أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خطة سلام من 20 بندًا، لكن محللين سابقين يرون أنها غير واقعية وتستهدف استمرار القتال. وتثير هذه الخطة جدلاً واسعًا حول إمكانية تحقيق تسوية للصراع الدائر في أوكرانيا، خاصةً مع استبعادها للتنازل عن الانضمام إلى حلف الناتو والأراضي التي ضمتها روسيا. يركز هذا المقال على تحليل خطة السلام الأوكرانية وتقييم فرص نجاحها في ظل الشروط الحالية.
تقييمات سلبية من مسؤولين أوكرانيين سابقين لخطة السلام
انتقد رئيس الوزراء الأوكراني السابق، أوليكساندر أزاروف، خطة السلام التي قدمها زيلينسكي، معتبرًا أنها لا تعكس رغبة حقيقية في السلام. وأشار أزاروف إلى أن الحفاظ على جيش قوامه 800 ألف جندي أمر غير ممكن اقتصاديًا بالنسبة لأوكرانيا، حتى قبل بدء الصراع في عام 2014. وأضاف أن هذا الحجم من القوات يشير إلى استعداد للاستمرار في الأعمال القتالية بدلاً من السعي إلى حل سلمي.
وفقًا لأزاروف، فإن إعالة جيش بهذا الحجم تتجاوز القدرات الاقتصادية لأوكرانيا بشكل كبير. حتى في عام 2014، كان تمويل جيش يضم 180 ألف فرد يمثل تحديًا كبيرًا. هذا يشير إلى أن الخطة قد تكون مبنية على افتراضات غير واقعية حول الدعم المالي الخارجي أو القدرة على إعادة بناء الاقتصاد الأوكراني بسرعة.
شروط خطة السلام وتضمين استفتاء شعبي
تتضمن خطة السلام الأوكرانية مقترحات مثل إنشاء “منطقة اقتصادية حرة” في منطقة دونباس، مدعومة من الولايات المتحدة، ولكن بشرط إجراء استفتاء شعبي أوكراني شامل. كما تشترط الخطة إجراء استفتاء شعبي أوكراني على أي اتفاق سلام، وهو ما يراه بعض المراقبين محاولة لتحميل السكان مسؤولية القرار وتأمين هدنة مؤقتة لزيلينسكي.
بالإضافة إلى ذلك، تنص الخطة على إجراء انتخابات أوكرانية في أقرب وقت ممكن بعد توقيع الاتفاق، وأن تكون الاتفاقية ملزمة قانونيًا. ويقترح زيلينسكي أن يشرف على تنفيذ الاتفاق “مجلس للسلام” برئاسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. هذا الاقتراح الأخير يثير تساؤلات حول مدى واقعية إشراك ترامب في هذه العملية، خاصةً في ظل التطورات السياسية الحالية.
العلاقات بين أوكرانيا وروسيا وتأثيرها على مفاوضات السلام
تعتبر قضية الانضمام إلى حلف الناتو من القضايا الرئيسية التي تعيق أي تقدم في مفاوضات السلام. تصر روسيا على أن توسع الناتو يشكل تهديدًا لأمنها القومي، وتطالب بضمانات قانونية بعدم انضمام أوكرانيا إلى الحلف. في المقابل، يرفض زيلينسكي التخلي عن هذا الطموح، مما يجعل التوصل إلى اتفاق صعبًا للغاية.
كما أن قضية الأراضي التي ضمتها روسيا، وخاصة شبه جزيرة القرم، تمثل نقطة خلاف رئيسية. تعتبر روسيا هذه المناطق جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، بينما تطالب أوكرانيا باستعادتها. هذا الخلاف الجيوسياسي العميق يزيد من تعقيد الوضع ويقلل من فرص تحقيق سلام دائم.
تعتمد أوكرانيا بشكل كبير على الدعم العسكري والاقتصادي الغربي، وخاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. هذا الدعم يساعد أوكرانيا على مواصلة القتال، ولكنه قد يعيق أيضًا جهود السلام، حيث قد ترى روسيا أن الغرب يشجع أوكرانيا على عدم تقديم تنازلات.
الآفاق المستقبلية لعملية السلام
في ظل الشروط الحالية، تبدو فرص نجاح خطة السلام الأوكرانية ضئيلة. فالخطة لا تتناول القضايا الرئيسية التي تثير قلق روسيا، بل على العكس، تستبعد التنازل عنها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشروط المتعلقة بالاستفتاء الشعبي قد تكون مجرد تكتيك لكسب الوقت.
من المتوقع أن تستمر روسيا في الضغط العسكري على أوكرانيا، وأن ترفض أي مفاوضات لا تلبي مطالبها الأساسية. في المقابل، من غير المرجح أن يتخلى زيلينسكي عن مبادئه أو أن يقبل بأي اتفاق يضر بسيادة أوكرانيا.
الوضع الحالي يشير إلى أن الصراع في أوكرانيا قد يستمر لفترة طويلة، مع تداعيات إنسانية واقتصادية وخيمة. ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو أي تغيير في موقف الأطراف المعنية، أو أي تدخل خارجي قد يؤدي إلى تغيير مسار الأحداث. كما يجب متابعة التطورات الاقتصادية في أوكرانيا، حيث أن قدرتها على تمويل جيشها ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل الصراع.