قصفت إسرائيل قطاع غزة يوم الجمعة، بعد نحو 12 أسبوعا من الحرب التي بدأت بهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بينما استضافت مصر وفدا من حماس لإجراء محادثات تهدف إلى إنهاء الصراع الذي دمر معظم الأراضي الفلسطينية المحاصرة.
ومع تحول مناطق شاسعة من شمال غزة إلى خراب ومهجورة إلى حد كبير، تركزت الغارات الجوية الإسرائيلية والقتال البري على المناطق الوسطى والجنوبية، مما دفع المزيد من الأسر النازحة إلى المناطق المزدحمة حول رفح بالقرب من الحدود المصرية.
وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن القتال العنيف حول وسط دير البلح وخان يونس، أكبر مدينة في الجنوب، دفع حوالي 100 ألف نازح جديد إلى رفح المكتظة بالفعل، حتى مع قصف أهداف هناك أيضًا.
وقام سكان رفح بتمشيط الأنقاض بحثا عن ناجين وجثث بعد الغارة الجوية القاتلة يوم الخميس.
وقال رجل محلي يدعى تيسير أبو العيش إنه كان في المنزل عندما “سمعنا انفجارا قويا وبدأ الحطام يتساقط علينا. وكانت بناتي يصرخن”.
وتسبب القصف المتواصل في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وأثار دعوات عالمية لوقف إطلاق النار مع تصاعد القلق بشأن المصير الرهيب للفلسطينيين الذين يعانون من الجوع والنوم في ملاجئ مؤقتة في أشهر الشتاء الباردة.
وبعد غارة أخرى، في دير البلح، بكت الأم الثكلى، سهير ناصر، وهي تحتضن جثتي طفليها التوأم، قائلة إن “المنزل تعرض للقصف وسقط الحطام على الأطفال في 28 ديسمبر/كانون الأول، عيد ميلادهم”.
وقال الجيش إنه “قضى على عشرات الإرهابيين” في أنحاء غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية و”يوسّع عملياته في خان يونس”، مسقط رأس زعيم حماس في غزة يحيى السنوار.
وكان مسلحون من حركة حماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة “إرهابية”، قد شنوا هجوما في 7 تشرين الأول/أكتوبر أدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
كما احتجز المسلحون الفلسطينيون نحو 250 رهينة، ما زال أكثر من نصفهم محتجزين داخل منطقة الحرب، ويعتقد أن بعضهم مات.
وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ ذلك الحين إلى مقتل ما لا يقل عن 21507 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة التي تسيطر عليها حماس.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن 168 جنديا قتلوا داخل غزة.
أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الجمعة، أنها أطلقت وابلا جديدا من الصواريخ على جنوب إسرائيل.
– مهاجمة قافلة للأمم المتحدة –
أدى الحصار الإسرائيلي المفروض بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، بعد سنوات من الحصار الخانق، إلى حرمان سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة من الغذاء والماء والوقود والدواء.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 80 بالمائة من سكان غزة نزحوا من منازلهم، ويعيش العديد منهم الآن في ملاجئ ضيقة أو خيام حول رفح.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن 308 أشخاص كانوا يبحثون عن مأوى في منشآتها قتلوا.
وأعرب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث عن أسفه “للوضع المستحيل بالنسبة لسكان غزة ولأولئك الذين يحاولون مساعدتهم”.
وكتب يوم الجمعة على موقع X، تويتر سابقا: “هل تعتقد أن إدخال المساعدات إلى غزة أمر سهل؟ فكر مرة أخرى”.
وقالت الأونروا إن قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة تعرضت لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي دون وقوع إصابات.
ولم يتم تخفيف حدة النقص الحاد إلا بشكل متقطع من خلال دخول قوافل المساعدات الإنسانية عبر مصر في المقام الأول.
وصلت شاحنة محملة بالأغذية الطازجة، بما في ذلك اللحوم والبيض والفواكه، إلى سوق رفح يوم الجمعة، مما جلب بعض الراحة.
وقال البائع منتصر الشاعر “هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها البيض وبعض أنواع الفاكهة إلى غزة من مصر”.
“جميع أنواع الفاكهة مفقودة في الأسواق. هناك بعض أنواع الخضار لكنها باهظة الثمن بالفعل.”
– خطة هدنة القاهرة –
وبينما تعهدت إسرائيل مراراً وتكراراً بتدمير حماس، اقترحت القاهرة خطة تتضمن وقف إطلاق النار متجدداً، والإفراج التدريجي عن الرهائن للسجناء الفلسطينيين، وإنهاء الحرب في نهاية المطاف، حسبما تقول مصادر قريبة من حماس.
وقال مسؤول في حماس لفرانس برس شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الوفد “سيقدم رد الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك عدة ملاحظات” بشأن الاقتراح الذي قدمته مصر مؤخرا إلى حماس والجهاد الإسلامي.
وقال المسؤول ان حماس ستسعى للحصول على “ضمانات لانسحاب عسكري اسرائيلي كامل” من غزة.
وبالنظر إلى غزة ما بعد الحرب، ينص الاقتراح على تشكيل حكومة فلسطينية من التكنوقراط بعد محادثات تشمل “جميع الفصائل الفلسطينية”، والتي ستكون مسؤولة عن حكم القطاع وإعادة بنائه.
ولم تعلق إسرائيل رسميا بعد على خطة القاهرة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال لعائلات الرهائن يوم الخميس “نحن على اتصال” مع الوسطاء المصريين ووعد “بأننا نعمل على إعادتهم جميعا”.
وقال ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية إن الخطة “تهدف إلى جمع وجهات نظر جميع الأطراف المعنية بهدف وقف إراقة الدماء الفلسطينية”.
وفي تل أبيب، تظاهر المئات يوم الخميس للمطالبة بوقف إطلاق النار.
وقال أحد المتظاهرين، وهو مدرس إيتاي إيال (51 عاما)، إن “الإسرائيليين والفلسطينيين والمسلمين واليهود والمسيحيين – هذا وطن الجميع”، وشدد على أن جميع الأطراف لها الحق في “الحياة والحرية والسيادة والكرامة”.
وقال إن “الفظائع التي ارتكبتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر لن يتم العفو عنها أو تبريرها أبداً”، لكنه أضاف أنه “إذا كنت لا ترى السياق التاريخي، فإنك محكوم عليك بتكرار نفس المأساة مراراً وتكراراً”.
وتصاعدت التوترات أيضًا في الضفة الغربية المحتلة، حيث قتلت القوات الإسرائيلية بالرصاص سائق سيارة فلسطينيًا أصاب أربعة أشخاص في هجوم دهس مزعوم.
وشهدت حرب غزة أيضًا تصاعد أعمال العنف في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، حيث تشن إسرائيل منذ فترة طويلة حرب ظل مع خصمها اللدود إيران والجماعات المسلحة المتحالفة مع طهران.
وتبادلت القوات الإسرائيلية إطلاق النار بكثافة عبر الحدود مع حزب الله اللبناني المدعوم من إيران منذ اندلاع الحرب في غزة.
وقال الجيش يوم الجمعة إنه ضرب “البنية التحتية لحزب الله في جنوب لبنان” بعد إطلاق صواريخ من هناك.
أعلن الجيش الأميركي أن سفينة حربية أميركية أسقطت طائرة مسيرة وصاروخاً باليستياً مضاداً للسفن أطلقه المتمردون الحوثيون المدعومين من إيران، الخميس، في اليمن.
واستهدف الحوثيون بشكل متكرر السفن في الممر الملاحي الحيوي في البحر الأحمر بضربات يقولون إنها لدعم الفلسطينيين في غزة.
