موسكو
خلال زيارة لموسكو استغرقت يومين، حاول وزير الخارجية التونسي نبيل عمار تبديد التكهنات بأن بلاده قد تميل إلى إعادة الانحياز بعيداً عن الغرب.
ووصف محادثاته في روسيا بأنها مثال على انفتاح تونس التقليدي على جميع الشركاء، في رسالة تهدف على ما يبدو إلى طمأنة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الرغم من التقارير التي تفيد بأن واشنطن أعاقت اتفاق صندوق النقد الدولي وتونس بشأن حزمة قروض بقيمة 1.9 مليار دولار.
ويشعر البعض في الغرب، وخاصة إيطاليا، بالقلق من أن ترك تونس لمصيرها في هذه المرحلة قد يدفعها إلى الاقتراب من روسيا والصين، حيث يسعى البلدان إلى توسيع نفوذهما في شمال أفريقيا.
أكد نبيل عمار، الثلاثاء، في ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن تونس ملتزمة بالتعاون مع كافة شركائها. وقال: “ليس من التقاليد الدبلوماسية التونسية رفض شريك من أجل شريك آخر”.
وأضاف عمار: «هناك قنوات اتصال وحوار بيننا وبين شركائنا، ولم نقل يوماً أننا قطعنا جسور التواصل مع صندوق النقد الدولي».
وأشار إلى أن أمن البلاد واستقرارها وحماية الفئات الاجتماعية المحتاجة هي “خطوط حمراء” في السياسات الداخلية التونسية. لكنه قال إن هذه القضايا يمكن مناقشتها مع شركاء البلاد، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، الذي قال إنه “يجب أن يخدم مصالح البلدان المعنية وليس العكس”.
وتتفاوض تونس على مبلغ 1.9 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي منذ نحو عامين. لكن المحادثات تعثرت بسبب اعتراضات تونس على مجموعة من إجراءات التقشف التي اقترحتها المؤسسة المالية الدولية، بما في ذلك رفع الدعم عن السلع الأساسية.
وربطت ستيفانيا كراكسي، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي، توقف المفاوضات بالعقبات التي تضعها الولايات المتحدة.
وفي ختام زيارة لواشنطن، قال كراكسي إن موقف الولايات المتحدة بشأن تونس لا يزال “صعبا للغاية وفي الوقت الحاضر لا يوجد مخرج”.
وأضافت أن تونس تواجه “وضعا معقدا” و”الحوار هو السبيل الوحيد”.
وسعت إيطاليا إلى تسهيل علاقات تونس مع الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، لكنها لم تنجح بعد في كسر الجمود.
كما أدى الجمود بشأن قرض صندوق النقد الدولي إلى منع صرف أموال الاتحاد الأوروبي الموعودة لتونس، مما أدى إلى توترات بين تونس وبروكسل. وطلبت الرئاسة التونسية في الأيام الأخيرة تأجيل زيارة وفد من المفوضية الأوروبية. وكان الهدف من الرحلة أن تكون جزءًا من جهود الاتحاد الأوروبي لاحتواء تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر الأبيض المتوسط.
وردا على سؤال حول الهجرة غير الشرعية عبر منطقة البحر الأبيض المتوسط، قال وزير الخارجية التونسي للصحفيين في موسكو إنه “لا يمكن لأي بلد أن يتعامل بمفرده مع المشكلة”.
وأضاف أن تونس تدعو إلى “مقاربة شاملة” تعالج الجذور العميقة للمشكلة. وقال إن ذلك يتطلب تضافر الجهود من جانب كافة الدول المعنية.
وأشار عمار إلى أنه تحدث مع نظيره الروسي حول التعاون الثنائي والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك فلسطين وليبيا وعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وقال إن التعاون بين البلدين مفتوح لمزيد من التطوير، مؤكدا أنه لا توجد عقبات أمام تعزيز الشراكة بينهما، خاصة بعد أن تغلب كلاهما على تأثير أزمة كوفيد-19.
وقال لافروف إن روسيا تدعم جهود الإصلاح في تونس لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار البلاد. وأضاف أن روسيا وتونس لديهما رغبة مشتركة في تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، مثل التكنولوجيا والطاقة النووية المدنية، واستكشاف فرص جديدة للشراكات. وقال وزير الخارجية الروسي، إن “تونس تعد أحد شركاء روسيا المهمين في القارة الإفريقية… حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.2 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2023”. وفي عام 2022 بأكمله، يقال إنها نمت بنسبة 63٪ لتصل إلى 692 مليون دولار.
وقال لافروف إن روسيا تدعم جهود الإصلاح في تونس لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار البلاد.
وأشار إلى أن روسيا قامت بزيادة حجم مشترياتها من البضائع التونسية، خاصة المنتجات الزراعية والمنسوجات، مع دعم السياحة الروسية إلى تونس. وقد وصل عدد الزوار الروس إلى أكثر من 600 ألف قبل جائحة كوفيد-19.
وأشار لافروف أيضًا إلى أن تونس زادت مشترياتها من الحبوب الروسية وأعلن أن أول شحنة حبوب متجهة إلى تونس قد غادرت روسيا للتو.
وأصدرت وزارة الخارجية التونسية بيانا قالت فيه إن زيارة عمار هي أيضا “مناسبة للتعبير عن دعم الجهود الإفريقية الرامية إلى حل النزاع الروسي الأوكراني في إطار مبادرة السلام الإفريقية، وكذلك الجهود الدولية الرامية إلى حل النزاع الروسي الأوكراني”. إحياء اتفاقية تصدير الحبوب في البحر الأسود”.
