Connect with us

Hi, what are you looking for?

اخر الاخبار

يوازن تواصل تركيا مع أفريقيا بين الدبلوماسية وصادرات الأسلحة المثيرة للجدل

اسطنبول

على مدى العقد الماضي، قامت تركيا ببناء حضور بارز في أفريقيا، مستفيدة من الدبلوماسية والتعاون التنموي والأمني ​​لوضع نفسها كبديل جديد للقوى التقليدية التي هيمنت على القارة لعقود من الزمن، مثل فرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين.

نجح الرئيس رجب طيب أردوغان في تسويق سياسة “التوجه الأفريقي” كنموذج للعلاقات المتساوية، يدعمها خطاب شعبوي ذو جاذبية خاصة، يقوم على فكرة أن “العالم أكبر من خمسة”، في إشارة إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي. وقد أعطى هذا الشعار لأنقرة صورة القوة التي تتحدى النظام الدولي القائم وتدافع عن مصالح الجنوب العالمي.

وتوج هذا التوجه بافتتاح أكثر من ثلاثين سفارة تركية جديدة في القارة منذ عام 2002، إلى جانب نشاط دبلوماسي مكثف جعل من أنقرة لاعبا فاعلا في القضايا الإقليمية المعقدة، أبرزها التوسط بين إثيوبيا والصومال عام 2024 فيما أصبح يعرف بعملية أنقرة.

منحت هذه التحركات تركيا مكانة متزايدة كقوة متوسطة طموحة تسعى إلى ملء الفراغ الذي خلفه انسحاب القوى الغربية تدريجياً من أفريقيا، مما جذب اهتمام بعض العواصم الغربية التي ترى في أنقرة شريكاً محتملاً في الحد من النفوذ الروسي والصيني المتزايد في القارة.

وأشار المحللان سنان سيدي ووليام دوران في تقرير لمجلة فورين بوليسي إلى أن الوجه الدبلوماسي المشرق للنفوذ التركي يخفي جانبا أكثر إثارة للجدل: التوسع السريع لصادرات الأسلحة التركية إلى أفريقيا، الأمر الذي حول أنقرة في غضون سنوات قليلة إلى واحدة من موردي الأسلحة الرئيسيين في القارة.

ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، احتلت تركيا المرتبة الثالثة في صادرات الأسلحة إلى غرب أفريقيا في عام 2024، إلى جانب روسيا، مما يشير إلى أن النفوذ التركي لم يعد يقتصر على الخطاب السياسي أو المشاريع التنموية بل يمتد إلى واحدة من أكثر الصناعات حساسية وأهمية أمنية في القارة.

وتشكل صادرات الطائرات بدون طيار ركيزة لهذه الاستراتيجية، حيث تمثل شركة بايكار التركية، الشركة الرائدة في تصنيع الطائرات بدون طيار، أكثر من ربع صادرات تركيا من الأسلحة، والتي تقدر قيمتها بحوالي 1.8 مليار دولار في عام واحد.

وتستخدم حاليا 18 دولة أفريقية هذه الطائرات المقاتلة بدون طيار، بما في ذلك الدول التي تعاني من صراعات داخلية معقدة مثل إثيوبيا وليبيا، في حين تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه من المرجح أن يتوسع استخدامها عبر القرن الأفريقي ومنطقة الساحل.

إلى جانب ذلك، يتنامى دور الشركات العسكرية التركية الخاصة، وعلى رأسها شركة “سادات” الدولية للاستشارات الدفاعية، التي تنشط في تسع دول إفريقية، خاصة ليبيا ومنطقة الساحل، وتقدم نفسها كذراع تدريب واستشاري. لكن التقارير والوثائق الأمنية الغربية تزعم تورطها في تجنيد مقاتلين سوريين ونقلهم إلى جبهات في ليبيا ونيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر، وهو ما قد ينتهك القانون الدولي.

ويرتبط مؤسس الشركة، العميد المتقاعد عدنان تانريفردي، بعلاقات وثيقة مع أردوغان، مما يثير مخاوف من أن هذه الأنشطة قد تكون جزءًا من مشروع سياسي أيديولوجي يهدف إلى توسيع الوجود التركي المتأثر دينيًا في إفريقيا.

وتجسد الأزمة السودانية هذا التناقض التركي. وبينما تقدم أنقرة نفسها كوسيط سياسي في الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، كشفت تقارير حقوقية أن الأسلحة التركية أججت القتال بين الجانبين.

وزودت تركيا القوات المسلحة السودانية بالمعدات خلال الاشتباكات، بينما أشارت منظمة العفو الدولية في عام 2024 إلى أن شركات تصنيع الأسلحة التركية قدمت وحدات موالية للجيش على الرغم من أن قائده عبد الفتاح البرهان كان يخضع لعقوبات أمريكية.

