القاهرة/لندن-
لا يشرب المصري مهند عبد العظيم (35 عاماً) الكحول، لكنه يستهلك ثلاث أو أربع علب يومياً من بيرة موسي وفيروز الخالية من الكحول.
وتقول شركات صناعة البيرة، بما في ذلك كارلسبيرج وأنهاوزر بوش إنبيف، إن الاهتمام يتزايد بمثل هذه المشروبات الخالية من الكحول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يوفر فرصاً في منطقة تتمتع ببعض أدنى معدلات استهلاك الكحول على مستوى العالم.
وتحدث المراسلون إلى ثمانية مستهلكين أو أصحاب متاجر أو مقاهي مصريين، بما في ذلك عبد العظيم، الذين قالوا إنهم أو عملاؤهم تحولوا مؤخرًا إلى البيرة الخالية من الكحول، وتوقفوا عن العلامات التجارية الأمريكية للمشروبات الغازية مثل بيبسي وكوكا كولا لأنهم يرونها داعمة لإسرائيل بعد قصفها لفلسطين.
ولم تستجب شركة بيبسيكو، التي استحوذت على شركة صودا ستريم التي يقع مقرها في إسرائيل في عام 2018، وشركة كوكا كولا لطلب التعليق.
ويقول بعض المديرين التنفيذيين إن هناك أيضًا تحولًا أوسع نطاقًا في أذواق المستهلكين.
وقد شهدت شركة AB InBev ارتفاعًا في الطلب على المشروبات الخالية من الكحول بين السكان المحليين في بعض دول الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، وفقًا لجيسون وارنر، الرئيس التنفيذي للشركة في أوروبا والشرق الأوسط. كما نمت المبيعات للسياح والمغتربين.
أطلقت شركة AB InBev بيرة Corona Cero الرائدة الخالية من الكحول في المملكة العربية السعودية في الربع الأول. وفي إعلانه عن الإطلاق المخطط له في سبتمبر 2023، قال براين بيركنز، رئيس شركة AB InBev في أوروبا الغربية، إن Corona Cero تقدم “آفاقًا جديدة للنمو وبناء العلامة التجارية في أسواق التوسع”.
وقال عبد العظيم، الباحث في علم الوراثة، إنه اعتاد على شرب سبع أو ثماني علب من مشروبات البيبسي أو الكوكاكولا كل يوم، لكنه قلق بشأن تأثيرها على الصحة. ويرى أن المشروبات مثل موسي من إنتاج شركة كارلسبيرج مفيدة لصحة الجهاز الهضمي ومنع حصوات الكلى، مضيفًا أن عائلته بأكملها تحولت الآن إلى شربها.
وأضاف “بصراحة، نحن نحبها أكثر نظراً لفوائدها الصحية”.
يتم تصنيع موسي عن طريق تجنب التخمير الكحولي، بدلاً من إزالة الكحول بعد ذلك كما هو الحال مع العديد من أنواع البيرة غير الكحولية. تشير كارلسبرغ إلى موسي على أنها بيرة غير كحولية، على الرغم من تسويقها كمشروب شعير في مصر، حيث يتم بيعها منذ 30 عامًا.
وفي حين قال كارلسبيرج إن الاهتمام المتزايد بالمشروبات الخالية من الكحول يمثل “فرصة” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أنه من غير المرجح أن تقدم أي مساهمة كبيرة في الإيرادات في أي وقت قريب.
وقال الرئيس التنفيذي جاكوب أروب أندرسن في مقابلة أجريت معه في وقت سابق من هذا العام: “من الناحية الثقافية، سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يشعر الناس بالراحة مع فكرة أنها بيرة”.
وأضاف أن فرق كارلسبيرج تعمل على تطوير الأسواق في المنطقة، لكن هذا مسعى طويل الأمد.
وتركز شركة AB InBev على جذب شاربي البيرة الحاليين، الذين يقودون حاليًا مبيعات البيرة الخالية من الكحول على مستوى العالم، بحسب المسؤولين التنفيذيين.
وترى الشركة أن الطلب على البيرة الخالية من الكحول في الشرق الأوسط يتركز في الغالب في الأماكن الدولية مثل الفنادق والمطاعم الغربية. وفي حين تميل الاتجاهات في المدن العالمية إلى الانتشار بمرور الوقت، فإن شركة AB InBev ليس لديها خطط لمحاولة دفع الطلب، كما قال وارنر.
وارتفع صافي إيرادات هاينكن في مصر بنسبة تزيد على 40% في النصف الأول من هذا العام، ويرجع هذا جزئيا إلى مبيعات فيروز. ولم تعلن الشركة عن نتائجها حسب البلد ورفضت تقديم مزيد من التفاصيل.
