لقد كان من المروع مشاهدة هذا التكرار الأخير للعنف الوحشي في الساحة الإسرائيلية الفلسطينية. ولكن لا ينبغي أن يكون الأمر غير متوقع. وما نستطيع أن نتوقعه الآن أيضاً هو أن جرائم القتل المروعة التي ارتكبتها حماس في اليوم الأول سوف تضاهيها إسرائيل بينما تشرع في استخدام قوتها العسكرية الهائلة لذبح الآلاف من الفلسطينيين الأسرى المحاصرين في قطاع غزة.
والأمر المتساوي أيضاً في هذا المسار هو أن الولايات المتحدة، بدلاً من أن تلعب دور الشخص البالغ في الغرفة، اختزلت نفسها مرة أخرى إلى كونها مشجعة وحاملة معطف لجانب واحد، مما يعمل على تمكين ودعم تصعيد العنف من جانب إسرائيل. وفي هذا الصدد، كان من المثير للصدمة أن نلاحظ أن وزارة الخارجية حذفت اثنين من بياناتها الأولية التي تدعو إلى ضبط النفس وحماية المدنيين، وغيرتهما إلى بيانات تقدم دعمنا الكامل لإسرائيل.
ومن المحزن أن نرى هذا الكابوس يتكشف على وجه التحديد لأننا سلكنا هذا الطريق نفسه مرات عديدة من قبل، والآن ينبغي لنا أن نعرف بالضبط إلى أين يقودنا. ويعيدنا إلى حيث بدأنا.
وبعد أن يهدأ الغبار وتجف الدموع، وبخلاف وجود آلاف الموتى حدادا ودفنا، سنعود مباشرة إلى حيث كنا عندما بدأ الأمر. والتغيير الوحيد هو أن المتشددين من كافة الأطراف سوف يحصلون على الدعم، دون أي دروس مستفادة، وبالتالي زرع بذور جولة أخرى من العنف، في مرحلة ما غير محددة في المستقبل.
والدروس التي كان ينبغي أن نتعلمها كثيرة. بداية، كما أن العنف لن ينهي الاحتلال، كذلك العنف لن ينهي مقاومة الاحتلال. إن الانتحاريين أو صواريخ حماس لم تجلب السلام، بل أدت فقط إلى تصلب المواقف الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والسلام. كما أن الاحتلال الإسرائيلي العنيف، وعمليات الانتقام واسعة النطاق، وخنق غزة، وقمعها الوحشي للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، لم يسحق إرادة الفلسطينيين في أن يكونوا أحراراً. لقد أثاروا المزيد من المقاومة.
إن الاحتلال والقمع أمران قاسيان وغير إنسانيين، ولا يمكن تجاهل عواقب الاحتلال. وكنتيجة طبيعية لهذا فإن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وزعماء إسرائيل، منذ عهد شمعون بيريز، لبناء شرق أوسط جديد في حين فشلت في حل المظالم التي يعاني منها الشرق الأوسط القديم، محكوم عليها بالفشل. وهنا يكمن الفشل الفادح لهذه الإدارة والإدارات الأمريكية السابقة.
وبدلاً من رؤية إمكانية أن توفر اتفاقيات إبراهيم النفوذ الأمريكي لتغيير سلوك إسرائيل، تجاهلت الإدارة السياسات والممارسات المتطرفة لحكومة نتنياهو من خلال منحها المزيد من الفوائد غير المكتسبة، مما يزيد من تعريض آفاق الحقوق الفلسطينية والسلام الإقليمي للخطر.
فبينما ضاعف الإسرائيليون سياسة الفصل العنصري، ووسعوا المستوطنات، مما أدى إلى ضم الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، وشنوا غارات ليلية سرية على المدن الفلسطينية، وسمحوا للمستوطنين بشن غارات عنيفة على المناطق الفلسطينية وسرعوا الهجمات الاستفزازية على أقدس المواقع في القدس، إما أذعنت الولايات المتحدة. أو الاكتفاء بعبارات “القلق”. وفي الوقت نفسه، كافأنا إسرائيل بالقبول في برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية، على الرغم من فشل إسرائيل في تلبية المتطلبات القانونية للبرنامج، وأصدرنا تصريحات متكررة عن الدعم “الثابت وغير القابل للكسر وغير المتزعزع”.