تزايدت الضغوط على إسرائيل يوم الثلاثاء بعد أن حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أنها تخاطر بفقدان التأييد في حربها على حماس بسبب القصف “العشوائي” في غزة وطالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار.
واشتبكت القوات الإسرائيلية مع نشطاء حماس وقصفت المزيد من الأهداف في قطاع غزة المدمر بعد مرور أكثر من شهرين على الحرب التي أشعلها الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
لكن أقوى حليف لإسرائيل حذر من أنها تخاطر بخسارة دعمها بسبب الخسائر الإنسانية الفادحة في غزة والتي شبهتها الأمم المتحدة بـ”الجحيم على الأرض”.
وقال بايدن إن إسرائيل حظيت “بدعم معظم دول العالم” بعد الهجوم الذي وقع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والذي أسفر بحسب مسؤولين إسرائيليين عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز 240 رهينة.
لكن في تصريحاته الأكثر صراحة منذ بدء الحرب، قال بايدن إن إسرائيل بدأت تفقد هذا الدعم “بسبب القصف العشوائي الذي يحدث”.
وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية الانتقامية في غزة لتدمير حماس إلى مقتل 18412 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
وأضاف بايدن أنه يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيضا أن “يغير” موقفه بشأن حل الدولتين للفلسطينيين.
وقال نتنياهو إن هناك “خلافا” مع بايدن بشأن كيفية إدارة غزة بعد الصراع، مما يعكس خلافا نادرا بعد أسابيع دعم فيها الرئيس الأمريكي إسرائيل بقوة.
– ‘جهنم على الأرض’ –
وجاءت تصريحات بايدن قبل أن تؤيد الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة قرارا غير ملزم يوم الثلاثاء يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، وهي دعوة أصابت مجلس الأمن بالشلل حتى الآن.
وصوتت الهيئة، التي تضم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، بأغلبية 153 صوتًا لصالح القرار، وهو ما يتجاوز 140 دولة أو نحو ذلك التي أيدت بشكل روتيني القرارات التي تدين روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وصوتت عشر دول، من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، ضد القرار، بينما امتنعت 23 دولة عن التصويت.
وشبه المدير العام لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين فيليب لازاريني غزة بـ “الجحيم على الأرض” وقال عن لقطات فيديو لتفجير مدرسة تابعة للأونروا: “إنه أمر شائن”.
وقالت حماس إن القوات الإسرائيلية داهمت مستشفى في مدينة غزة أكبر مركز حضري.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مستشفى كمال عدوان بعد حصاره وقصفه منذ أيام، متهما القوات باعتقال الرجال في باحة المستشفى، بينهم الطواقم الطبية.
ولم يعلق الجيش على الفور، لكن إسرائيل اتهمت حماس مرارا وتكرارا باستخدام المستشفيات والمدارس والمساجد والأنفاق تحتها كقواعد عسكرية، وهي مزاعم نفتها حماس.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في وقت سابق إن “المستشفى لا يزال محاصرا بالقوات والدبابات الإسرائيلية، وتم الإبلاغ عن قتال مع الجماعات المسلحة في محيطه لمدة ثلاثة أيام متتالية”.
وأضافت أن والدتين قُتلتا في غارة على جناح الولادة، وأن حوالي 3000 نازح محاصرون في المنشأة.
وقد أدت الحملة الجوية والبرية الإسرائيلية إلى تحويل جزء كبير من قطاع غزة إلى أنقاض.
وقالت الأمم المتحدة إن وكالتها لتحليل الأقمار الصناعية يونوسات توصلت، استنادا إلى صورة التقطت في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى أن 18 بالمئة من البنية التحتية في غزة قد دمرت.
وتخشى وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة أن تطغى المجاعة والمرض على المنطقة قريبا، وتناشد إسرائيل تعزيز الجهود لحماية المدنيين.
– “ما وراء الانهيار” –
وحذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن الوضع الإنساني هناك “يتجاوز الانهيار”.
وتشير تقديرات المنظمة الدولية إلى أن الصراع أدى إلى نزوح 1.9 مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، نصفهم من الأطفال.
قالت وزارة الصحة في غزة إن الغارات الجوية الإسرائيلية قتلت يوم الثلاثاء 24 شخصا على الأقل في رفح حيث يبحث عشرات الآلاف عن مأوى.
وخلف أحدهما حفرة عميقة ودمر المباني المحيطة.
وقال أبو جزر (23 عاما) وهو أحد السكان “لا يزال هناك أناس تحت الأنقاض. ندعو الشعب العربي والعالم إلى ممارسة الضغط لوقف الضربات على غزة”.
وفي مستشفى رفح، كان الأب الثكلى هاني أبو جمعة يحتضن جثة ابنته الصغيرة صيدال، التي استشهدت بشظايا قذيفة مدفعية.
وقال إن انفجارات قوية وقعت خلال الليل ولم يجدها ميتة إلا عندما حاول إيقاظها في الصباح.
وقال وهو يبكي: “حتى لو عشت 100 عام، فلن أجد مثلها أبداً”. “رحمها الله يا رب.”
– انتشال جثث الرهائن –
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب موقعا لإطلاق الصواريخ في جباليا كان قد أطلق النار على سديروت في جنوب إسرائيل، كما عثر على مئات القذائف وقاذفات الصواريخ في مجمع تابع لحماس.
وقال الجيش يوم الثلاثاء إن الجيش فقد 105 جنود في الهجوم، بينهم 13 قتلوا بنيران صديقة وآخرون في حوادث.
وقالت إن شخصين “سقطا” وأصيب آخرون في عملية في غزة انتشل فيها الجيش جثتي الرهينتين – زيف دادو وإيدن زكريا.
وقال المتحدث باسم الجيش دانييل هاجاري إن 135 رهينة ما زالوا في غزة.
ولم يترك القتال والقصف العنيف في جنوب غزة، حيث حثت إسرائيل المدنيين في السابق على البحث عن الأمان، سوى القليل من الأماكن التي يمكن أن يذهبوا إليها.
وفي مدينة غزة، أقام آلاف الفلسطينيين مخيما في مقر وكالة تابعة للأمم المتحدة بعد أن دمرت الغارات الإسرائيلية منازل ومتاجر.
وقال مراسل فرانس برس إن الجامعتين الإسلامية والأزهر المجاورتين تحولتا إلى أنقاض، وكذلك مركز الشرطة.
وقال رامي الدحدوح (23 عاما)، وهو خياط، “لا يوجد ماء، لا يوجد كهرباء، لا خبز، لا حليب للأطفال، لا حفاضات”.
وفي الضفة الغربية المحتلة، حيث تصاعد العنف منذ بدء الصراع، قتلت القوات الإسرائيلية ستة فلسطينيين في مدينة جنين، حسبما قال مسؤولو الصحة.
وتستمر المخاوف من نشوب صراع أوسع نطاقا في التزايد، مع استهداف الجماعات المدعومة من إيران القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في العراق وسوريا، والتبادل اليومي لإطلاق النار على طول حدود إسرائيل مع لبنان.
وقال الجيش الإسرائيلي ردا على الصواريخ التي أطلقها الثلاثاء من لبنان وسوريا، إنه رد بقصف مواقع إطلاقها.
قالت فرنسا إن إحدى فرقاطاتها أسقطت طائرة بدون طيار كانت تهدد ناقلة نفط ترفع العلم النرويجي في هجوم صاروخي خلال الليل أعلن المتمردون الحوثيون المدعومين من إيران مسؤوليتهم عنه.
