احتشد سكان الحي الأرمني التاريخي في القدس الشرقية الذي ضمته إسرائيل، بسرعة عندما دخلت الجرافات لبدء العمل في فندق فخم، وهو مشروع يخشون أن يهدد المجتمع القديم ولكن المتضائل.
أثارت الصفقة العقارية التي تمنح مستثمرًا أستراليًا إسرائيليًا ما يقرب من 25 بالمائة من الحي الأرمني في البلدة القديمة، غضبًا وقلقًا بين سكانها.
يتذكر كيغام باليان، وهو أحد السكان، التصعيد الذي حدث الشهر الماضي قائلاً: “وصل الشباب بأعداد كبيرة وتمركزوا أمام الجرافات”.
وقال التاجر الأرمني: “لقد استهان المستوطنون بمجتمعنا”.
نحن نخوض كفاحاً سلمياً، ولسنا خائفين».
منذ بدء البناء، أقام الأرمن معسكرًا، وأحضروا الخيام والمواقد والمراتب وحتى جهاز تلفزيون إلى اعتصام لمدة أسابيع لحراسة الأراضي المتنازع عليها.
داخل خيمة، تعمل ألواح خشبية على سد الثقوب التي خلفتها معدات البناء.
وقالت بطريركية الأرمن في القدس في بيان إن “أكثر من 30 محرضاً مسلحاً” هاجموا يوم الخميس أفراداً من الطائفة الأرمنية، بمن فيهم رجال الدين.
واتهمت المطور العقاري داني روثمان بالمسؤولية عن “الهجوم الجسدي الضخم والمنسق” بعد وقت قصير من رفع البطريركية دعوى أمام المحكمة لإلغاء صفقة بيع الأراضي المثيرة للجدل.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية والبلدة القديمة، المقسمة إلى أحياء إسلامية ومسيحية ويهودية وأرمنية، عام 1967 وضمتها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وتعد حقوق الأرض نقطة توتر رئيسية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة، حيث قامت إسرائيل ببناء وتوسيع المستوطنات، التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
لم يبق في حي المدينة القديمة سوى حوالي 2000 أرمني بعد موجات الهجرة في المقام الأول إلى الولايات المتحدة وأوروبا منذ الستينيات.
ومثل الفلسطينيين في بقية القدس الشرقية، لا يحمل معظم الأرمن الجنسية الإسرائيلية، بل يحملون فقط الإقامة.
– ‘بدون إذن’ –
اندلع الذعر لأول مرة بين مجتمع الأقلية في أبريل، بعد الكشف عن أن بطريركية الأرمن في القدس والأب باريت يرتسيان، المسؤول عن الشؤون العقارية، أبرما صفقة في عام 2021 مع شركة مقرها تل أبيب.
الشركة التي فازت بعقد إيجار للأرض لمدة 99 عامًا هي شركة روثمانز زانا جاردنز المحدودة، وفقًا للمحامي الإسرائيلي والمتخصص في القدس دانييل سايدمان.
وقال سيدمان لوكالة فرانس برس إن “البطريركية توصلت إلى الاتفاق دون علم ودون موافقة سكان الحي الأرمني أو مؤسساتهم”، وهو تأكيد ردده أبناء الطائفة.
وقال ستراج باليان، المؤسس المشارك لحركة Save the ArQ، وهي حركة لسكان الحي الأرمني، إن العقد يشمل “11500 متر مربع (2.8 فدان) من الأرض، بما في ذلك موقف للسيارات وخمسة مساكن وقاعة ندوات البطريركية”.
وعلى الرغم من إعلان البطريركية الأرمنية أنها “انسحبت من المفاوضات” بعد اكتشاف “مشاكل وراء هذه الصفقة”، إلا أن العديد من أفراد الطائفة ما زالوا يشعرون بالخيانة.
يرتسيان، الكاهن الذي كان وراء العقد، تم عزله من منصبه.
وجاء التصعيد الأخير بعد أن أرسل نورهان مانوجيان، بطريرك القدس الأرمني، في 27 أكتوبر/تشرين الأول، رسالة إلى شركة زانا جاردنز يخطر فيها الشركة رسميًا بـ “إلغاء الاتفاقية”.
وقال الناشط باليان (27 عاما) إن بعد ذلك وصلت “جرافات ومستوطنون مسلحون برفقة كلاب وسكان الحي اليهودي” إلى المنطقة.
وقال إن محاولة الاستيلاء “استغلت الفوضى التي حدثت يوم 7 أكتوبر” في إشارة إلى الهجوم الدموي الذي شنته حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل والذي أدى إلى حرب شاملة.
“لقد تمكنوا من هدم جزء من الجدار المحيط بموقف السيارات.”
ورفض محامي روثمان، آفي سافيتسكي، التعليق عندما اتصلت به وكالة فرانس برس.
– ‘نحن جاهزون’-
ويقول الناشطون إنهم يحاولون الحفاظ على أراضي الطائفة الأرمنية، التي يعود وجودها في القدس إلى 1500 عام.
يتم دعم Save the ArQ أيضًا من قبل مجتمعات الشتات الأرمنية من خلال المساعدة القانونية والتغطية الإعلامية.
وقال كيغام باليان من الاعتصام، حيث يتناوب الصغار والكبار على النوم في الموقع: “كل يوم، تأتي العائلات لرؤيتنا وإحضار الطعام لنا”.
ويأملون ألا تلقى الأرض نفس مصير بعض ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في القدس.
حصلت مجموعة المستوطنين الإسرائيليين عطيرت كوهانيم، باستخدام شركات واجهة، في عام 2004 على حقوق تأجير ثلاثة مباني تابعة للكنيسة.
وبعد سنوات من المعارك القانونية، سمحت المحكمة العليا في إسرائيل في نهاية المطاف لعطيرت كوهانيم بالاستيلاء على العقار.
وقال الناشط هاغوب جيرنازيان إن هذه الانتكاسة القضائية “تهدد الوجود المسيحي وسلامة الحي المسيحي”.
بالنسبة لباليان، “نحن نعرف المخاطر السياسية” في المدينة المقدسة المقسمة، وهي نقطة محورية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال “لن تكون معركة سهلة، خاصة وأننا لا نقاتل فقط ضد شركة خاصة، بل ضد المستوطنين أيضا”.
ولكن “نحن مستعدون”.
