Connect with us

Hi, what are you looking for?

اخر الاخبار

محادثات تبادل الأسرى بوساطة عمانية توفر أملاً هشاً في الصراع اليمني

المسكات عنب طيب الشذا

في لحظة إقليمية تتسم بتغير الأولويات وانخفاض الأعمال العدائية المباشرة، عادت مفاوضات تبادل الأسرى في اليمن إلى دائرة الضوء. وتجري الآن العملية قدماً بثقة دولية متجددة في الوساطة العمانية، ومع حديث المسؤولين الحوثيين عن “أجواء إيجابية” في المناقشات مع الحكومة المعترف بها دولياً في مسقط.

وفي حين أن الطبيعة الإنسانية للملف واضحة، فإن القراءة الأقرب تشير إلى أنه أصبح جزءًا لا يتجزأ من معادلة إدارة الصراع الأوسع في اليمن، وليس خطوة نحو حل نهائي.

وقال نائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين، نصر الدين عامر، السبت، إن “المفاوضات تجري في أجواء إيجابية”، دون تقديم مزيد من التفاصيل. منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عقد من الزمن، فشلت المبادرات الدولية المتعاقبة في التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، في حين نجحت المسارات المحدودة في احتواء التصعيد ومنع الصراع من الانتشار إقليميا.

وفي هذا السياق، برزت سلطنة عمان باعتبارها الجهة الفاعلة الأكثر قبولاً على نطاق واسع بين جميع الأطراف، وذلك بسبب سياسة الحياد الإيجابي التي تنتهجها وتجنبها الاستقطاب الذي ميز أدوار العواصم الأخرى. ويشير المحللون إلى أن مسقط أصبحت تدريجياً منصة لإدارة الصراع بدلاً من حله، من خلال الحفاظ على اتصالات القنوات الخلفية وتسهيل التوصل إلى اتفاقات محدودة بشأن وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية.

إن ثقة المجتمع الدولي المتجددة في الوساطة العمانية ترتكز على البراغماتية. وتدرك الأمم المتحدة وأصحاب المصلحة الآخرون الآن أن الظروف السائدة لا تسمح بالتوصل إلى تسوية نهائية. وبالتالي، ينصب التركيز على منع تدهور الأوضاع الإنسانية والحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار، لا سيما في ضوء تقاطعات الصراع مع أمن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن والتوازنات الإقليمية الأوسع.

إن استئناف محادثات تبادل الأسرى في مسقط، والتي يشرف عليها مبعوث الأمم المتحدة هانز جروندبرج، يتناسب مع هذا النهج الواقعي. وتظل قضايا السجناء من بين المجالات القليلة التي يمكن تحقيق تقدم نسبي فيها، في ضوء الإجماع العام، وإن كان اسميًا في بعض الأحيان، على طابعها الإنساني. كما أنها بمثابة تدابير محدودة لبناء الثقة يمكن الاستفادة منها لاحقًا في مفاوضات أكثر تعقيدًا.

ولا يمكن فصل تأكيد الحوثيين على “الأجواء الإيجابية” عن هذا الإطار. وتدرك الجماعة، التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال اليمن، أهمية الظهور بمظهر منفتح على الحلول الإنسانية، لا سيما في ظل الضغوط الدولية المتزايدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان والظروف المعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرتها. كما أن تسليط الضوء على المفاوضات الجارية بوساطة الأمم المتحدة يسمح للحوثيين بربط أي تقدم بإطار دولي رسمي، مما يمنحهم الشرعية السياسية ويعزز موقفهم التفاوضي المستقبلي.

ومع ذلك، في غياب البيانات الداعمة من الحكومة اليمنية أو الأمم المتحدة، فإن هذا الخطاب الإيجابي يعكس الحذر المتبادل. وتاريخ اليمن حافل بالإعلانات المتفائلة التي سرعان ما تبخرت في ظل الاختبارات الجسيمة. وغالبا ما تستخدم مصطلحات مثل “الجو الإيجابي” لتشكيل الرأي العام أو تحسين ظروف التفاوض، دون الإشارة بالضرورة إلى أن التوصل إلى اتفاق ملموس قريب.

وبالنسبة للحكومة المعترف بها دوليا، فإن الصمت النسبي في الرد يعكس وعيا بالحساسية السياسية لملف الأسرى. ويمثل المعتقلون جرحا مفتوحا في المجتمع اليمني، حيث لا تزال آلاف الأسر تجهل مصير أقاربها. إن أي تقدم يمثل رصيدًا سياسيًا للحكومة، ولكنه يحمل مخاطر إذا تم اعتباره تنازلًا غير متوازن أو اعترافًا ضمنيًا بالحقائق التي تفرضها الحرب.

