واجه الرئيس جوزيف بايدن مهمة صعبة عندما ألقى خطاب حالة الاتحاد هذا العام أمام الكونجرس. كان عليه أن يواجه المخاوف بشأن عمره، والقلق بشأن الاقتصاد، والبيئة المختلة التي خلقتها الحزبية الجمهورية المفرطة، والتهديد المستمر لعملياتنا الديمقراطية الذي يفرضه تكرار انتفاضة 6 يناير 2021.
وكما هو متوقع، كانت لدى المعلقين وجهات نظر مختلفة حول مدى نجاحه في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد ورئاسته، حيث قرأ الديمقراطيون الحزبيون نقاط الحديث في حملة بايدن بينما وجد الجمهوريون خطأً في كل كلمة قالها الرئيس. ومع ذلك، فإن التقييم الصادق يشير إلى أن بايدن أعطى الديمقراطيين ما يحتاجون إليه للقيام بحملة لإعادة انتخابه، لكنه لم يفعل الكثير لمعالجة الانقسام الحزبي أو تقديم أي تشريع محظور حاليًا في الكونجرس.
ونظراً لحجم التحديات الداخلية التي شكلت الجزء الأكبر من خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس، فقد كان من الغريب أنه اختار أن يفتتح ويختتم تصريحاته بقضيتين من قضايا السياسة الخارجية، حيث تم التعامل مع كل منهما على نحو غير مرض على الإطلاق.
افتتح بالحرب في أوكرانيا مقارناً التحديات التي تواجه الديمقراطيات الغربية بالوضع في أوروبا في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية. وفي أحسن الأحوال، كان هذا مبالغة شديدة. إن بوتين في روسيا ليس هتلر، ومن المؤكد أن الحرب في أوكرانيا لا تشكل تهديداً للولايات المتحدة ولا تشكل تحدياً خطيراً لأي من بلدان حلف شمال الأطلسي في أوروبا. ولدى روسيا شكوى خاصة فيما يتعلق بأوكرانيا، ورغم أنه كان من المهم الدفاع عن سلامة أراضي ذلك البلد، فإن هذا من الممكن أن يتم من دون مبالغة أو إجراء مقارنات تاريخية مبالغ فيها وغير دقيقة. والخطاب المفرط حول الكيفية التي تواجه بها الديمقراطيات الاستبداد أمر مثير للاشمئزاز ومخادع إلى حد ما، لأن “الديمقراطيات” الأوروبية المعنية كانت قوى استعمارية في الأربعينيات ومن بين أسوأ البلدان التي تنتهك الحقوق في العالم.
لقد مر عامان منذ أن استخدم الرئيس زخارف تشرشلية أو ريجانيسكية لوصف إعادة خلق صراع الحرب الباردة مع روسيا والصين. وقد يبدو الأمر طيبا في نظر البعض في دائرته الداخلية، لكنه لا يحظى بشعبية لدى الناخبين، حيث لا تؤيد نسبة كبيرة من الديمقراطيين والجمهوريين إرسال المزيد من المليارات لخوض حرب في أوكرانيا.
وإذا لم يكن افتتاح أوكرانيا ناجحاً، فإن تعامل الرئيس الختامي مع غزة كان له تأثير كبير. في حين أن جهود إعادة انتخاب بايدن لن تتضرر بسبب دعمه لأوكرانيا، فإن النتائج في بعض الانتخابات التمهيدية المبكرة لهذا العام توضح أن استمراره في تسليح إسرائيل ورفض إدانة سياسات الإبادة الجماعية في غزة قد يكلفه الأصوات في نوفمبر/تشرين الثاني. . ونتيجة لذلك، شعر بأنه مضطر إلى معالجة هذه القضية، ولكن نهجه كان، في أحسن الأحوال، مربكا. مشكلته: أنه حاول تربيع الدائرة. فمن ناحية، تعهد بتقديم الدعم الكامل لإسرائيل و”حقها المزعوم في الدفاع عن نفسها”، بينما دعا إسرائيل أيضًا إلى إظهار المزيد من الاهتمام بالمدنيين الفلسطينيين، وهي الدعوات التي اعترفت بها إسرائيل ولكنها تجاهلتها لعدة أشهر. وعلى الرغم من إشارة بايدن إلى مسؤولية إسرائيل عن الأزمة الإنسانية التي نشأت في غزة، فبدلاً من الدعوة إلى وقف إطلاق النار ومطالبة إسرائيل بسحب قواتها، تعهد ببناء ميناء عائم لجلب الإمدادات اللازمة إلى القطاع.
في أغلب الأحيان، أثار هذا الاقتراح الازدراء. وكان يُنظر إليه على أنه غير ضروري، لأن مشكلة إدخال الإمدادات إلى غزة يمكن حلها من خلال الانضمام إلى الدعوات لوقف إطلاق النار. بالإضافة إلى ذلك، لوحظ أنه خلال الشهرين اللذين سيستغرقهما تشغيل الميناء، سيكون آلاف الفلسطينيين قد ماتوا جوعا.
***
التقييم النهائي: مع الأسف أنضم إلى معسكر أولئك الذين يريدون إنهاء هذه الطقوس السنوية. إن خطاب حالة الاتحاد لا يصف حالة أمتنا بأمانة، كما أنه لا يعمل على توحيدنا لمواجهة التحديات التي نواجهها. بل لقد أصبحت مسألة حزبية بشكل واضح مليئة بالمضايقات أو حدث انتخابي مصحوب بتصفيق متكرر وغير ضروري. فهو يعمل على تعميق الانقسام الحزبي أكثر من توحيد البلاد لخدمة الصالح العام. وفي ضوء ذلك، فإن خطاب الرئيس بايدن ربما خدمه جيدًا مع البعض في حزبه، لكنه لم يفعل الكثير لتوحيد الأمة.
