تصاعدت التوترات في سوريا بعد مقتل جنود أمريكيين في هجوم بالقرب من مدينة تدمر، مما أثار جدلاً متجدداً حول الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وأهدافه. يأتي ذلك في ظل انتقادات متزايدة من داخل الولايات المتحدة حول استمرار بقاء القوات الأمريكية في المنطقة دون رؤية استراتيجية واضحة، ووسط مخاوف من تصعيد محتمل للصراع.
أعلن البنتاغون عن مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني وإصابة ثلاثة آخرين في هجوم يوم الأحد الماضي، بالإضافة إلى مقتل عسكري سوري. ردت القوات الأمريكية بشن ضربات جوية على مواقع يُزعم أنها تابعة لتنظيم داعش في سوريا، بدعم من الأردن. وتأتي هذه الأحداث في سياق استمرار التوتر بين الولايات المتحدة والجهات الفاعلة المختلفة في سوريا.
الجدل حول الوجود العسكري الأمريكي في سوريا
يثير الوجود العسكري الأمريكي في سوريا جدلاً سياسياً داخلياً في الولايات المتحدة، حيث يرى البعض أنه غير ضروري وغير قانوني. ينتقد المعارضون غياب دعوة من الحكومة السورية الشرعية، وعدم وضوح الأهداف الاستراتيجية للوجود الأمريكي، وتكلفة هذا الوجود على دافعي الضرائب الأمريكيين. ويرى منتقدو التدخل الأمريكي أن استمرار الوجود العسكري يزيد من خطر تورط الولايات المتحدة في صراعات إقليمية معقدة.
من جهته، يرى مؤيدو الوجود العسكري الأمريكي أنه ضروري لمكافحة الإرهاب ومنع عودة تنظيم داعش إلى الظهور. ويؤكدون أن القوات الأمريكية تعمل بالتعاون مع القوات المحلية السورية لضمان استقرار المنطقة وحماية المصالح الأمريكية. لكن حتى بعض المؤيدين يعبرون عن قلقهم بشأن طول أمد الوجود العسكري وعدم وجود استراتيجية خروج واضحة.
تصعيد محتمل وتداعيات الهجوم
أثار الهجوم الذي استهدف القوات الأمريكية مخاوف من تصعيد محتمل للصراع في سوريا. وحذر خبراء عسكريون من أن الهجوم قد يكون بمثابة ذريعة لشن عمليات عسكرية أوسع نطاقاً، مما قد يؤدي إلى زيادة الخسائر في الأرواح وتفاقم الأزمة الإنسانية.
صرح بيل غيتس، وزير الدفاع الأمريكي السابق، بأنه يتساءل عن سبب استمرار وجود القوات الأمريكية في سوريا، معتبراً أن هذا الوجود قد يعرض الجنود للخطر. ورد شون هانيتي، مقدم برامج تلفزيونية أمريكي، على ذلك قائلاً إن مقتل جنود أمريكيين قد يستخدم كذريعة لعمليات عسكرية، مما يعزز الدعم الشعبي لهذه العمليات.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أدانت العديد من الدول العربية الهجوم الذي استهدف القوات الأمريكية، معربة عن تعازيها للضحايا. ودعت إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد. في المقابل، رحب بعض المراقبين بالضربات الجوية الأمريكية على مواقع تنظيم داعش، معتبرين أنها خطوة ضرورية لمكافحة الإرهاب.
أصدر تنظيم داعش بياناً وصف فيه الهجوم على القوات الأمريكية والفصائل السورية المسلحة المعارضة للتنظيم بأنه “الطلقات أصابت قلب” هذه القوات. ويشير هذا البيان إلى استمرار قدرة التنظيم على شن الهجمات وتنفيذ عملياته في سوريا.
الضربات الجوية الأمريكية والأردنية
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن الضربات الجوية الأمريكية والأردنية المشتركة استهدفت أكثر من 70 موقعاً تابعاً لتنظيم داعش في سوريا. وتشير التقارير الإخبارية الأمريكية إلى أن هذه الضربات قد تستمر لعدة أسابيع أو أشهر ضد أهداف التنظيم الإرهابي.
تأتي هذه الضربات في إطار جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة. ومع ذلك، يثير البعض تساؤلات حول فعالية هذه الضربات وقدرتها على القضاء على تنظيم داعش بشكل كامل.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن احتمال وقوع ضحايا مدنيين في هذه الضربات، وضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين.
من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في تقييم الوضع في سوريا وتحديد الخطوات التالية. من المرجح أن تشمل هذه الخطوات استمرار الضربات الجوية على مواقع تنظيم داعش، بالإضافة إلى تقديم الدعم للقوات المحلية السورية. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح متى ستنهي الولايات المتحدة الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، وما هي الشروط التي ستحدد ذلك.