بعد مرور أكثر من عام على الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا والذي كان تأثيره محسوسا في جميع أنحاء لبنان، تواصل الحكومة اللبنانية تجاهل مخاطر انهيار المباني في ثاني أكبر مدينة في البلاد، طرابلس في الشمال، مما يعرض حياة الناس للخطر حسبما جاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية نشر يوم الثلاثاء.
في ساعات الصباح الباكر من يوم 6 فبراير/شباط 2023، ضرب زلزال بقوة 7.8 درجة جنوب تركيا وشمال سوريا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص وتسبب في أضرار مادية كبيرة. ووصلت موجات الصدمة إلى لبنان لكن لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا. لكن طرابلس تأثرت بشكل خاص حيث تعرضت العديد من المباني لأضرار بالغة.
وسلط الزلزال الضوء على ما يشكو منه سكان طرابلس منذ سنوات: بناء غير قانوني وسيء وسط غياب الصيانة وتجاهل تام لاشتراطات وأنظمة السلامة.
وفي إحاطة بحثية نشرت يوم الثلاثاء، استشهدت منظمة العفو الدولية بأرقام من بلدية طرابلس تظهر أن ما بين 800 إلى 1000 مبنى في المدينة معرضة لخطر الانهيار بعد ستة أشهر من الزلزال، مقارنة بـ 236 في عام 2022.
واتهمت منظمة العفو الدولية الحكومة اللبنانية بـ”اللامبالاة” تجاه آلاف الأشخاص الذين يعيشون في مبان غير آمنة في طرابلس.
وقالت سحر مندور، الباحثة في شؤون لبنان بمنظمة العفو الدولية، في التقرير: “لقد فشلت الحكومة اللبنانية فشلاً ذريعاً في تحمل مسؤوليتها في وضع خطة واضحة لإصلاح المباني المتضررة وضمان تقديم الدعم للسكان، بما في ذلك التعويضات والسكن البديل حيثما أمكن ذلك”.
“الحق في السكن اللائق هو حق من حقوق الإنسان. وأضافت: “من المخزي أن يُترك سكان المدينة التي لديها أعلى معدل فقر في لبنان ليتدبروا أمرهم، وفي بعض الحالات يتم تسليمهم إخطارات بالإخلاء”. وبحسب بيانات الأمم المتحدة، وصلت معدلات الفقر في طرابلس إلى 58% عام 2021.
بعد أيام قليلة من وقوع الزلزال، طلبت الحكومة اللبنانية من البلديات تقديم قائمة بالمباني التي تضررت أو المعرضة لخطر الانهيار. وقالت الحكومة أيضًا إنها ستخصص للمقيمين في المباني المتضررة بدلًا بقيمة 30 مليون ليرة لبنانية (حوالي 320 دولارًا) لتغطية إيجار ثلاثة أشهر وإصلاح الأضرار.
لكن وفقاً للسكان الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات معهم، لم يحصل سوى شخص واحد على الأموال، ولا يزال الباقون يعيشون في منازلهم على الرغم من المخاطر.
أصبح انهيار المباني حدثًا منتظمًا
ويأتي الإيجاز الذي تقدمه منظمة العفو الدولية في الوقت الذي تتزايد فيه انهيارات المباني في جميع أنحاء لبنان.
والاثنين، انهار مبنى في منطقة الشويفات جنوب بيروت، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل، بينهم امرأتان وطفل، وإصابة عدد آخر.
وكان المبنى المكون من ثلاثة طوابق يسكنه نحو 30 سورياً، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين محليين قولهم إن البلدية أمرت بإخلاء المبنى قبل عامين بعد أن اعتبرته غير آمن. إلا أن صاحب المبنى تجاهل الأمر وقام بتأجير الشقق للسوريين.
ويوم الأحد الماضي، انهار مبنى آخر مكون من خمسة طوابق في منطقة الشويفات. ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات حيث تم إجلاء السكان في الوقت المناسب.
وفي أكتوبر 2023، قُتلت ثماني نساء عندما انهار مبنى جزئيًا في بلدة المنصورية، على بعد 10 كيلومترات (حوالي ستة أميال) شرق بيروت.
وتقدر جمعية العقارات اللبنانية المحلية أن ما بين 16 ألف إلى 18 ألف مبنى في جميع أنحاء لبنان معرضة حاليًا لخطر الانهيار.
وطالبت الجمعية، في بيان صحفي أصدرته مطلع الأسبوع الجاري، بتدعيم المباني المتهدمة وإخلاء سكان المباني المعرضة لخطر الانهيار.
يعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومالية مدمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019. منذ ما يقرب من أربع سنوات، يكافح الشعب اللبناني لتغطية نفقاته وسط الارتفاع الكبير في أسعار السلع، والنقص المتكرر في الطاقة، وعدم كفاية إمدادات الدواء والوقود. وفي الوقت نفسه، فقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها، مما أدى إلى وصول أكثر من نصف السكان إلى ما دون خط الفقر.