وفي مارس 2025، كشفت صحيفة واشنطن بوست أن شركة بايكار باعت طائرات مسيرة ورؤوس حربية بقيمة 120 مليون دولار للسودان عبر شركات خاضعة للعقوبات الدولية. وفي الوقت نفسه، حصلت قوات الدعم السريع على الأسلحة التركية عبر الأسواق السوداء أو المخزونات المنهوبة، مما أدى إلى استخدام الأسلحة التركية ضد الأسلحة التركية في ساحة معركة واحدة، مما يسلط الضوء على عدم وجود رقابة على الصادرات العسكرية لأنقرة.

ويمتد تأثير هذه التجارة إلى ما هو أبعد من مناطق الصراع المباشر، حيث يتم توفير الأسلحة المتقدمة للأنظمة الهشة أو التي تراقبها الأمم المتحدة بسبب سجلاتها في مجال حقوق الإنسان، ثم تتسرب بعد ذلك إلى الجماعات المسلحة وشبكات التهريب الممتدة عبر منطقة الساحل والقرن الأفريقي.

وشهدت أفريقيا منذ عام 2019 عشرة انقلابات، تسعة منها في دول الساحل، خمسة منها تدير طائرات مسيرة تركية وثلاثة تستضيف أفراد صادات، مما يشير إلى أن انتشار السلاح التركي عزز ديناميكيات الانقلابات والصراعات بدلا من احتوائها.

وشهدت بلدان أخرى ليس لها علاقات أمنية رسمية مع أنقرة، مثل الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى، تدفقات غير مشروعة للأسلحة التركية من مناطق الصراع المجاورة، مما يهدد بتوسيع نطاق عدم الاستقرار في جميع أنحاء القارة.

ورغم نجاحات تركيا في تعزيز نفوذها الثقافي والتجاري والتعليمي في أفريقيا، فإن الجانب الخفي لسياستها وصادراتها من الأسلحة والمقاتلات، يهدد بتحويل هذا النفوذ إلى مصدر توتر مستمر.

ويشير المراقبون إلى أنه في حين تقدم أنقرة نفسها كقوة دبلوماسية بديلة تسعى إلى تحقيق الاستقرار في القارة، فإن الحقائق تظهر أن سياساتها العسكرية كثيرا ما تؤجج الصراعات بدلا من حلها.

وهكذا أصبحت تركيا نموذجاً معقداً للقوة، يجمع بين خطاب السلام وأدوات الحرب، والدبلوماسية الإنسانية مع الطموحات الجيوسياسية، والنفوذ الناعم الذي بني من خلال المشاريع والمدارس والمساجد، والنفوذ القوي الذي يتم فرضه من خلال الأسلحة والمقاتلين.

اضف تعليقك

اترك تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

اخر الاخبار

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون يوم الجمعة لوفد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن بلاده لا تريد الحرب مع إسرائيل، بعد أيام من...

اخر الاخبار

بيروت، لبنان على الرغم من الجهود المبذولة للتحرك “الإيجابي” من قبل الجانبين بعد أول محادثات مباشرة منذ عقود بين لبنان وإسرائيل، إلا أن الشكوك...

اخر الاخبار

تم اكتشاف كنز مكون من 225 تمثالًا جنائزيًا داخل مقبرة في العاصمة المصرية القديمة تانيس في دلتا النيل، وهو اكتشاف نادر يحل أيضًا لغزًا...

اخر الاخبار

في يونيو 1939، عشية الحرب العالمية الثانية، كتب ألبير كامو، وهو مثقف يساري شاب ناشئ ولد لعائلة من المستوطنين الفقراء في الجزائر، ما يلي:...

اخر الاخبار

بيروت (5 ديسمبر كانون الأول) (رويترز) – انتقد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم اليوم الجمعة قرار الحكومة اللبنانية إرسال مندوب مدني إلى لجنة...

اخر الاخبار

بغداد / واشنطن اجتاحت طائرات إيرانية بدون طيار الأجواء الجبلية في منطقة كردستان شمال العراق في منتصف يوليو/تموز، وركزت على أهدافها: حقول النفط التي...

اخر الاخبار

5 ديسمبر (رويترز) – اندلع القتال في شرق جمهورية الكونجو الديمقراطية يوم الجمعة بعد يوم من استضافة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زعيمي الكونجو ورواندا...

اخر الاخبار

لندن قالت مصادر ملاحية وتأمينية، اليوم الخميس، إن تكاليف التأمين ضد الحرب على السفن المبحرة إلى البحر الأسود ارتفعت مرة أخرى مع قيام شركات...