نظرًا لأن الرمال أصبحت أكثر سخونة بسبب تغير المناخ، نادرًا ما ينتج بيض السلاحف الذكور، والتي تتطلب درجات حرارة أكثر برودة خلال فترة الحضانة
سلحفاة تضع بيضها على شاطئ في محافظة المهرة اليمنية بالقرب من الحدود مع عمان في 10 يونيو 2023. — AFP
على أحد الشواطئ اليمنية، تتسلق سلحفاة بحرية إلى الشاطئ لتضع بيضها، الذي من المرجح أن تولد أنثى بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مما يخلق اختلالًا في التوازن بين الجنسين يجلب خطر الانقراض المحلي.
ونظرًا لأن الرمال أصبحت أكثر سخونة بسبب تغير المناخ، نادرًا ما ينتج البيض ذكور السلاحف، التي تتطلب درجات حرارة أكثر برودة خلال فترة الحضانة.
وقال جمال باوزير، مدير قسم التنوع البيولوجي بجامعة عدن، إن الدراسات التي أجريت في عدة مناطق ساحلية جنوبي اليمن “أظهرت أن عدد إناث السلاحف البحرية يزيد عن عدد الذكور بنسبة 90 بالمئة”.
وأكد باوزير أن الخلل الشديد في التوازن بين الجنسين سيستمر حتى يؤدي إلى الانقراض الكامل للسلاحف البحرية في اليمن “في السنوات القادمة”.
وقال الناشط البيئي حافظ كلشات إن نسبة الذكور “انخفضت بشكل كبير” في السنوات الأخيرة.
سلحفاة تصل إلى عشها على شاطئ في محافظة المهرة اليمنية، بالقرب من الحدود مع عمان في 10 يونيو 2023. — AFP
وقال لوكالة فرانس برس على شاطئ تعشيش في محافظة المهرة قرب الحدود مع سلطنة عمان إن “معظم صغار السلاحف تصبح إناثا بسبب التغير في درجات الحرارة”.
وهذا هو الحال بشكل خاص في فصل الصيف، عندما تصل درجات الحرارة غالبًا إلى 31 درجة مئوية (88 درجة فهرنهايت) – وهي النقطة التي يبدأ عندها بيض السلاحف البحرية في إنتاج الإناث.
ويزداد اختلال التوازن بين الجنسين سوءاً كل عام مع تعرض شبه الجزيرة العربية لفترات أطول من الحرارة الشديدة، وهي واحدة من أكثر المناطق حرارة في العالم.
المشكلة ليست فريدة من نوعها بالنسبة لليمن، الذي مزقته حرب أهلية مدمرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان، مما أدى إلى واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في العالم.
من ولاية فلوريدا الأمريكية إلى الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا، تتضاءل أعداد ذكور السلاحف البحرية بسبب تغير المناخ.
وفي عام 2018، وجد باحثون أمريكيون أن ارتفاع درجات الحرارة يعني أن معظم السلاحف الخضراء البالغ عددها 200 ألف في شمال الحاجز المرجاني العظيم هي من الإناث، مما يضاعف خطر الانقراض.
صورة تظهر عش السلاحف على شاطئ محافظة المهرة اليمنية بالقرب من الحدود مع عمان في 10 يونيو 2023. — AFP
تتميز اليمن، الواقعة بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، بمجموعة غنية من الموائل الطبيعية والأنواع، التي لا يوجد الكثير منها في أي مكان آخر في العالم.
لكن تنوعها الوراثي، وإمكانات التنمية السياحية التي تمثلها في المستقبل، تتعرض لتهديد متزايد بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويُصنف اليمن من أكثر دول المنطقة تعرضاً لتغير المناخ، وفقاً لمبادرة التكيف العالمية التابعة لجامعة نوتردام في ولاية إنديانا الأمريكية.
تعد الحرارة الشديدة وزيادة تقلب هطول الأمطار مما يؤدي إلى الجفاف والفيضانات المفاجئة من بين التحديات المتوقعة لأفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.
وقال باوزير إنه لمعالجة الخلل المتزايد في التوازن بين الجنسين، يتعين على السلطات إنشاء “فريق تقني متخصص لمراقبة السلاحف في أماكن تعشيشها ووضع البيض في حاضنات مناسبة” لإنتاج ذرية ذكور.
كما يمكن أن يساعد توفير واقيات الشمس على الشواطئ في تقليل درجات حرارة الرمال وزيادة عدد صغار الذكور.
ولكن الحفاظ على البيئة تراجع حتماً إلى مرتبة متأخرة مقارنة بالحرب الأهلية الطاحنة، التي أودت بحياة مئات الآلاف من البشر وتركت البنية الأساسية في البلاد في حالة يرثى لها.
وأضاف باوزير أن “الظروف الحالية، بالطبع، تجعل من الصعب تنفيذ” عمليات الحماية.
واعترف مسؤول بوزارة البيئة في الحكومة المعترف بها دولياً، والتي تسيطر على محافظة المهرة إلى جانب جزء كبير من الجنوب، بأن جهود الحفاظ على البيئة تضررت خلال الحرب مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وقال نايف علي بن مسعد إن “السلطات عملت على خطط مختلفة بما في ذلك إنشاء عدة محميات”.
وأضاف المسؤول أنهم “منشغلون بالحرب ضد الحوثيين والجماعات الإرهابية… لذا لا يتحملون مسؤولياتهم” تجاه حماية البيئة.
