أثارت تصريحات حديثة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن فنزويلا، وتحديداً حول مصادرة النفط والتهديد بعمليات عسكرية برية، توترات إقليمية ودولية متزايدة. وزعم ترامب أن الولايات المتحدة ستعتمد استراتيجية مماثلة لتلك التي استخدمتها في مكافحة تهريب المخدرات عبر البحر، مع التركيز على مصادرة النفط الفنزويلي واستخدامه كأداة ضغط. هذه الخطوات تثير تساؤلات حول القانون الدولي والعلاقات الأمريكية مع دول أمريكا اللاتينية.
جاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي في فلوريدا، حيث أكد ترامب أن جهود مكافحة تهريب المخدرات قد حققت نجاحًا كبيرًا، مشيرًا إلى انخفاض بنسبة تزيد عن 96% في كميات المخدرات القادمة عبر البحر. وأضاف أنه يعتزم تطبيق نفس النهج على اليابسة، معتبرًا أن الأمر سيكون “أسهل وأسرع”.
تصعيد التوترات حول النفط الفنزويلي
تعتبر مصادرة الولايات المتحدة للنفط الفنزويلي، والتي بدأت في ديسمبر الماضي، خطوة غير مسبوقة. وقد احتجزت واشنطن ناقلتين تحملان حوالي 4 ملايين برميل من النفط الفنزويلي في المياه الدولية، وفرضت حصارًا بحريًا عليهما، مبررة ذلك بجهودها لمكافحة التهريب وتمويل الإرهاب.
في 10 ديسمبر، أعلن ترامب مصادرة ناقلة نفط خاضعة للعقوبات تحمل نفطًا فنزويليًا، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “ستحتفظ بالنفط”. لاحقًا، في 20 و 21 ديسمبر، أكدت واشنطن اعتراض ناقلة “سنتشريز” التي ترفع العلم البنمي وتنقل نفطًا لصالح شركة صينية، بالإضافة إلى ناقلة “بيلا 1” بتهمة مشاركتها المزعومة في نقل نفط إيراني سابقًا.
ردود فعل فنزويلا والمجتمع الدولي
ردت فنزويلا بقوة على هذه الإجراءات، حيث وصف الرئيس نيكولاس مادورو هذه المصادرات بأنها “قرصنة ممنهجة على موارد الطاقة” و”انتهاك للقانون الدولي”. وأرسل مادورو رسالة إلى رؤساء دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وكذلك إلى الأمم المتحدة، أكد فيها التزام فنزويلا بالسلام، لكنه حذر من أنها مستعدة للدفاع عن سيادتها ومواردها.
وزير الخارجية الفنزويلي، إيفان جيل بينتو، أكد في تصريح تلفزيوني موقف بلاده، مشددًا على استعداد فنزويلا التام للدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها ومواردها وفقًا للقانون الدولي. كما اتهم مادورو القوات الأمريكية بتنفيذ 28 هجومًا على سفن مدنية في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، مما أسفر عن “104 عمليات إعدام خارج نطاق القضاء”، على حد قوله.
وحذر مادورو من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى ضرر جسيم بأسواق النفط العالمية وتفاقم عدم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة. ودعا المجتمع الدولي إلى رفض استخدام موارد الطاقة كأداة للضغط السياسي أو العدوان العسكري. هذه القضية تتعلق أيضًا بـ **العقوبات الاقتصادية** المفروضة على فنزويلا، والتي تهدف إلى إجبار مادورو على الاستقالة.
بالإضافة إلى ذلك، أثيرت مخاوف بشأن تأثير هذه الإجراءات على **أمن الطاقة** العالمي، خاصة مع تزايد الطلب على النفط وتعرض سلاسل الإمداد لاضطرابات. ويرى بعض المحللين أن هذه الخطوات قد تشجع دولًا أخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي العالمي.
في المقابل، تبرر الإدارة الأمريكية هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى منع النظام الفنزويلي من الاستفادة من بيع النفط لتمويل أنشطة غير قانونية وتقويض الديمقراطية في المنطقة. وتشير واشنطن إلى أن العقوبات المفروضة على فنزويلا تستهدف النظام وليس الشعب الفنزويلي.
الوضع الحالي يمثل تصعيدًا خطيرًا في التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، وقد يفتح الباب أمام مواجهة عسكرية أوسع في أمريكا اللاتينية. في الوقت نفسه، تسعى دول “الجنوب العالمي” إلى تعزيز سيادتها ورفض الهيمنة الأحادية، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
من المتوقع أن تستمر المناقشات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وفنزويلا في الأيام والأسابيع القادمة، في محاولة لتخفيف حدة التوتر وإيجاد حل سلمي للأزمة. ومع ذلك، يبقى مستقبل هذه العلاقات غير مؤكدًا، ويتوقف على العديد من العوامل، بما في ذلك التطورات السياسية الداخلية في فنزويلا والموقف الأمريكي من العقوبات.