الرباط
افتتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل المغربي الملك محمد السادس فصلا جديدا في العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التوترات الدبلوماسية بشكل رئيسي بشأن الهجرة وقضية الصحراء الغربية.
وبعد السير على حبل مشدود لتجنب إثارة غضب الجزائر، منافسة المغرب، أيد ماكرون موقف المغرب بشأن الصحراء الغربية في يوليو، مما مهد الطريق للمصالحة.
وسافر الرئيس الفرنسي إلى المغرب في زيارة دولة، الاثنين، برفقة عشرات الوزراء ونحو 40 رجل أعمال.
وفي تكريم نادر لضيف أجنبي، جاء الملك محمد السادس لاستقبال ماكرون وزوجته بريجيت في المطار.
وسافر كل من وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيللو، ووزير الاقتصاد أنطوان أرماند، ووزيرة الثقافة رشيدة داتي – وهي من أصل مغربي – مع ماكرون.
وفي بداية الزيارة، وقع المغرب سلسلة من الاتفاقيات مع فرنسا. ووافقت على شراء قطارات فائقة السرعة من شركة ألستوم الفرنسية. وقعت شركة السكك الحديدية المغربية ONCF صفقة مع شركة ألستوم الفرنسية للحصول على 12 عربة عالية السرعة وخيار لستة أخرى حيث يسعى المغرب إلى توسيع الخط الحالي إلى الجنوب إلى مراكش بحلول عام 2030.
ووقعت شركتا الطاقة الفرنسيتان إنجي وإي دي إف أيضًا صفقات للتوسع في قطاع الطاقة المتجددة، بينما وقعت توتال إنيرجي اتفاقًا بشأن الهيدروجين، على الرغم من عدم الكشف عن أي مبلغ على الفور. كما أعلنت شركة النقل البحري CMA CGM عن استثمارات في محطة ميناء مغربي.
وقال مسؤولون فرنسيون إن العقود المبرمة بين الجانبين تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 10 مليارات يورو (10.8 مليار دولار) لكنهم لم يكشفوا عن تفاصيل دقيقة.
وقال الخبير المغربي في الشؤون الدولية محمد بودن لـ”العرب ويكلي” إن زيارة الرئيس الفرنسي ستعطي دفعا جديدا للعلاقات المغربية الفرنسية و”ترمز إلى نجاح البلدين في فتح فصل جديد في تاريخ علاقاتهما”.
وأضاف أن “الزيارة ستعزز جسور العلاقات المغربية الفرنسية الثلاثة، وهي جسر التاريخ والقيم المشتركة، وجسر العلاقات الاقتصادية، وجسر العمل من أجل المستقبل”.
واكتسبت العلاقات زخما جديدا بعد أن قال ماكرون في يوليو/تموز الماضي إنه يعتبر الصحراء الغربية جزءا من سيادة المغرب الحالية والمستقبلية، مضيفا أن فرنسا ستتصرف وفقا لهذا الموقف محليا ودوليا.
وجاء في الرسالة التي بعث بها ماكرون إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس: “بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية”.
إن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب عام 2007 واضح وثابت. وبالنسبة لفرنسا، فإنه يشكل الآن الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم يتم التفاوض عليه بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ورحب القصر الملكي المغربي في بيان له بالإعلان ووصفه بأنه “تطور مهم لدعم السيادة المغربية على الصحراء”.
ومن المتوقع أن تعمل فرنسا والمغرب خلال زيارة ماكرون على التغلب على الخلافات بشأن الهجرة، وهي قضية ساخنة بشكل خاص في فرنسا، حيث تتعرض الحكومة لضغوط من الأحزاب اليمينية لإعادة المزيد من المهاجرين غير المرغوب فيهم إلى دول مثل المغرب.
وفي عام 2021، قررت باريس خفض عدد التأشيرات التي تمنحها للزوار من شمال إفريقيا بشكل كبير، في محاولة للضغط على هذه الدول لتسهيل عودة هؤلاء المهاجرين. وقد أثارت هذه السياسة غضب المغرب بشدة، وأنهت فرنسا في نهاية المطاف القيود المفروضة على التأشيرات في عام 2022.
وتأتي زيارة يوم الاثنين بعد أن يبدو أن جهود ماكرون للتقارب مع الجزائر قد وصلت إلى طريق مسدود.
تمت إعادة جدولة زيارة دولة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس عدة مرات قبل أن تلغيها الجزائر في وقت سابق من هذا الشهر.
وبعد أن أيد ماكرون خطة الحكم الذاتي المغربية، سحبت الجزائر سفيرها على الفور من باريس ولم ترسل بديلا بعد.