أدلى العراقيون بأصواتهم يوم الاثنين في أول انتخابات لمجالس المحافظات تجرى منذ عقد من الزمن، والتي من المتوقع أن تعزز هيمنة الجماعات الشيعية الموالية لإيران.
ويأتي التصويت في وقت ينتشر فيه اللامبالاة السياسية وخيبة الأمل على نطاق واسع في الدولة الغنية بالنفط التي يبلغ عدد سكانها 43 مليون نسمة والتي لا تزال تتعافى من سنوات الحرب وتعاني من الفساد.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن مراكز الاقتراع أغلقت كما كان مقررا الساعة 6 مساء (1500 بتوقيت جرينتش)، وقالت مفوضية الانتخابات إن من المتوقع ظهور النتائج الأولية بعد 24 ساعة.
وقال مسؤول مفوضية الانتخابات عمر أحمد إن نسبة المشاركة ظهرا بلغت 17 بالمئة فقط، وحث الناخبين على الخروج و”المساهمة في إنجاح العملية الانتخابية”.
وحتى إغلاق صناديق الاقتراع، لاحظ صحافيو وكالة فرانس برس انخفاضا في الحضور في ثلاثة مراكز اقتراع في بغداد وفي مدينة الناصرية الجنوبية، حيث توافد الناخبون واحدا تلو الآخر.
ويُنظر إلى التصويت على أنه اختبار رئيسي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني – الذي تولى السلطة قبل أكثر من عام بقليل، بدعم من الأحزاب الموالية لطهران – قبل الانتخابات العامة المقررة في عام 2025.
وتختار مجالس المحافظات، التي تم تشكيلها بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاح بالديكتاتور صدام حسين، حكام الأقاليم وتدير ميزانيات الصحة والنقل والتعليم.
ويرى منتقدوها أنها بؤر للفساد والمحسوبية، وقد تم إلغاؤها في أواخر عام 2019 بعد احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة قبل إعادة تأسيسها في عهد السوداني.
وقد قاطع التصويت رجل الدين الشيعي المؤثر وصانع الملوك السياسي مقتدى الصدر، الذي كان قائداً لميليشيا في السابق والذي أطلق احتجاجات مناهضة للحكومة في الماضي.
– “شعبوية اقتصادية” –
وأشاد السوداني بعد الإدلاء بصوته في بغداد بالمجالس ووصفها بأنها “ركيزة من ركائز السلطة التنفيذية” التي تساعد الحكومة على تنفيذ السياسات.
وتعهد رئيس الوزراء بتعزيز الخدمات العامة وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها عقود من الصراع والاضطرابات.
وحث العراقيين على انتخاب ممثلين “نزيهين”. ويحق لنحو 17 مليون شخص التصويت، حيث يتنافس 6000 مرشح على 285 مقعدًا فقط في المجلس.
لكن العديد من الناخبين في هذه الديمقراطية الفتية أبدوا القليل من الاهتمام.
“ما فائدة هذه الانتخابات بالنسبة لنا؟” قال سائق سيارة أجرة في بغداد ذكر أن اسمه أبو علي، 45 عاماً.
“تمر السنوات، وتعود الانتخابات من جديد، ويتغير المرشحون، ويبقى وضعنا على حاله”.
وأبدى الموظف الحكومي أمين صالح (63 عاما) حماسا أكبر عندما أدلى بصوته في العاصمة.
وقال لوكالة فرانس برس “إذا لم أحضر وأدلي بصوتي، ولم يفعل أي شخص آخر، فستكون هناك فوضى”. “نحتاج لمن يمثلنا. كيف يمكن تحقيق ذلك إلا بالتصويت؟”
وقالت لمياء محمود، وهي موظفة تبلغ من العمر 59 عاما، إنها صوتت لصالح “بناء البلاد. نريد تطوير البلاد، ولا نريد أن نتخلف عن الركب”.
وقال ريناد منصور، الباحث البارز في مركز تشاتام هاوس البحثي، لوكالة فرانس برس إن نسبة المشاركة في نهاية المطاف هي “المقياس النهائي للرضا”.
ويظهر “ما إذا كانت الشعبوية الاقتصادية للحكومة السودانية – سياسة توفير فرص العمل (في القطاع العام) – يمكن أن تكون ناجحة ويمكن أن تستحوذ على الشباب”.
– الجماعات الموالية لإيران تتوقع تعزيزا –
وأجريت الانتخابات في 15 محافظة، ولكن ليس في المحافظات الثلاث التي تشكل منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي في الشمال.
وربع المرشحين هم من النساء بموجب نظام يخصص أيضاً حصصاً للأقليات المسيحية والإيزيدية والصابئة.
ومن المتوقع أن تعزز الانتخابات الكتلة الحاكمة المتحالفة مع إيران والتي تسمى ائتلاف إطار التنسيق.
فهو يجمع الأحزاب الإسلامية الشيعية مع فصائل الحشد الشعبي، وهي شبكة من الوحدات شبه العسكرية السابقة التي تم دمجها في قوات الأمن النظامية.
وقال منصور إن بعض الشخصيات ذات الوزن الثقيل في التحالف يأملون أن تثبت الانتخابات أن لديهم قاعدة اجتماعية وأنهم يتمتعون بشعبية بعد النتائج المخيبة للآمال في الانتخابات الوطنية عام 2021.
ولم يُنظر إلى التوترات المحيطة بالحرب بين إسرائيل وحماس في غزة على أنها عامل رئيسي في الانتخابات، على الرغم من الهجمات الأخيرة بطائرات بدون طيار ضد قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة المتمركزة في العراق.
وأجري التصويت وسط إجراءات أمنية مشددة لكن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري قال للصحفيين إنه لم يتم الإبلاغ عن أي انتهاكات خلال اليوم.
ويراقب المراقبون عن كثب محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط حيث يمكن أن تعود المنافسات التاريخية إلى الظهور بين الأحزاب التي تمثل المجتمعات العربية والكردية والتركمانية.
