وقصفت إسرائيل قطاع غزة مرة أخرى يوم الجمعة بعد نحو 12 أسبوعا من الحرب التي دمرت معظم الأراضي الفلسطينية المحاصرة وأجبرت مئات الآلاف على الفرار من منازلهم.
وبينما زار وفد من حماس القاهرة لمناقشة خطة مصرية لإنهاء القتال، كرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس دعوته إلى “وقف إنساني فوري لإطلاق النار” في الحرب الأكثر دموية على الإطلاق في غزة والتي اندلعت بعد هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل من قبل المسلحين الفلسطينيين.
كما اندلعت التوترات بين إسرائيل والجماعات المسلحة المدعومة من إيران في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وحذر غوتيريس من “امتداد آخر لهذا الصراع، والذي قد تكون له عواقب مدمرة على المنطقة بأكملها”.
ومع تدمير مناطق شاسعة من شمال غزة، تركزت الضربات الجوية الإسرائيلية والقتال البري على المناطق الوسطى والجنوبية، مما دفع المزيد من الأسر النازحة إلى المناطق المزدحمة حول جنوب رفح بالقرب من الحدود المصرية.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 85% من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة فروا من منازلهم، ويعاني العديد منهم الآن من الجوع ويواجهون أمطار الشتاء في خيام مؤقتة.
وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن القتال العنيف حول وسط دير البلح وخان يونس، أكبر مدينة في الجنوب، أجبر حوالي 100 ألف نازح جديد على النزوح إلى رفح المكتظة، حتى مع قصف الأهداف هناك أيضًا.
وقام سكان رفح بتمشيط الأنقاض بحثا عن ناجين وجثث بعد غارة جوية قاتلة أخرى يوم الخميس.
وقال رجل محلي يدعى تيسير أبو العيش إنه كان في المنزل عندما “سمعنا انفجارا قويا وبدأ الحطام يتساقط علينا.
“بناتي كانوا يصرخون.”
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه “قلق للغاية” بشأن التهديد المتزايد للأمراض المعدية “مع استمرار نزوح الناس على نطاق واسع في جنوب غزة”.
وقال الجيش إنه “قضى على عشرات الإرهابيين” في أنحاء غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية و”يوسّع عملياته في خان يونس”، مسقط رأس زعيم حماس في غزة يحيى السنوار.
وكانت حركة حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة “إرهابية” قد شنت في 7 تشرين الأول/أكتوبر أسوأ هجوم في تاريخ إسرائيل أدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
كما احتجز المسلحون الاسلاميون الفلسطينيون نحو 250 رهينة، ما زال أكثر من نصفهم داخل منطقة الحرب، ويعتقد أن بعضهم مات.
وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ ذلك الحين إلى مقتل ما لا يقل عن 21507 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة التي تسيطر عليها حماس.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن 168 جنديا قتلوا داخل غزة.
– إسرائيل ترفض مزاعم “الإبادة الجماعية” –
قدمت جنوب أفريقيا طلبا يوم الجمعة إلى محكمة العدل الدولية لبدء إجراءات ضد إسرائيل بسبب ما قالت إنها “أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة”.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليئور حيات على موقع X المعروف سابقًا باسم تويتر: “ترفض إسرائيل باشمئزاز فرية الدم التي نشرتها جنوب أفريقيا وتطبيقها” على المحكمة.
أدى الحصار الإسرائيلي المفروض بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، في أعقاب سنوات من الحصار الخانق، إلى حرمان سكان غزة من الإمدادات الكافية من الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والدواء.
وأعرب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث عن أسفه “للوضع المستحيل بالنسبة لسكان غزة ولأولئك الذين يحاولون مساعدتهم”.
وكتب يوم الجمعة على قناة X: “هل تعتقد أن إدخال المساعدات إلى غزة أمر سهل؟ فكر مرة أخرى”.
قالت وكالة الأونروا إن قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة تعرضت لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي دون وقوع إصابات.
ولم يتم تخفيف حدة النقص الحاد إلا بشكل متقطع من خلال دخول قوافل المساعدات الإنسانية عبر مصر في المقام الأول.
وصلت شاحنة محملة بالأغذية الطازجة، بما في ذلك اللحوم والبيض والفواكه، إلى سوق رفح يوم الجمعة، مما جلب بعض الراحة.
وقال البائع منتصر الشاعر “هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها البيض وبعض أنواع الفاكهة إلى غزة من مصر”. “جميع أنواع الفاكهة مفقودة في الأسواق. هناك بعض الخضروات لكنها باهظة الثمن بالفعل.”
– خطة هدنة القاهرة –
وبينما تعهدت إسرائيل مراراً وتكراراً بتدمير حماس، اقترحت القاهرة خطة تتضمن وقف إطلاق النار متجدداً، والإفراج التدريجي عن الرهائن للسجناء الفلسطينيين، وإنهاء الحرب في نهاية المطاف، حسبما تقول مصادر قريبة من حماس.
وقال مسؤول في حماس لفرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته، إن وفدا يزور القاهرة “سيقدم رد الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك عدة ملاحظات” بشأن الاقتراح الذي قدمته مصر إلى حماس والجهاد الإسلامي.
وقال المسؤول ان حماس ستسعى للحصول على “ضمانات لانسحاب عسكري اسرائيلي كامل” من غزة.
وبالنظر إلى غزة ما بعد الحرب، ينص الاقتراح على تشكيل حكومة فلسطينية من التكنوقراط بعد محادثات تشمل “جميع الفصائل الفلسطينية”، والتي ستكون مسؤولة عن حكم القطاع وإعادة بنائه.
ولم تعلق إسرائيل رسميا بعد على خطة القاهرة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال لعائلات الرهائن يوم الخميس “إننا على اتصال” مع الوسطاء المصريين ووعد الأسرى “بأننا نعمل على إعادتهم جميعا”.
وفي تل أبيب، تظاهر المئات يوم الخميس للمطالبة بوقف إطلاق النار.
وقال أحد المتظاهرين، إيتاي إيال (51 عاما)، إن “الإسرائيليين والفلسطينيين والمسلمين واليهود والمسيحيين – هذا وطن الجميع”، وشدد على أن لجميع الأطراف الحق في “الحياة والحرية والسيادة والكرامة”.
وقال إن “الفظائع التي ارتكبتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر لن يتم العفو عنها أو تبريرها أبداً”، لكنه أضاف أنه “إذا كنت لا ترى السياق التاريخي، فإنك محكوم عليك بتكرار نفس المأساة مراراً وتكراراً”.
وتصاعدت التوترات أيضًا في الضفة الغربية المحتلة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية بالرصاص سائق سيارة فلسطينيًا أصاب أربعة أشخاص في هجوم دهس مزعوم.
وشهدت حرب غزة تصاعد العنف في أماكن أخرى في أنحاء الشرق الأوسط، حيث تشن إسرائيل منذ فترة طويلة حرب ظل مع خصمها اللدود إيران والجماعات المسلحة المتحالفة معها.
وتبادلت إسرائيل إطلاق النار بكثافة عبر الحدود مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران وقالت الجمعة إنها ضربت مرة أخرى أهدافا هناك ردا على إطلاق صواريخ.
أعلنت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أن اثنين من مقاتليها قتلا الجمعة في جنوب لبنان.
بور-AC-fz/jkb