“فترة محورية”
تظل البيرة الخالية من الكحول تشكل جزءًا صغيرًا من إيرادات شركات التخمير، ولكنها أصبحت تشكل أهمية مركزية متزايدة في استراتيجيتها لأنها توفر النمو. وحتى الآن، كان هذا مدفوعًا في الغالب بتوسيع الفرص المتاحة لشاربي البيرة الحاليين لتناول أنواع البيرة، مثل أثناء غداء العمل.
ومع ذلك، تشير تعليقات المسؤولين التنفيذيين إلى إمكانية نجاح المشروبات الخالية من الكحول في استقطاب عملاء جدد في دول ذات تعداد سكاني كبير لم يتمكن مصنعو البيرة من اختراقها حتى الآن إلا بالكاد.
في حين تعمل جميع مصانع البيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن مبيعاتها من البيرة في العديد من البلدان تركز على سوق محددة من المسافرين والمغتربين، والتي تنمو مع زيادة السياحة.
وعلى النقيض من ذلك، استهدفت علامات تجارية مثل “موسي” من شركة “كارلسبرغ” و”فيروز” من شركة “هاينكن” السكان المحليين.
بدأت شركة كارلسبرغ الإنتاج المحلي لموسى في مصر في عام 2023، كما قامت أيضًا ببناء مركز مصادر محلي في جدة بالمملكة العربية السعودية، حيث تقول إن موسى وعلامة تجارية أخرى لكارلسبرغ تدعى هولستن تمتلكان أكثر من نصف سوق البيرة الخالية من الكحول.
وقد تم تطوير نكهات جديدة، بما في ذلك الليمون والنعناع، وهي نكهة شعبية محليًا.
وقال ألكسندر هاوبيرج جينسن، نائب رئيس كارلسبيرج لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: “نحن في فترة محورية في الشرق الأوسط حيث تتغير التفضيلات والتطلعات المحلية بسرعة”.
وقال إن شركة كارلسبيرج، التي تبيع المشروبات الغازية إلى جانب البيرة، تخطط لتوسيع محفظتها لتشمل المشروبات غير الكحولية الأخرى.
وقال مارسيل ماركونديس، مدير التسويق في شركة إيه بي إنبيف، إن الشركة لا تبذل أي جهد محدد للنمو في أسواق الشرق الأوسط، التي لا تشكل أولوية ولا تعلن عنها الشركة.
وأضاف وارنر أن الشركة تعمل على ضمان توفر المنتج لتلبية الطلب وتزويد الشركاء بالأدوات اللازمة لتقديم مشروباتها بشكل جيد، مثل الأواني الزجاجية.
الحواجز الثقافية
وقال ديفيد ييتس، الشريك ورئيس قسم البيانات الرقمية في شركة المحاماة التميمي وشركاه، إن الترويج غير المباشر للكحول محظور في دول الخليج، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، ومن غير الواضح ما إذا كان الإعلان عن نسخة خالية من الكحول من علامة تجارية تحتوي على الكحول سيصنف على هذا النحو.
وأضاف أن الشركات سوف تضطر إلى التشاور بعناية مع السلطات لفهم نوع التسويق المسموح به، إن وجد، وحتى في هذه الحالة فإنها تخاطر بإهانة المستهلكين المحافظين.
وقال لورانس وايات، المحلل في باركليز، إن أي تحول ثقافي كبير يجب أن يستغرق أجيالاً، مضيفاً أن الوعي بالعلامة التجارية والسعي إلى الاعتدال الذي يدفع مبيعات المشروبات الخالية من الكحول في أماكن أخرى غير موجود في المناطق التي لا يشرب فيها معظم الناس.
“أنا لا أحبس أنفاسي”، قال.
وفي بعض البلدان، تنمو المشروبات الخالية من الكحول لأسباب مختلفة، كما هو الحال في مصر حيث يُنظر إليها على أنها جيدة للهضم، كما تقول ألكسندرا مولوكوفا، محللة الأبحاث في شركة أبحاث السوق يورومونيتور إنترناشيونال.
وأضافت سوزي جولدسبينك، رئيسة قسم رؤى المشروبات الخالية من الكحول ومنخفضة الكحول في شركة أبحاث سوق المشروبات IWSR، أن هذا يمثل فرصة لمصنعي البيرة ولكنهم بحاجة إلى تكييف استراتيجياتهم وأسعارهم لتعكس هذه الدوافع المختلفة.
وقالت إن معظم العملاء في المنطقة كانوا ليشربوا المشروبات الغازية أو الساخنة، وهي أرخص بكثير من أسعار البيرة الكحولية التي عادة ما يحددها مصنعو البيرة، مضيفة أن العلامات التجارية المعروفة مثل موسي لها اليد العليا.
