحاد الأوروبي بالقلق إزاء توقع الأحزاب اليمينية المتطرفة تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
وقد لوحظ بالفعل أن أكثر من 128,790 مهاجرًا غادروا النيجر في مارس الماضي، أي أكثر بنسبة 68 بالمائة عما كان عليه في مارس 2023. لكن عدد الوافدين عبر وسط البحر الأبيض المتوسط انخفض بنسبة 62 بالمائة في الفترة من يناير إلى أبريل.
بفضل التعاون مع تونس وليبيا، تمكنت إيطاليا من خفض عدد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين بنسبة 60 في المائة هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسبما تفاخر رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني الأسبوع الماضي.
قال خفر السواحل التونسي إنه أحبط أكثر من 21 ألف محاولة للهجرة برا أو بحرا هذا العام.
نجح أقل من 8000 شخص في السفر بالقوارب من تونس إلى إيطاليا في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، وهو انخفاض بمقدار ثلاثة أضعاف عن عام 2023، وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
