بدأت وزارة العدل الأمريكية تحقيقات في سياسات التنوع والإنصاف والإدماج (DEI) المتبعة في التوظيف والترقيات لدى عدد من الشركات الكبرى، معتبرةً إياها ممارسات قد تشكل احتيالاً يستوجب استرداد الأموال التي تم إنفاقها. وتأتي هذه التحقيقات بعد قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بإلغاء هذه السياسات في الحكومة الفيدرالية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه المبادرات في القطاع الخاص.
التحقيقات الأولية تستهدف شركات مثل Verizon وAlphabet (الشركة الأم لـ Google)، على الرغم من أن قائمة الشركات المستهدفة قد تكون أوسع نطاقاً ولم يتم الإعلان عنها بشكل كامل. وتعتمد وزارة العدل في هذه التحقيقات على قوانين مكافحة الاحتيال، وهي قوانين تستخدم عادةً ضد المقاولين الذين يقدمون فواتير مبالغ فيها أو يدعون تنفيذ أعمال وهمية، وفقاً لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال.
ما هي سياسات التنوع والإنصاف والإدماج (DEI)؟
سياسات التنوع والإنصاف والإدماج هي مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى خلق بيئة عمل شاملة وعادلة لجميع الموظفين، بغض النظر عن خلفياتهم أو هوياتهم. وتشمل هذه السياسات عادةً ثلاثة عناصر رئيسية: التنوع، والإنصاف، والإدماج.
عناصر سياسات DEI
التنوع (Diversity): يركز على زيادة تمثيل المجموعات المختلفة في القوى العاملة، مثل النساء والأقليات العرقية والأشخاص ذوي الإعاقة. قد يشمل ذلك وضع أهداف لزيادة نسبة هذه المجموعات في المناصب القيادية.
الإنصاف (Equity): يهدف إلى معالجة أوجه عدم المساواة التاريخية من خلال توفير دعم إضافي للمرشحين أو الموظفين من الفئات المهمشة. قد يتضمن ذلك برامج تدريبية خاصة أو تعديل عمليات الترقية لضمان تكافؤ الفرص.
الإدماج (Inclusion): يركز على خلق ثقافة عمل يشعر فيها جميع الموظفين بالتقدير والاحترام والمشاركة. يشمل ذلك تنظيم جلسات تدريبية حول التحيزات اللاواعية وإنشاء مجالس DEI لمراقبة الشكاوى.
لماذا تستهدف إدارة ترامب سياسات DEI؟
ترى إدارة ترامب أن سياسات التنوع والإنصاف والإدماج تمثل تمييزاً عكسياً، حيث تفضل مجموعات معينة على أساس الهوية بدلاً من الكفاءة. وتعتبر الإدارة أن هذا يتعارض مع مبادئ الحقوق المدنية. بالإضافة إلى ذلك، تزعم الإدارة أن الشركات التي تتلقى عقوداً اتحادية مقابل تنفيذ سياسات DEI قد تكون متورطة في احتيال على الحكومة.
في خطابه أثناء التنصيب، أكد الرئيس ترامب على وجود جنسين فقط، وهو ما يعكس موقفه الرافض لبعض جوانب سياسات DEI المتعلقة بالهوية الجندرية. وقد ألغى ترامب هذه السياسات في الحكومة الفيدرالية في 22 يناير، مما أثار جدلاً واسعاً.
هذه الخطوات تأتي في سياق أوسع من الجدل الدائر حول دور سياسات التنوع والإنصاف والإدماج في المجتمع الأمريكي. يرى البعض أنها ضرورية لتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة، بينما يرى آخرون أنها تؤدي إلى التمييز العكسي وتقوض مبدأ الجدارة.
الجدل حول التنوع والإنصاف والإدماج لا يقتصر على الولايات المتحدة. ففي العديد من البلدان، هناك نقاش مماثل حول أفضل الطرق لتعزيز التنوع والمساواة في مكان العمل والمجتمع بشكل عام. وتشمل القضايا ذات الصلة المساواة في الأجور، والتمييز على أساس العرق والجنس والدين، والوصول إلى التعليم والفرص الاقتصادية.
من الجدير بالذكر أن هذه التحقيقات قد تؤثر على الشركات الأخرى التي تتبنى سياسات DEI، حيث قد تخشى من التعرض لمساءلة قانونية مماثلة. قد يؤدي ذلك إلى تقليل الاستثمار في هذه المبادرات أو تعديلها لتجنب المخاطر القانونية.
ما هي الخطوات التالية؟
من المتوقع أن تستمر وزارة العدل في تحقيقاتها في سياسات DEI لدى الشركات المستهدفة. لم يتم تحديد جدول زمني واضح لإصدار النتائج أو اتخاذ أي إجراءات قانونية. ومع ذلك، من المرجح أن تكون هذه التحقيقات نقطة تحول في النقاش الدائر حول دور سياسات التنوع والإنصاف والإدماج في الولايات المتحدة. يجب مراقبة تطورات هذه القضية عن كثب لمعرفة تأثيرها على الشركات والموظفين والمجتمع بشكل عام.