دمشق
يستخدم الزعيم الفعلي لسوريا، أحمد الشرع، الظهور الإعلامي لتوضيح سيناريوهات مكتوبة بشكل جيد قبل عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وبدا أن الشرع يتحدث من نقاط حوار معدة بشكل احترافي، حيث كان يجيب بهدوء حتى على الأسئلة الصعبة محاولاً طمأنة جمهوره المحلي والأجنبي، بينما في الوقت نفسه لا يخفي نيته في تعزيز قبضته على السلطة في الوقت الحالي.
ولم تكن المقابلة التي أجرتها معه قناة العربية السعودية المملوكة للدولة، الأحد، استثناءً.
وقال للقناة التلفزيونية العربية إن إجراء الانتخابات في سوريا قد يستغرق ما يصل إلى أربع سنوات، وهي المرة الأولى التي يعلق فيها على جدول زمني محتمل للانتخابات منذ الإطاحة ببشار الأسد هذا الشهر.
وأضاف الشرع أن صياغة الدستور الجديد قد تستغرق ما يصل إلى ثلاث سنوات، مضيفًا أن الأمر سيستغرق حوالي عام حتى يرى السوريون تغييرات جذرية.
ويأتي تعليق الشرع الذي يقود جماعة هيئة تحرير الشام التي أطاحت بالأسد في الثامن من ديسمبر كانون الأول في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الجديدة في دمشق إلى طمأنة جيرانها بأنها ابتعدت عن جذور التطرف الإسلامي.
وأنهت الحملة الخاطفة التي شنها التنظيم حرباً أهلية استمرت 13 عاماً، لكنها تركت مجموعة من الأسئلة حول مستقبل دولة متعددة الأعراق والطوائف، حيث تتمتع الدول الأجنبية، بما في ذلك تركيا وروسيا، بمصالح قوية وربما متنافسة.
وفي حين رحبت القوى الغربية إلى حد كبير بنهاية حكم عائلة الأسد في سوريا، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هيئة تحرير الشام ستفرض حكماً إسلامياً صارماً أو ستبدي مرونة وتتحرك نحو الديمقراطية.
وقال الشرع إن هيئة تحرير الشام، المعروفة سابقا باسم جبهة النصرة، سيتم حلها خلال مؤتمر للحوار الوطني.
وعندما سئل عن حل الجماعة قال الشرع: «طبعا. لا يمكن إدارة دولة بعقلية الجماعات والميليشيات”.
وكانت الجماعة تابعة لتنظيمي الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة المتطرفين، لكنها تخلت منذ ذلك الحين عن كليهما وسعت إلى إعادة وضع نفسها كقوة للاعتدال.
وتعهدت مرارا بحماية الأقليات التي تخشى أن يسعى الحكام الجدد إلى فرض حكومة إسلامية وحذرت من محاولات إثارة الصراع الطائفي.
وبحسب الشرع، فإن مؤتمر الحوار الوطني سيشهد مشاركة واسعة من المجتمع السوري بالتصويت على قضايا مثل حل البرلمان والدستور.
وأضاف الشرع: “نحن بحاجة إلى إعادة كتابة الدستور” وهو ما قد يستغرق “سنتين أو ثلاث سنوات”.
حدد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي تم تبنيه في عام 2015، خارطة طريق للانتقال السياسي في سوريا والتي تضمنت صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الزائر جير بيدرسن هذا الشهر إنه يأمل أن “تتبنى سوريا دستورا جديدا… وأن نجري انتخابات حرة ونزيهة” بعد فترة انتقالية.
ودعا دبلوماسيون من الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي والدول العربية الذين اجتمعوا في الأردن هذا الشهر إلى “تشكيل حكومة تمثيلية شاملة وغير طائفية من خلال عملية شفافة”.
وتم تعيين حكومة مؤقتة لإدارة البلاد حتى الأول من مارس.
وأعرب الشرع أيضا عن أمله في أن تقوم إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة على سوريا. وقال دبلوماسيون أمريكيون كبار زاروا دمشق هذا الشهر إن الشرع بدا وكأنه شخص عملي وأن واشنطن قررت إلغاء مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يأتي برأس زعيم هيئة تحرير الشام.
وقال الشرع إن “العقوبات على سوريا صدرت بناء على الجرائم التي ارتكبها النظام”، مضيفا أنه منذ رحيل الأسد “يجب رفع هذه العقوبات تلقائيا”.
وردا على سؤال حول مخاوف دول الجوار من الجماعات الإسلامية المتطرفة، قال: “لن نعمل على تصدير الثورة. وقال: “نريد إدارة المرحلة بعقلية الدولة وليس الثورة”، مؤكدا حرصهم على إقامة علاقات استراتيجية مع كافة دول المنطقة.
وبدا حريصا على تلبية مطالب تركيا بكبح جماح المسلحين الأكراد.
وفيما يتعلق بالوضع في شمال شرقي سوريا، قال الشرع إن هناك محادثات مع جميع الأطراف لحل الخلافات المتبقية بما في ذلك مع قوات سوريا الديمقراطية الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وأضاف: “نرفض أن تصبح سوريا منصة لحزب العمال الكردستاني لشن هجمات ضد تركيا”.
وقال إن الأسلحة يجب أن تكون تحت سيطرة الدولة فقط، مضيفا أن وزارة الدفاع سترحب بالقادرين على الالتحاق بالجيش.
لقد حاول ألا يزعج روسيا، كما حاول أن يضع مبادئ توجيهية للعلاقات مع إيران.
وقال الشرع في المقابلة إن سوريا تتقاسم مصالح استراتيجية مع روسيا الحليف الوثيق للأسد خلال الحرب الأهلية الطويلة والتي لها قواعد عسكرية في البلاد، مكررا الإشارات التصالحية التي أطلقتها حكومته في السابق.
وقال الشرع هذا الشهر إن علاقات سوريا مع روسيا يجب أن تخدم المصالح المشتركة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن وضع القواعد العسكرية الروسية سيكون موضوع المفاوضات مع القيادة الجديدة في دمشق.
وقال في مقابلة مع وكالة الإعلام الروسية نشرت يوم الأحد “الأمر لا يتعلق فقط بالحفاظ على قواعدنا أو معاقلنا، بل يتعلق أيضا بظروف تشغيلها وصيانتها وتزويدها والتفاعل مع الجانب المحلي”.
وفي حديثه عن العلاقات المستقبلية مع طهران، قال الشرع: “لا يمكن لسورية أن تستمر من دون علاقات مع دولة إقليمية مهمة مثل إيران، لكن يجب أن تكون مبنية على احترام سيادة البلدين وعدم التدخل في شؤونهما”.
وكانت الجماعات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني، حاضرة بشكل كبير في سوريا في عهد الأسد، وقدمت إيران منذ فترة طويلة ما وصفته بالمستشارين العسكريين للقوات المسلحة السورية.