الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: لا توجد مساعدات في غزة مع تصاعد اليأس لدى الملايين المحاصرين

في القطاع الضيق، كانت هناك مشاهد من الذعر والغضب واليأس في كل مكان حيث استجاب السكان للتحذيرات الإسرائيلية بالإخلاء قبل هجوم كبير

فلسطينيون يقفون بجانب المبنى الذي دمر في غارة جوية إسرائيلية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، الاثنين 16 أكتوبر 2023. الصورة: AP

أعلنت إسرائيل يوم الاثنين أنه لا توجد هدنة مؤقتة للسماح بدخول المساعدات أو خروج الأجانب من قطاع غزة، حيث يتصاعد اليأس بين ملايين الفلسطينيين المحاصرين في القطاع الذي يتعرض لقصف شديد مع القليل من الطعام والماء.

عاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل يوم الاثنين قبل الهجوم البري الوشيك “لتدمير” حركة حماس الإسلامية التي تحكم غزة، وشدد على أنه “لا ينبغي أن يعاني المدنيون بسبب فظائع حماس”.

وأعلنت إسرائيل الحرب على حماس بعد يوم من اختراق موجات من مقاتليها الحدود شديدة التحصين في 7 أكتوبر، وإطلاق النار والطعن والحرق حتى الموت أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين.

أطلقت إسرائيل، التي تعاني من أعنف هجوم في تاريخها، حملة قصف متواصلة على قطاع غزة، مما أدى إلى تسوية الأحياء بالأرض وقتل ما لا يقل عن 2750 شخصًا، معظمهم من المدنيين.

جنود إسرائيليون يركبون مركباتهم المدرعة باتجاه الحدود مع قطاع غزة في 16 أكتوبر 2023. الصورة: وكالة فرانس برس

لكن مع احتشاد القوات الإسرائيلية على طول الحدود فإن حساباتها لغزو غزة حيث أقامت حماس مجموعة من الأنفاق معقدة بسبب وجود 199 رهينة أسرها الإسلاميون.

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن المنطقة بأكملها “على حافة الهاوية”، مع اشتداد إطلاق النار عبر الحدود بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران، والتي حذرت من الانتقام إذا توغلت القوات الإسرائيلية في غزة.

وفي غزة، كانت هناك مشاهد من الذعر والغضب واليأس في كل مكان، حيث استجاب الفلسطينيون للتحذيرات الإسرائيلية بإخلاء الشمال قبل هجومها الكبير.

فلسطينيون يعملون على إزالة أنقاض مبنى منهار في أعقاب غارة جوية إسرائيلية في رفح، جنوب قطاع غزة، في 16 أكتوبر 2023. الصورة: وكالة فرانس برس

لكن وصول مئات الآلاف من الأشخاص إلى الجنوب كان يشكل ضغطاً شديداً على مكان لا يملك سوى القليل من الموارد في البداية، ومن المستحيل المغادرة منه.

وقالت منى عبد الحميد (55 عاما) التي فرت من مدينة غزة إلى رفح في الجنوب حيث تقيم مع غرباء “لا كهرباء ولا ماء ولا إنترنت. أشعر وكأنني أفقد إنسانيتي”.

ومع إغلاق المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل، وإغلاق مصر أيضاً حدود رفح في الجنوب، أصبح سكان غزة محاصرين فعلياً.

يتم انتشال شاب فلسطيني من تحت أنقاض مبنى بعد غارة جوية إسرائيلية في رفح، جنوب قطاع غزة، في 16 أكتوبر 2023. الصورة: وكالة فرانس برس

ويعتبر أي خروج للفلسطينيين من غزة قضية حساسة، حيث تخشى الدول العربية من أن يؤدي ذلك إلى الطرد الدائم، وهو الأمر الذي رفضه بلينكن بشكل قاطع.

وتدفق الأجانب على رفح على أمل السماح لهم بالخروج، بعد أن قال بلينكن إنه واثق من أن المعبر “سيكون مفتوحا” أمام المساعدات إلى القطاع. وكانت التقارير قد أشارت إلى أن مصر تمنع مرور سكان غزة الذين يحملون جوازات سفر أجنبية حتى يتم السماح بدخول إمدادات الإغاثة.

لكن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدد الآمال في التوصل إلى اتفاق قائلا في بيان يوم الاثنين إنه “لا يوجد حاليا وقف لإطلاق النار ولا مساعدات إنسانية في غزة مقابل إبعاد الأجانب”.

أطفال فلسطينيون يجلسون على أنقاض مبنى دمر في غارة جوية إسرائيلية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة يوم الاثنين 16 أكتوبر 2023. الصورة: AP

وقال المواطن الألماني أحمد القصاص، الذي ينتظر على الحدود منذ ثلاثة أيام للحصول على فرصة للعبور، إن “الناس هنا بالكاد يحصلون على الماء والغذاء”.

