واصلت إسرائيل ضرباتها القاتلة على قطاع غزة المحاصر، اليوم الأحد، على الرغم من الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار ومناشدات أقاربهم اليائسين لإعادة الرهائن المتبقين إلى وطنهم.
احتدم القتال في حرب غزة الأكثر دموية على الإطلاق، والتي دخلت الآن شهرها الثالث، والتي بدأت بهجمات حماس في 7 أكتوبر ودمرت معظم الأراضي الفلسطينية، مما أثار قلقًا عالميًا.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن “24 فلسطينيا استشهدوا صباح اليوم في مخيم جباليا بقصف إسرائيلي. وما زال كثيرون مفقودين تحت الأنقاض”.
وقالت أيضا إن 12 شخصا على الأقل قتلوا في غارات على مدينة دير البلح وسط البلاد، في حين أفاد شهود عيان بقصف على بني سهيلة شرق خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرة أخرى “بأننا سنقاتل حتى النهاية. وسوف نحقق كل أهدافنا — القضاء على حماس، وإطلاق سراح جميع الرهائن لدينا، وضمان ألا تصبح غزة مرة أخرى مركزا للإرهاب”.
ودعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، وهي آخر مبعوثة أجنبية تزور إسرائيل، إلى هدنة “فورية ودائمة” تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، مؤكدة أن “عددا كبيرا جدا من المدنيين يقتلون”.
كما أعرب نظيراها البريطاني والألماني، ديفيد كاميرون وأنالينا بيربوك، عن استيائهما من ارتفاع عدد القتلى المدنيين، لكنهما عبرا عن موقف مختلف بشأن الصراع، في مقال مشترك في صحيفة صنداي تايمز.
وكتب الرجلان أنهما “يدعمان وقف إطلاق النار، ولكن فقط إذا كان مستدامًا… ولا نعتقد أن الدعوة الآن إلى وقف إطلاق نار عام وفوري، على أمل أن يصبح دائمًا بطريقة ما، هو الطريق للمضي قدمًا”.
“إنه يتجاهل السبب الذي يجعل إسرائيل مضطرة للدفاع عن نفسها: حماس هاجمت إسرائيل بوحشية وما زالت تطلق الصواريخ لقتل المواطنين الإسرائيليين كل يوم. ويجب على حماس أن تلقي سلاحها”.
بدأت حرب غزة عندما اقتحم مسلحو حماس السياج الحدودي شديد الحراسة في غزة وشنوا أسوأ هجوم على الإطلاق على إسرائيل في 7 أكتوبر.
وقتلوا نحو 1140 شخصًا، معظمهم من المدنيين، واختطفوا 250، وفقًا للأرقام الإسرائيلية المحدثة، ولا يزال حوالي 129 في الأسر بعد إطلاق سراح العشرات ومقتل آخرين.
ووفقاً لحماس، فإن الهجوم الإسرائيلي الانتقامي، والذي شمل أكثر من شهرين من القصف الجوي المتواصل والغزو البري، قد أدى إلى مقتل 18800 شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أن جنديين آخرين قتلا في غزة، ليصل العدد الإجمالي إلى 121 جنديا منذ بدء العمليات البرية في أواخر تشرين الأول/أكتوبر.
– “حمام دم” في المستشفى –
وقد أدى القصف الإسرائيلي على غزة إلى تدمير جزء كبير من الأراضي، حيث تقدر الأمم المتحدة أن 1.9 مليون من سكان غزة شردوا بسبب الحرب وحذرت من “انهيار النظام المدني”.
وقال فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين: “لن أتفاجأ إذا بدأ الناس يموتون من الجوع، أو من مزيج من الجوع والمرض وضعف المناعة”.
كما دقت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن الكارثة الإنسانية في غزة بعد زيارة أكبر مستشفى، مستشفى الشفاء في مدينة غزة، بعد أسابيع من مداهمته من قبل القوات الإسرائيلية لملاحقة نشطاء حماس.
وقالت المنظمة إن فريق منظمة الصحة العالمية الزائر “وصف قسم الطوارئ بأنه “حمام دم”، حيث يوجد داخله مئات المرضى المصابين، ويصل مرضى جدد كل دقيقة”.
وأضافت أنه “تم خياطة المرضى الذين يعانون من إصابات بالغة على الأرض”، في حين أن “عشرات الآلاف من النازحين يستخدمون مبنى المستشفى وأراضيه للمأوى” وسط “نقص حاد” في الماء والغذاء.
وتتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط متزايدة، بما في ذلك من حليفتها الكبرى الولايات المتحدة، ولكن أيضًا من عائلات الرهائن، إما لإبطاء الحملة العسكرية أو تعليقها أو إنهائها.
واحتشد أقارب الرهائن مرة أخرى في تل أبيب يوم السبت للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق عاجل لإعادتهم إلى وطنهم بعد أن اعترف الجيش بقتل ثلاثة أسرى عن طريق الخطأ في غزة.
وقال روبي تشين، والد الجندي إيتاي البالغ من العمر 19 عامًا، وهو من بين الأسرى الـ 129 المتبقين: “نشعر وكأننا في لعبة الروليت الروسية (نكتشف) من سيكون التالي في الطابور الذي سيتم إخباره بالموت”. من أحبائهم.
وقال نتنياهو إن مقتل الرهائن الثلاثة “حطم قلبي. لقد حطم قلب الأمة بأكملها”.
لكنه أضاف “بكل الأسى العميق أريد أن أوضح: الضغط العسكري ضروري من أجل عودة المخطوفين ومن أجل تحقيق النصر على أعدائنا”.
– ضربات على السفن في البحر الأحمر –
ومع ذلك، وفقًا للتقارير، استؤنفت المحادثات التي تضم الوسيط قطر نحو هدنة أخرى بعد وقف إطلاق النار لمدة أسبوع في الشهر الماضي والذي سمح بتبادل الرهائن مقابل السجناء.
وقالت منصة أكسيوس الإخبارية إن رئيس المخابرات الإسرائيلية ديفيد بارنيا التقى يوم الجمعة في مكان أوروبي غير محدد برئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي ساعد في التفاوض على الهدنة السابقة.
وأكدت قطر، في بيان لها، السبت، “جهودها الدبلوماسية المستمرة لتجديد الهدنة الإنسانية”.
لكن حماس قالت على تلغرام إنها “ضد أي مفاوضات لتبادل الأسرى حتى يتوقف العدوان على شعبنا بشكل كامل”.
وشهدت حرب غزة أيضا تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة.
استشهد خمسة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في عملية للجيش الإسرائيلي في مخيم طولكرم للاجئين، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
ويقول مسؤولو الصحة إن أكثر من 290 فلسطينيا قتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية أو المستوطنين في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب.
وأثارت الحرب أيضًا مخاوف من نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، حيث تتبادل إسرائيل إطلاق النار بشكل منتظم مع حزب الله المدعوم من إيران عبر حدودها الشمالية مع لبنان.
وشن المتمردون الحوثيون المدعومين من إيران في اليمن هجمات متكررة على إسرائيل وعلى السفن المارة، مما تسبب في تعطيل كبير لممر الشحن الرئيسي في البحر الأحمر.
وقالت شركات الشحن الكبرى إنها ستعيد توجيه سفنها، ومن بينها شركة البحر الأبيض المتوسط للشحن وميرسك وهاباج لويد.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مساء السبت إنه يتوجه إلى إسرائيل والبحرين وقطر لتسليط الضوء على “التزامات واشنطن بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين”.
