قصفت القوات الإسرائيلية يوم الثلاثاء قطاع غزة المحاصر حيث قال مسؤولون فلسطينيون إن غارة واحدة قتلت 10 من أفراد عائلة الزعيم السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، بما في ذلك شقيقته.
وجاءت الغارة بعد ثلاثة أيام من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن “المرحلة المكثفة” من الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول قد انتهت، وبينما كان وزير دفاعه يزور واشنطن.
ولم يؤكد الجيش الإسرائيلي على الفور الغارة التي وقعت في الصباح الباكر، والتي قالت وكالة الدفاع المدني في غزة التي تحكمها حماس إنها أصابت منزل العائلة في مخيم الشاطئ للاجئين شمال البلاد، مما أدى إلى محاصرة بعض الجثث تحت الأنقاض.
وقال الجيش إنه ضرب عناصر من حماس “داخل مجمعات المدارس” في الشاطئ ومنطقة أخرى بشمال غزة خلال الليل، واتهمهم بالتورط في هجوم 7 أكتوبر الذي أشعل الحرب و”احتجاز رهائن”.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس: “سقط عشرة شهداء وعدد من الجرحى نتيجة الغارة، بينهم زهر هنية شقيقة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية”.
وفقد هنية ثلاثة أبناء وأربعة أحفاد في غارة جوية في أبريل نيسان عندما اتهمهم الجيش الإسرائيلي بممارسة “أنشطة إرهابية”. وقال زعيم حماس في ذلك الوقت إن نحو 60 من أقاربه قتلوا في حرب غزة.
وقال نتنياهو في مقابلة تلفزيونية يوم الأحد إن القتال الأعنف في حرب غزة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر يقترب من نهايته، لكن الحرب ستستمر من أجل إعادة الرهائن المتبقين وتدمير حماس.
وقال رئيس الوزراء أيضًا إنه سيتم إعادة نشر بعض القوات “لأغراض دفاعية” على الحدود الشمالية مع لبنان، حيث تزايدت المخاوف من حرب كبرى ضد جماعة حزب الله المدعومة من إيران بعد أشهر من إطلاق النار عبر الحدود.
وحذر كبار المسؤولين الأميركيين الذين اجتمعوا مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في واشنطن حليفتهم من ضرورة تجنب المزيد من التصعيد في لبنان وناقشوا أيضًا الجهود الجارية للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى المتبقين في غزة.
– “نقف معًا” –
وتعثرت مرة أخرى أشهر من المحادثات الرامية إلى التوصل إلى هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن، وذلك أساسا بسبب مطالب حماس بإنهاء القتال بشكل دائم والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، وهو ما رفضه نتنياهو مرارا وتكرارا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وجالانت ناقشا الدفع المستمر للتوصل إلى اتفاق “يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن ويخفف معاناة الشعب الفلسطيني”.
وقال ميلر إن بلينكن “شدد أيضا على أهمية تجنب المزيد من التصعيد للصراع والتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية بالعودة إلى منازلها” في المناطق الحدودية التي تم إخلاؤها.
نتنياهو – الذي كانت علاقاته متوترة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وسط الحرب المدمرة – أزعج الإدارة في الأيام الأخيرة باتهام واشنطن بتقليص شحنات الأسلحة والذخيرة.
ونفت الولايات المتحدة بشدة هذا الادعاء، مؤكدة أنها احتجزت فقط شحنة واحدة من القنابل الثقيلة، على الرغم من أن تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية أشارت إلى أنها أوقفت أيضًا شحنات الأسلحة الطارئة السريعة.
اتخذ جالانت مسارًا أكثر تصالحية.
وقال لبلينكن، بحسب مكتب جالانت: “إن عيون أعدائنا وأصدقائنا على حد سواء تتجه نحو العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.
“يجب علينا حل الخلافات بيننا بسرعة والوقوف معا.”
والتقى جالانت أيضًا برئيس وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز، المسؤول الأمريكي في المحادثات لإطلاق سراح الأسرى، وشدد على “التزام إسرائيل الأساسي بإعادة الرهائن دون استثناء”.
– “نحن محاصرون” –
وبدأت الحرب الأكثر دموية في غزة بهجوم شنته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل 1195 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المسلحون أيضا نحو 250 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة رغم أن الجيش يقول إن 42 منهم قتلوا.
وقالت وزارة الصحة في غزة يوم الاثنين إن الهجوم الانتقامي الإسرائيلي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 37626 شخصا، معظمهم من المدنيين أيضا.
ومنذ ذلك الحين، انتشلت طواقم الدفاع المدني 13 جثة أخرى من ثلاثة مواقع ضربتها الغارات الجوية الإسرائيلية، بحسب ما قال المتحدث باسم الوكالة بصل قبل الهجوم الأخير على منزل عائلة هنية.
وشهد مراسل وكالة فرانس برس غارة أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، بينهم طفلان، بالقرب من مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وتركت الجثث متناثرة وسط بركة من الدماء.
وتزايد الغضب العالمي بسبب ارتفاع عدد القتلى، واستقبل عشرات المتظاهرين غالانت بصيحات “مجرم حرب” أثناء مغادرته الاجتماع مع بلينكن.
كما فرضت إسرائيل حصارا على سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، وحرمتهم من معظم المواد الغذائية وغيرها من الضروريات، ولم يتم تخفيف المعاناة إلا عن طريق شحنات المساعدات المتفرقة.
وقال هيثم أبو طه، وهو من بين الفلسطينيين القلائل الذين عادوا إلى رفح بعد معارك ضارية: “لم يعد هناك ماء أو طعام. نحن محاصرون تماما”.
وحذر فيليب لازاريني، رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، من “انهيار النظام المدني” في غزة فضلا عن “مستويات كارثية من الجوع”.
وتواجه الأونروا أزمة منذ يناير/كانون الثاني عندما اتهمت إسرائيل نحو 12 من موظفيها البالغ عددهم 13 ألف موظف في غزة بالتورط في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي أشعل فتيل الحرب.
رفعت عائلات القتلى في هجوم حماس دعوى قضائية ضد الأونروا يوم الاثنين، زاعمة أنها سهلت إراقة الدماء غير المسبوقة، وفقا لوثائق المحكمة.
وخلصت مراجعة مستقلة قادتها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا إلى بعض “القضايا المتعلقة بالحياد” لكنها قالت إن إسرائيل لم تقدم بعد أدلة على مزاعمها الرئيسية.
بور-JD/FZ/AMI