وقالت المواطنة الدنماركية عطاف الراعي، التي تنتظر أيضاً في رفح على أمل المغادرة: “في غزة بشكل عام، لا يمكنك القول أن هناك منطقة آمنة لأي شخص أو لأي حيوان أو حتى للحجارة”.

واتهم لين هاستنجز، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، إسرائيل بربط المساعدات الإنسانية إلى غزة بإطلاق سراح الرهائن الذين اختطفتهم حماس.

نساء فلسطينيات يسيرن بجوار المباني التي دمرتها الغارات الجوية الإسرائيلية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، الاثنين 16 أكتوبر 2023. الصورة: AP

وأصرت في مقطع فيديو نشرته الأمم المتحدة على أن “لا ينبغي أن يكون أي منهما مشروطا”.

“لقد قالوا إنهم يريدون تدمير حماس، لكن مسارهم الحالي سيدمر غزة”.

عززت الشهادات المروعة التي أدلى بها الناجون من هجوم حماس ومشاهد الدمار المروعة تصميم إسرائيل الغاضب على القضاء على الجماعة التي شبهتها بتنظيم داعش.

لقد ترك هذا الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الممتد منذ 75 عامًا إسرائيل في حالة من الصدمة العميقة، ولكنه جلب أيضًا موجة كبيرة من الدعم للهجوم البري والجوي والبحري الذي يلوح في الأفق على غزة والذي يتضمن “عملية برية كبيرة”.

دخان يتصاعد في الهواء فوق غزة في أعقاب القصف الإسرائيلي، كما يُرى من حدود إسرائيل مع قطاع غزة، في جنوب إسرائيل في 16 أكتوبر 2023. تصوير: رويترز

وحذرت إيران الداعمة لحماس من أن غزو غزة سيقابل برد يهدد الأمن على نطاق أوسع في المنطقة المضطربة.

لكن ألمانيا حذرت إيران من “التفكير مرتين” قبل تأجيج الوضع.

وخوفا من أن تتصاعد المناوشات مع حزب الله إلى حرب على جبهتين في إسرائيل، أرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ​​كوسيلة للردع.

ومع تصاعد التوترات، قال الجيش الإسرائيلي إنه يقوم بإجلاء السكان الذين يعيشون “على بعد كيلومترين من الحدود اللبنانية”.

غادرت سفينة تقوم بإجلاء رعايا أميركيين من إسرائيل، الاثنين، متوجهة إلى قبرص من ميناء حيفا الإسرائيلي، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس، تحسبا لتصاعد الأعمال العدائية.

واستبعد الرئيس الأمريكي جو بايدن نشر قوات على الأرض. وأكد بايدن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في “القضاء على المتطرفين”، لكنه أكد أن أي تحرك من جانب إسرائيل لاحتلال غزة سيكون “خطأ كبيرا”.

وناشدت الولايات المتحدة، التي تصنف حماس كمنظمة إرهابية، مثل العديد من الحكومات الغربية، الصين أيضا استخدام نفوذها في المنطقة لتخفيف التوترات.

وقال وزير الخارجية وانغ يي الأحد إن رد إسرائيل “تجاوز نطاق الدفاع عن النفس”، وطالبها “بوقف العقاب الجماعي لشعب غزة”.

ودعت روسيا التي تخوض حربا في أوكرانيا الجانبين إلى “وقف إطلاق النار فورا وبدء عملية التسوية السياسية”.

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اليوم الأحد إن مليون فلسطيني نزحوا بالفعل خلال الأسبوع الأول من الصراع، ولكن من المرجح أن يكون العدد أعلى.

فلسطينيون يتجمعون في موقع المباني المنهارة والمتضررة في أعقاب غارة جوية إسرائيلية في رفح، جنوب قطاع غزة، في 16 أكتوبر 2023. الصورة: وكالة فرانس برس

وفي جنوب غزة، تضاعف عدد سكان مدينة خان يونس، التي يسكنها عادة 400 ألف نسمة، في غضون أيام قليلة، مع بقاء الأسر المذعورة تحتمي في أي مكان متاح، في الداخل والخارج.

أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأحد، أن إمدادات المياه إلى جنوب قطاع غزة عادت من جديد، بعد أسبوع من إعلان “الحصار الكامل”.

لكن انقطاع التيار الكهربائي يهدد بشل أنظمة دعم الحياة، من محطات تحلية مياه البحر إلى تبريد الأغذية وحاضنات المستشفيات.

وقال السكان المحليون إنه حتى المهام اليومية، من الذهاب إلى المرحاض والاستحمام وغسل الملابس، تكاد تكون مستحيلة.

والوجود في الجنوب لا يضمن السلامة من الضربات الجوية الإسرائيلية.

وقال خميس أبو هلال، أحد سكان رفح، وهو يشير إلى منزل طبيب تم استهدافه: “لقد تم القضاء على الأسرة بأكملها”.