اتهمت موسكو أوكرانيا يوم الإثنين بإذكاء أعمال شغب مناهضة لإسرائيل في أحد المطارات، مما دفع كييف إلى رفض هذه الاتهامات ووصف روسيا بأنها دولة ذات “معاداة سامية عميقة الجذور”.
قالت روسيا إن “التدخل الخارجي” كان وراء أعمال الشغب التي وقعت الأحد في منطقة داغستان ذات الأغلبية المسلمة، والتي شهدت حشوداً من الرجال الغاضبين اقتحموا مطاراً بحثاً عن ركاب يهود.
ونزل الغوغاء إلى مطار محج قلعة مساء الأحد، واقتحموا الحواجز وسيطروا على المدرج، في محاولة لتطويق طائرة قادمة من إسرائيل.
وقال الكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين سيجمع كبار المستشارين ورؤساء المخابرات الاثنين لبحث “محاولات الغرب استغلال الأحداث في الشرق الأوسط لتقسيم المجتمع الروسي”.
واتهمت موسكو أوكرانيا التي تقاتلها منذ أكثر من 20 شهرا بتدبير أعمال الشغب.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين إن “الأحداث التي وقعت أمس في مطار محج قلعة هي إلى حد كبير نتيجة للتدخل الخارجي”.
وقال بيسكوف: “على خلفية اللقطات التلفزيونية التي تظهر أهوال ما يحدث في قطاع غزة – مقتل أشخاص وأطفال وشيوخ، من السهل جدًا على الأعداء استغلال الوضع واستفزازه”.
وتلقي موسكو بانتظام باللوم في الاضطرابات الداخلية على قوى خارجية – غربية عادة.
وفي وقت لاحق، خصت وزارة الخارجية الروسية كييف وألقت باللوم على “نظام كييف الإجرامي” لقيامه “بدور مباشر ورئيسي في تنفيذ العمل المدمر الأخير”.
ورفضت كييف هذه الاتهامات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو في منشور على فيسبوك إن “الأحداث التي وقعت في محج قلعة تعكس معاداة السامية المتأصلة لدى النخب والمجتمع الروسي”.
– ‘زرع الفتنة’ –
وقالت السلطات إنه تم اعتقال 60 شخصا للاشتباه في قيامهم باقتحام المطار بعنف والسعي لمهاجمة اليهود.
وأدان الزعيم الأرثوذكسي الروسي البطريرك كيريل أعمال العنف ووصفها بأنها محاولة “لزرع الفتنة” بين اليهود والمسلمين في روسيا.
وقال رجل الدين القوي وحليف الكرملين: “ليس لدي شك في أن القوى التي أثارت هذا الحادث لن تتوقف عن إثارة الفوضى في بلادنا”.
وأعيد فتح المطار يوم الاثنين، لكن السلطات أبلغت عن بعض الأضرار وقالت شركة طيران إن رحلاتها إلى إسرائيل في الأيام المقبلة ألغيت.
وفي نفس يوم أعمال الشغب في المطار، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الروسية أن مركزًا يهوديًا في منطقة أخرى بشمال القوقاز – قبردينو – بلكاريا – تم إحراقه.
وكانت منطقة شمال القوقاز الجبلية تضم جالية يهودية منذ قرون.
وفي اليوم التالي لأعمال الشغب، شاهدت وكالة فرانس برس سيارة شرطة تقل عددا من الضباط خارج كنيس محج قلعة.
ودفعت أعمال العنف إسرائيل إلى مطالبة روسيا بحماية مواطنيها واليهود.
خارج معبد يهودي في موسكو، اهتز الناس بالأحداث، ولكنهم لم يتفاجأوا، نظرا لتصاعد التوترات العالمية بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس.
وقال أرييل رازبيجاييف (37 عاما) مدير كنيس كورالي في موسكو لوكالة فرانس برس: “لا ينبغي للأحداث السياسية أن تشعل النار في بيتنا المشترك”.
وتحدثت شخصيات بارزة في داغستان دعماً للفلسطينيين وضد إسرائيل منذ هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقتل مسلحو حماس 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، وفقا لمسؤولين إسرائيليين، في أسوأ الهجمات على الإطلاق في تاريخ البلاد، مع احتجاز 239 شخصا آخرين كرهائن.
وتقول وزارة الصحة التي تديرها حماس إن إسرائيل ردت بقصف متواصل أدى إلى مقتل أكثر من 8300 شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال.
– ‘طعنة في الظهر’ –
وانتشرت شائعات يوم الأحد مفادها أن قناة Telegram المملوكة لإيليا بونوماريف – النائب الروسي السابق الذي يعيش الآن في أوكرانيا – كانت وراء الاحتجاجات.
وذكرت وسائل إعلام مستقلة أنه سبق له أن قدم دعما ماليا لقناة تيليغرام تسمى أوترو داغستان (داغستان مورنينج)، والتي دعت إلى احتجاجات في المطار يوم الأحد.
وقالت موسكو إن كييف استخدمت بونوماريف – الذي مُنح الجنسية الأوكرانية عام 2019 – لتنظيم الاحتجاجات، واتهمته بـ”تخريب المعلومات”.
ولم يستجب المتحدث باسم بونوماريف لطلبات وكالة فرانس برس للتعليق.
وقال حاكم داغستان، سيرجي ميليكوف، إن أعمال الشغب تم التحريض عليها من خلال منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من أوترو داغستان، التي يديرها “خونة” يعملون من أوكرانيا.
ووصف أعمال الشغب بأنها “طعنة في الظهر” للجنود الداغستانيين الذين يقاتلون في أوكرانيا.
ووفقاً لتقارير مستقلة، أرسلت داغستان عدداً أكبر نسبياً من الرجال للقتال في أوكرانيا مقارنة بالعديد من المناطق العرقية الروسية.
ودعا ميليكوف شعبه إلى عدم الاستسلام “للاستفزازات” بشأن الأحداث في إسرائيل وغزة.
وقال “إن جميع الداغستانيين يتعاطفون مع معاناة الضحايا بسبب تصرفات الأشخاص والسياسيين غير الصالحين ويصلون من أجل السلام في فلسطين”.
“لكن ما حدث في مطارنا أمر شائن ويجب أن يحظى بالتقييم المناسب من سلطات إنفاذ القانون”.