التجارب السابقة تعزز الحذر. وفي أبريل 2023، شهد اليمن أكبر عملية تبادل للأسرى، شارك فيها حوالي 900 شخص من الجانبين في ظل وساطة دولية وإقليمية مكثفة. وعلى الرغم من الأثر الإنساني، لم يتم الاستفادة من الاتفاق لدفع عملية سلام أوسع نطاقا، وظل حدثا معزولا داخل صراع لم تتغير ديناميكياته الأساسية. وبالمثل، فإن إطلاق سراح 153 سجيناً من قبل الحوثيين من جانب واحد في أوائل عام 2025، حمل رسائل سياسية أكثر من مجرد تغيير هيكلي.

وتحيط حالة من عدم اليقين أيضًا بالعدد الفعلي للسجناء والمعتقلين لدى الجانبين. تشير التقديرات التي تعود إلى مشاورات ستوكهولم عام 2018 إلى أكثر من 15,000 شخص، في حين تشير المجموعات الحقوقية إلى أن الرقم قد يتجاوز 20,000 شخص. ويسلط هذا التناقض الضوء على حجم المأساة الإنسانية ويسلط الضوء على محدوديات أي اتفاق جزئي لا يعالج القضية بشكل شامل، بعيدا عن الانتقائية أو التلاعب السياسي.

لكن المجتمع الدولي يراهن على أن إدارة مسقط للملف قد تساعد في ترسيخ الهدنة الهشة القائمة منذ أبريل/نيسان 2022. ويعتبر الحفاظ على الهدوء النسبي، على الرغم من الانتهاكات المتقطعة، إنجازا في حد ذاته، ويقلل من خطر التصعيد واسع النطاق في وقت يثير الوضع الأمني ​​في جنوب اليمن مخاوف بشأن التشرذم المحتمل وتعدد مراكز القوى.

ومن هذا المنظور، لا يمكن النظر إلى مفاوضات الأسرى بمعزل عن غيرها. وهي تشكل جزءاً من استراتيجية لإدارة الصراع من خلال تقسيمه إلى ملفات قابلة للاحتواء، بدلاً من السعي إلى حل شامل يظل بعيد المنال في ظل الظروف الحالية. وبالتالي، تتركز الجهود الدولية على مسارات إنسانية واقتصادية وأمنية محدودة، بدلاً من المبادرات السياسية الطموحة.

وفي نهاية المطاف، يعكس الحديث عن “المناخ الإيجابي” تقارباً بين الاعتماد الدولي على الوساطة العمانية كأداة لإدارة الصراع ومحاولة الحوثيين إبراز صورة من المرونة والانفتاح. ولكن على الرغم من أهميتها، فإن العملية مقيدة بسقف سياسي منخفض. إن ملف الأسرى، على الرغم من رمزيته، لا يمكنه في حد ذاته كسر الجمود السياسي ما لم يتم دمجه في رؤية أوسع تعالج جذور الصراع وتعيد تأسيس مسار موثوق به للسلام في حرب دمرت اليمن وأنتجت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

اخر الاخبار

الرباط قال سفير المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية يوسف عمراني إن جميع الشخصيات السياسية والخبراء المشاركين في المؤتمر الدولي السنوي الرابع عشر لسياسات مركز الجنوب...

اخر الاخبار

نقلت الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى مرتين بعد اعتقالها بعنف الأسبوع الماضي، بحسب ما أعلن أنصارها الاثنين، بعد مكالمة...

اخر الاخبار

طرابلس أطلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) رسميًا حوارها المنظم الذي طال انتظاره في طرابلس، وهو عنصر أساسي في خارطة الطريق السياسية...

اخر الاخبار

غزة (رويترز) – حذرت السلطات في غزة يوم الاثنين من أن المزيد من المباني المتضررة من الحرب قد تنهار بسبب الأمطار الغزيرة في القطاع...

اخر الاخبار

وفي مدينة كادوقلي المحاصرة في منطقة كردفان السودانية، أدى تصاعد العنف وتفاقم المجاعة إلى ترك المدنيين محاصرين في حالة من الخوف المستمر، بحسب شهادات...

اخر الاخبار

الدوحة قال خليل الحية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة يوم الأحد إن الحركة لها “حق مشروع” في الاحتفاظ بالسلاح وإن...

متفرقات

تُعتبر نظافة الفيلا من أهم الأمور التي يجب الاهتمام بها للحفاظ على صحة الأسرة وجمال المنزل، بالإضافة إلى حماية الأثاث والممتلكات من التلف. تختلف...

اخر الاخبار

بقلم بيت ماكنزي سيدني، 15 ديسمبر (رويترز) – للحصول على رسم بياني متعدد الوسائط، انقر هنا من بين آلاف الأشخاص الذين توافدوا إلى شاطئ...